أهم الشروط التى يجب توافرها فى السياسى المسلم
فى الجزء الاول من هذا المقال حاولت تسليط بعض الضوء على معنى السياسة ومكوناتها وبالتحديد الاجابة على الاسئلة: ما هى السياسة؟ ما هى أهم خصائص (أوأبعاد) السياسة؟ وماذا تعنى السياسة من منظور إسلامى؟ وفى الجزء الثانى حاولت الاجابة على السؤال: ما هى أهم الثوابت فى السياسة الاسلامية؟ وفى الجزء الثالت حاوت الاجابة على السؤال: ما هى أهم المتغيرات فى السياسة الاسلامية؟ أما فى هذا الجزء الرابع (والآخير) من هذا المقال فسوف يرتكز حديتى على أهم الشروط التى ينبغى ان يتحلى بها السياسى المسلم وكيف يجب أن يتعامل مع واقعه
من كل ما تقدم فى هذا المقال يمكن ان نستنتج مجموعة من المبادىء والأسس التى لابد على كل من يريد الخوض فى مجال السياسة (ويريد ان يدرك كل أبعادها الداخلية والخارجية) ان يعيها ويفهمها وينطلق منها ولعل من أهمها المبادى الاتى:
وذلك لان الاسلام جعل الاهتمام بأمر المسلمين ضرورة وواجب على كل مسلم ومسلمة. وفى هذا الشأن يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم: "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم." وعليه فعلى كل سياسى مسلم ان يلتزم بمبادى الاسلام فى الاقوال والافعال والسلوكيات, وان ينظر الى كل أعماله السياسية على انها عبادة يتقرب بها الى الله عز وجل.
هذا يعنى ببساطة جدا ان الرجل السياسى فى الاسلام هو خادما لقومه وراعيا لمصالحهم. وان يقتنع بأن تحقيق السيادة والقيادة لن تتحقق له الا اذا خدم الناس وتواضع لهم استجابة لقول رسولنا صلى الله عليه وسلم: "خادم القوم سيدهم" وقوله: "من تواضع لله رفعه."
(3)السياسة فى الاسلام "شورى:"
بمعنى ان تتم ممارسة السياسة باسلوب شورى استجابة لقول الله تعالى: "وأمرهم شورى بينهم." وعليه يجب ان تتم سياسة المسلمين (بل وجميع أمورهم) على أساس مبدا الاختيار ومشاركة كل أبناء الشعب فى أخد القرارات وتقرير مصير الامة.
بمعنى ان تتم ممارسة السياسة باسلوب شورى استجابة لقول الله تعالى: "وأمرهم شورى بينهم." وعليه يجب ان تتم سياسة المسلمين (بل وجميع أمورهم) على أساس مبدا الاختيار ومشاركة كل أبناء الشعب فى أخد القرارات وتقرير مصير الامة.
وهذا يعنى ان تعاطى السياسة عند كل العقلاء والكثير من السياسيين لا يعنى مجرد الحديت على نظرياتها وأفكارها وقيمها وممارستها وانما يشمل أيضا واقعها وبيئتها وزمانها. فالواقع الذى تنطلق منه السياسة هو الذى سيعكس طبيعتها, والبيئة التى نمت فيها السياسة هى التى ستحدد أهدافها, والوقت الذى حدتت فيه السياسة هو الذى سيشكل لونها. ولعله من المناسب هنا هو ان أسلط بعض الضوء حول مفهوم السياسة المنطلقة من واقعنا, والنامية فى بيئتنا, والمناسبة لزماننا, والساعية لتحقيق أهدافنا.
4. الايمان بان السياسة صراع من أجل القوة والنفود ومن أجل تمكين القيم فى المجتمع, بمعنى لابد على السياسى المسلم الواقعى أن يؤمن بأننا نحن اليوم نعيش فى عالم تسوده القوة ويحكمه الاقوياء, وان الضعفاء لا يستطيعون الاملاء. وعليه فلابد من السعى الدائم للحصول على كل ما هو مستطاع إستجابة لقول الله تعالى "وأعدوا لهم ما أستطعتم من قوة." ولابد ايضا من السعى الدائم لتقوية أنفسنا حتى نستطيع تحقيق كل ما نريد. وبالاضافة الى هذا كله لابد من الايمان بان الحق المنتزع بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
9. الوعى بكل ما يدور حولنا. بمعنى لابد على السياسى المسلم ان يمارس ما يمكن تسميته "بالذهاء السياسى" بشرط ان يكون هذا الذهاء فى حدود المستطاع والمباح. فالمسلم يجب ان يكون "كيس فطن" كما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه. ولعل خير مثال فى هذا السياق هو ما قاله سيدنا على كرم الله وجهه لعمرو بن العاص بعد نتيجة التحكيم, اذ قال له قولته المشهورى: "والله يا عمرو... لولا الاسلام ... لكنت أذهى العرب."
10. الابتعاد عن المثالية الزائدة من جهة, وعن الواقعية الانانية التى تبيح كل شىء من جهة أخرى. بمعنى يجب ان يكون شعارنا السياسى هو: "تعالوا نعمل معا: الكل من مكانه... والكل بما يستطيع."
لعله من المناسب ان أختم هذا المقال بدعوة كل سياسى وطنى مخلص فى داخل الوطن وخارجه, والى كل من يريد أن يتعاطى السياسة, أن يبدل كل ما لديه من طاقات وامكانيات من أجل إعادة الوجه الجميل لهذا النوع من السياسة فى الساحتين المحلية والدولية. وذلك بأن يكون وبالدرجة الاولى سياسى عادل وأخلاقى وواقعى. وان يؤمن بالمنهج العلمى فى الدراسة والتحليل ... وان يمارس العملية فى التعاطى مع كل الاحدات التى تواجه شعبنا وامتنا ... وأن يدرك جيدا بإن التفريط فى دراسة وفهم التحديات التى يعيشها والقصور فى معرفة الواقع المحيط به سوف يؤدى الى الفشل فى تحقيق الاهداف التى يسعى اليها. والاهم من كل ذلك هو أن يؤمن بان السياسى الواقعى ليس هوالذي يستسلم للواقع ... ولا الذى يبيح كل شىء من أجل تحقيق مصالحه ... ولا الذى يعيش الاحلام ... ويتباكى على الاطلال ... ويتحدت على بطولات الماضى ... ولا الذى يقرأ التاريخ ليعيد كتابته من جديد... وانما السياسى الواقعى الحقيقى هو الذى يفهم واقعه ويتحداه ... ويعمل على تغييره للاحسن بكل ما أستطاع من قوة ... وهو الذى يستثمر كل الامكانيات ... ويوظف كل الجهود ... ويستخدم كل الوسائل المشروعة ... من أجل تحقيق اهدافه المنشودة... ومن أجل مواكبت الشعوب المتقدمة ... هذه هى سنