من مفهوم السلطة السياسية (1 من 2)
لقد أصبح مفهوم السلطة اليوم من أهم المفاهيم السياسية وأكثرها شيوعا وتداولا في العالم. ولكن الحقيقة بالرُغم من شيوع هذا المصطلح إلا أنه لا يزال غامض وغير واضح المعالم خصوصا في الدول النامية. وبالرُغم من أهميته وضرورته في تكوين الدول وبناء المجتمعات الا أنه لم ينال حقه من البحت والدراسة العلمية المتخصصه في فكرنا الاسلامي المعاصر. وهذا الامر قاد وللإسف الشديد الي الخلط المقصود أوغير المقصود بين معنى هذا المصطلح ومصطلحات سياسية اخري سهلت عملية إستغلاله وتوظيفه لخدمة النخب الحاكمة في هذه الدول. وعليه لقد أصبح في أعتقادي من الضروري الاهتمام به ومحاولة فهم مكوناته وطبيعته ووظائفه وضوابطه لكي يسهل إستخدامه الإستخدام العلمي المفيد, وحتى يستطيع كل من يريد أن يتعاطى السياسة التفريق بسهولة بينه وبين غيره من المفاهيم الآخري. ولعل من أهم الاسئلة التى يجب محاولة الإجابة عليها فى هذا الشأن الاتى:
1. ماهية السلطة؟
2. ما الفرق بين "السلطة" و "القوة" و "التأثير؟"
3. ماهو الفرق بين السلطة والتسلط؟
4. ماهى أهم وظائف السلطة؟
5. ماهي أهم شروط تحقيق السلطة؟
6. ماهي أهم أنواع السلطة؟
7. ماهي أهم المواقف تجاة السلطة؟
1. ماهية السلطة؟
2. ما الفرق بين "السلطة" و "القوة" و "التأثير؟"
3. ماهو الفرق بين السلطة والتسلط؟
4. ماهى أهم وظائف السلطة؟
5. ماهي أهم شروط تحقيق السلطة؟
6. ماهي أهم أنواع السلطة؟
7. ماهي أهم المواقف تجاة السلطة؟
أولا: ماهية السلطة
بداية لابد من الاشارة الي أن تعريف السلطة يعتمد بالدرجة الاولي علي الفرضيات الاساسية التى ينطلق منها الباحت في فهم هذا المصطلح لعل من أهمها: (1) الفرضية الاولي تنطلق من محاولة فهم السلطة علي انها "مقدرة." بمعني عندما يقول شخص ما ان هناك سلطة في دولة ما هذا يعني إن حُكام هذه الدولة لهم الاستطاعة علي أتخاد القرارات وتنفيد السياسات التى أقرها الشعب. و(2) الفرضية الثانية تنطلق من محاولة فهم السلطة علي انها "علاقة." بمعني عندما يقول شخص ما إن هناك سلطة في دولة ما هذا يعني بالدرجة الاولي وجود علاقة معينة بين الحاكم والمحكوم قائمة علي أساس إختيار الحاكم والقبول بما يقوم به. وبالرغم من أنه لا يوجد تعريف واحد مُحدد ومُتفق عليه لمعني مفهوم السلطة إلا أنه يمكن حصر معناها في (أ) مجموع الصلاحيات التى يُخولها الشعب للمسؤولين في الدولة. (ب) إختيار الشعب للأداة السياسية التى تحدد نوع وطبيعة هذه الصلاحيات. و(ج) شمول هذه الصلاحيات علي حق المسؤولين في إتخاد القرارات وإصدار الآوامر المُلزمة للجميع.
ثانيا: الفرق بين "السلطة" و "القوة" و "التاثير"
عند الحديت عن العلاقة بين هذه المصطلحات الثلاث يمكن القول بأن القوة هى العنصر الأساسي والقاسم المشترك لكل من السلطة والتاثير. هذا يعني أن السلطة هي الاستخدام المشروع للقوة وإن القوة هي شرط أساسي وضرورة لتحقيق الحكم. بمعني لكى يكون الحُكم في أي دولة ناجحا وعادلا لابد ان تتحول القوة في المجتمع الي سلطة ولابد ان تتجسد هذه السلطة في شكل مؤسسات دستورية. أما التاثير فهو نوع آخر من أنواع القوة ولكن بإسلوب غير مباشر وفي بعض الاحيان قد يكون غير رسمي. بإختصار شديد يمكن القول بان القوة هي العنصر الأساسي والمُحرك الضروري لكل أبعاد السياسة في كل مجتمع ويمكننا تشبيه عنصر"القوة" ودوره في علم السياسة بعنصر "الطاقة" ومكانته في العلوم الطبيعية. وما أعنيه بالقوة هنا هو مقدرة الانسان علي إقناع أوإجبار الآخرين للقيام بشىء ليس بإمكانهم القيام به دون ذلك. ومن هذا الفهم يمكن إعتبار كل من السلطة والتاثير مظهرين من مظاهر القوة وإنعكاساتها في المجتمع. وبمعني آخر يمكن تجسيد عنصر القوة في عدة مظاهر وأشكال. ففي الوقت الذي ينظر البعض فيه للقوة من خلال شكلها الرسمى -- وهو السلطة , قد يراها آخرون في شكلها الغير رسمي – وهو التاثير, وقد يراها فريق ثالث في شكل الغلبة والقهر -- وهو التسلط , وقد يراها فريق رابع في شكل الكفاءة والحجة والعلم – وهو المعرفة. والخلاصة هنا هو أنه علي كل من يريد ان يتعاطى السياسة أن يعي بأن القوة هي فى الاصل أذاة محايدة يمكن تسخيرها للخير أوإستخدامها للشر وهذا الإستخدام يتوقف علي من يملكها. وعليه فعلي من يريد ان يتعاطى السياسة ان يدرك بان أداة القوة قد أصبحت ضرورة لابد منها لكل من يريد ان يحقق أهدافه مهما كانت هذه الأهداف. ولهذا نجد القرآن الكريم يآمر المسلمين بإعداد كل ما يستطيعوا من قوة والإستعداد لكل التحديات المستقبلية والآخد بكل الوسائل والأسباب الممكنة والمشروعة. يقول الله تعالي في هذا الصدد: "وأعدوا لهم ما أستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوا الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ..." (الأنفال , 60). وفي وصف دور الحديد (كرمز للقوة) في تحقيق العدل بين الناس يقول تعالي "لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ..." (الحديد , 25).
ثالثا: الفرق بين "السلطة" و "التسلط"
وهنا لابد من التاكيد بان السلطة تقوم علي أساس حق الإختيار وهو حق دستوري للمسؤولين في الدولة لتمكينهم من صنع وتنفيد وتفسير القوانين والسياسات نيابة عن الشعب. بمعني السلطة تعني حق المسؤولين في الحكم وفقا للقانون. أما التسلط فهو يقوم علي أساس السيطرة والغلبة والإغتصاب والإكراه والسعي لإمتلاك كل أدوات القوة لتحقيق الهيمنة والإستمرار في الحكم مهما كلف الثمن. ويوجد التسلط في المجتمع عندما يضع حاكم الدولة نفسه فوق الجميع ويعطى لنفسه حق صنع وتنفيد وتفسير القوانين دون رقيب ولاحسيب علي تصرفاته وسلوكياته. بمعني يمكن فهم التسلط علي انه عملية إكراه غير مشروع ومرفوض من قِبل الاغلبية الساحقة من أبناء الشعب. وبمعني آخر في الوقت الذي تكون فيه السلطة مرتبطة دائما بالمشروعية التي أساسها الاختيار والقبول , يقوم التسلط علي أساس الإكراه ويهدف الي الاجبار والخضوع والهيمنة الغير مشروعة. عليه - وبناءا علي ما سبق - يمكن القول بان كل ماهو سائد اليوم في الدولة الليبية لا يمكن وصفه بــــ"سلطة شعب" كما يدعى القدافي وأنصاره وإنما من العدل والإنصاف ان يُطلق عليه الـــ"تسلط علي الشعب" وذلك لان الحكم في ليبيا اليوم لا يقوم علي المشروعية الدستورية ولاعلي حق الإختيار ولاعلي مبذأ تداول السلطة. فعلي سبيل المثال في الوقت الذي يدخل فيه حكم القدافي عامه الواحد والأربعين نجد إن السلطة في الولايات المتحدة الامريكية قد تم تداولها ثمانية رؤساء -- ثلاث منهم إستمر حكمهم لمدة ثمانية سنوات. فهل يُعقل أن تتاح فرصة لشخص مثل القدافي ليحكم اكثر من أربعين عام ويقبل به شعبه رغم الدمار والفساد الذى حققه؟ وهل يُعقل ان يوصف هذا الحُكم بانه يقوم علي مبدأ سلطة الشعب؟ وهل يُصدق إن هذا الشعب الطيب قد إختار هذا المصير ورضى بهذه النتائج وهو يملك – كما يدعي القدافي - السلطة والثروة والسلاح؟ أناعلي يقين بان إجابة كل مواطن ليبي شريف هي بالطبع لا.
رابعا: وظيفة السلطة
لعلنا نتفق بانه من أهم طبائع السلطة إنها ضرورية ولا بديل عنها فى كل مجتمع. فكل الافراد والانظمة السياسية في كل المجتمعات يحتاجون الي درجة من السلطة بشرط الا تكون مفروضة ولا مقبولة قبول أعمى وان تكون صلاحياتها محدودة. فالسلطة بمعني آخر ضرورة إجتماعية لكل تجمع بشرى يرغب النهوض والتقدم والإستقرار ولايمكن تصور مجتمع بدون نظام ولا وجود دولة بدون سلطة. ولعل من أهم ما تقوم به السلطة في الدولة الحديتة والمتقدمة اليوم الآتي: (1) منع الاستبداد: بمعني في النظام الشرعي الدستوري لا يجوز للحاكم مهما كانت مكانته ان يستبد برأيه وما السلطة الا اداة رئيسية وضرورية للقضاء علي الاستبداد. (2) تمكين القيم: بمعني إن القيم هى الاساس والارض الخصبة لكل سلطة مشروعة وهي أيضا المُكون الضروري للثقافة السياسية في المجتمع. وان أهم وظائف السلطة هو تمكين القيم التى يؤمن بها الشعب كمبدأ إختيار الحاكم وحق عزله وتأسيس نظام حُكم عادل في الدولة (3) الرقابة الاجتماعية: بمعني ان السلطة تستلزم ممارسة الرقابة الاجتماعية عن طريق تحديد ووضوح المعالم بين الحاكم والمحكوم. (4) تنظيم المجتمع: بمعني إن السلطة توجد في الجماعات البشرية المنظمة فقط وماعدا ذلك فليس بسلطة وانما تسلط. وبمعني آخر يمكن القول أنه لن يكون هناك سلطة إذا لم يوجد تنظيم ولا وجود للسلطة في خارج الإطر التي تأسست فيها والثقافة التى أنتجتها. (5) الهيمنة المشروعة: بمعني لابد من وجود السلطة لكي يتم تطبيق مبدأ الولاء والطاعة ويتحقق مبدأ العدل الإجتماعي وتستطيع الدولة معاقبة كل الخارجين عن القانون. و(6) التعائش السلمي: بمعني إن ضرورة الاجتماع البشرى يفرض وجود أداة لكيفية تعائش الجماعات والشعوب والقبائل مع بعض البعض بإسلوب سلمي وحضاري. وبالتالى فلا بديل عن وجود سلطة قائمة على الاتفاق والاختيار وتملك آليات قادرة علي صنع القرارات المُلزمة للجميع وبدون تفريق ولا تمييز. وعليه يمكن القول بان السلطة هي الاداة السياسية الوحيدة التى ستُمكن الشعوب والقبائل من التعارف والتقارب والتعاون مع بعضهم البعض والسعي لتخقيق الخير والامن والسلام لهم جميعا. ولهذا نجد القران الكريم يدكرنا بطبيعة الانسان وهدفه وكيف يجب التعامل مع غيره في قوله تعالي "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم" (الحجرات , 13).
فى الجزء الثاني من هذا المقال باذن الله سوف أحاول تسليط بعض الضوء على شروط تحقيق السلطة وأنواعها ومواقف المواطنيين تجاهها....
يتبع ...
بداية لابد من الاشارة الي أن تعريف السلطة يعتمد بالدرجة الاولي علي الفرضيات الاساسية التى ينطلق منها الباحت في فهم هذا المصطلح لعل من أهمها: (1) الفرضية الاولي تنطلق من محاولة فهم السلطة علي انها "مقدرة." بمعني عندما يقول شخص ما ان هناك سلطة في دولة ما هذا يعني إن حُكام هذه الدولة لهم الاستطاعة علي أتخاد القرارات وتنفيد السياسات التى أقرها الشعب. و(2) الفرضية الثانية تنطلق من محاولة فهم السلطة علي انها "علاقة." بمعني عندما يقول شخص ما إن هناك سلطة في دولة ما هذا يعني بالدرجة الاولي وجود علاقة معينة بين الحاكم والمحكوم قائمة علي أساس إختيار الحاكم والقبول بما يقوم به. وبالرغم من أنه لا يوجد تعريف واحد مُحدد ومُتفق عليه لمعني مفهوم السلطة إلا أنه يمكن حصر معناها في (أ) مجموع الصلاحيات التى يُخولها الشعب للمسؤولين في الدولة. (ب) إختيار الشعب للأداة السياسية التى تحدد نوع وطبيعة هذه الصلاحيات. و(ج) شمول هذه الصلاحيات علي حق المسؤولين في إتخاد القرارات وإصدار الآوامر المُلزمة للجميع.
ثانيا: الفرق بين "السلطة" و "القوة" و "التاثير"
عند الحديت عن العلاقة بين هذه المصطلحات الثلاث يمكن القول بأن القوة هى العنصر الأساسي والقاسم المشترك لكل من السلطة والتاثير. هذا يعني أن السلطة هي الاستخدام المشروع للقوة وإن القوة هي شرط أساسي وضرورة لتحقيق الحكم. بمعني لكى يكون الحُكم في أي دولة ناجحا وعادلا لابد ان تتحول القوة في المجتمع الي سلطة ولابد ان تتجسد هذه السلطة في شكل مؤسسات دستورية. أما التاثير فهو نوع آخر من أنواع القوة ولكن بإسلوب غير مباشر وفي بعض الاحيان قد يكون غير رسمي. بإختصار شديد يمكن القول بان القوة هي العنصر الأساسي والمُحرك الضروري لكل أبعاد السياسة في كل مجتمع ويمكننا تشبيه عنصر"القوة" ودوره في علم السياسة بعنصر "الطاقة" ومكانته في العلوم الطبيعية. وما أعنيه بالقوة هنا هو مقدرة الانسان علي إقناع أوإجبار الآخرين للقيام بشىء ليس بإمكانهم القيام به دون ذلك. ومن هذا الفهم يمكن إعتبار كل من السلطة والتاثير مظهرين من مظاهر القوة وإنعكاساتها في المجتمع. وبمعني آخر يمكن تجسيد عنصر القوة في عدة مظاهر وأشكال. ففي الوقت الذي ينظر البعض فيه للقوة من خلال شكلها الرسمى -- وهو السلطة , قد يراها آخرون في شكلها الغير رسمي – وهو التاثير, وقد يراها فريق ثالث في شكل الغلبة والقهر -- وهو التسلط , وقد يراها فريق رابع في شكل الكفاءة والحجة والعلم – وهو المعرفة. والخلاصة هنا هو أنه علي كل من يريد ان يتعاطى السياسة أن يعي بأن القوة هي فى الاصل أذاة محايدة يمكن تسخيرها للخير أوإستخدامها للشر وهذا الإستخدام يتوقف علي من يملكها. وعليه فعلي من يريد ان يتعاطى السياسة ان يدرك بان أداة القوة قد أصبحت ضرورة لابد منها لكل من يريد ان يحقق أهدافه مهما كانت هذه الأهداف. ولهذا نجد القرآن الكريم يآمر المسلمين بإعداد كل ما يستطيعوا من قوة والإستعداد لكل التحديات المستقبلية والآخد بكل الوسائل والأسباب الممكنة والمشروعة. يقول الله تعالي في هذا الصدد: "وأعدوا لهم ما أستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوا الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ..." (الأنفال , 60). وفي وصف دور الحديد (كرمز للقوة) في تحقيق العدل بين الناس يقول تعالي "لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ..." (الحديد , 25).
ثالثا: الفرق بين "السلطة" و "التسلط"
وهنا لابد من التاكيد بان السلطة تقوم علي أساس حق الإختيار وهو حق دستوري للمسؤولين في الدولة لتمكينهم من صنع وتنفيد وتفسير القوانين والسياسات نيابة عن الشعب. بمعني السلطة تعني حق المسؤولين في الحكم وفقا للقانون. أما التسلط فهو يقوم علي أساس السيطرة والغلبة والإغتصاب والإكراه والسعي لإمتلاك كل أدوات القوة لتحقيق الهيمنة والإستمرار في الحكم مهما كلف الثمن. ويوجد التسلط في المجتمع عندما يضع حاكم الدولة نفسه فوق الجميع ويعطى لنفسه حق صنع وتنفيد وتفسير القوانين دون رقيب ولاحسيب علي تصرفاته وسلوكياته. بمعني يمكن فهم التسلط علي انه عملية إكراه غير مشروع ومرفوض من قِبل الاغلبية الساحقة من أبناء الشعب. وبمعني آخر في الوقت الذي تكون فيه السلطة مرتبطة دائما بالمشروعية التي أساسها الاختيار والقبول , يقوم التسلط علي أساس الإكراه ويهدف الي الاجبار والخضوع والهيمنة الغير مشروعة. عليه - وبناءا علي ما سبق - يمكن القول بان كل ماهو سائد اليوم في الدولة الليبية لا يمكن وصفه بــــ"سلطة شعب" كما يدعى القدافي وأنصاره وإنما من العدل والإنصاف ان يُطلق عليه الـــ"تسلط علي الشعب" وذلك لان الحكم في ليبيا اليوم لا يقوم علي المشروعية الدستورية ولاعلي حق الإختيار ولاعلي مبذأ تداول السلطة. فعلي سبيل المثال في الوقت الذي يدخل فيه حكم القدافي عامه الواحد والأربعين نجد إن السلطة في الولايات المتحدة الامريكية قد تم تداولها ثمانية رؤساء -- ثلاث منهم إستمر حكمهم لمدة ثمانية سنوات. فهل يُعقل أن تتاح فرصة لشخص مثل القدافي ليحكم اكثر من أربعين عام ويقبل به شعبه رغم الدمار والفساد الذى حققه؟ وهل يُعقل ان يوصف هذا الحُكم بانه يقوم علي مبدأ سلطة الشعب؟ وهل يُصدق إن هذا الشعب الطيب قد إختار هذا المصير ورضى بهذه النتائج وهو يملك – كما يدعي القدافي - السلطة والثروة والسلاح؟ أناعلي يقين بان إجابة كل مواطن ليبي شريف هي بالطبع لا.
رابعا: وظيفة السلطة
لعلنا نتفق بانه من أهم طبائع السلطة إنها ضرورية ولا بديل عنها فى كل مجتمع. فكل الافراد والانظمة السياسية في كل المجتمعات يحتاجون الي درجة من السلطة بشرط الا تكون مفروضة ولا مقبولة قبول أعمى وان تكون صلاحياتها محدودة. فالسلطة بمعني آخر ضرورة إجتماعية لكل تجمع بشرى يرغب النهوض والتقدم والإستقرار ولايمكن تصور مجتمع بدون نظام ولا وجود دولة بدون سلطة. ولعل من أهم ما تقوم به السلطة في الدولة الحديتة والمتقدمة اليوم الآتي: (1) منع الاستبداد: بمعني في النظام الشرعي الدستوري لا يجوز للحاكم مهما كانت مكانته ان يستبد برأيه وما السلطة الا اداة رئيسية وضرورية للقضاء علي الاستبداد. (2) تمكين القيم: بمعني إن القيم هى الاساس والارض الخصبة لكل سلطة مشروعة وهي أيضا المُكون الضروري للثقافة السياسية في المجتمع. وان أهم وظائف السلطة هو تمكين القيم التى يؤمن بها الشعب كمبدأ إختيار الحاكم وحق عزله وتأسيس نظام حُكم عادل في الدولة (3) الرقابة الاجتماعية: بمعني ان السلطة تستلزم ممارسة الرقابة الاجتماعية عن طريق تحديد ووضوح المعالم بين الحاكم والمحكوم. (4) تنظيم المجتمع: بمعني إن السلطة توجد في الجماعات البشرية المنظمة فقط وماعدا ذلك فليس بسلطة وانما تسلط. وبمعني آخر يمكن القول أنه لن يكون هناك سلطة إذا لم يوجد تنظيم ولا وجود للسلطة في خارج الإطر التي تأسست فيها والثقافة التى أنتجتها. (5) الهيمنة المشروعة: بمعني لابد من وجود السلطة لكي يتم تطبيق مبدأ الولاء والطاعة ويتحقق مبدأ العدل الإجتماعي وتستطيع الدولة معاقبة كل الخارجين عن القانون. و(6) التعائش السلمي: بمعني إن ضرورة الاجتماع البشرى يفرض وجود أداة لكيفية تعائش الجماعات والشعوب والقبائل مع بعض البعض بإسلوب سلمي وحضاري. وبالتالى فلا بديل عن وجود سلطة قائمة على الاتفاق والاختيار وتملك آليات قادرة علي صنع القرارات المُلزمة للجميع وبدون تفريق ولا تمييز. وعليه يمكن القول بان السلطة هي الاداة السياسية الوحيدة التى ستُمكن الشعوب والقبائل من التعارف والتقارب والتعاون مع بعضهم البعض والسعي لتخقيق الخير والامن والسلام لهم جميعا. ولهذا نجد القران الكريم يدكرنا بطبيعة الانسان وهدفه وكيف يجب التعامل مع غيره في قوله تعالي "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم" (الحجرات , 13).
فى الجزء الثاني من هذا المقال باذن الله سوف أحاول تسليط بعض الضوء على شروط تحقيق السلطة وأنواعها ومواقف المواطنيين تجاهها....
يتبع ...
والله المستعان.
د. محمد بالروين
Berween@hotmail.com
No comments:
Post a Comment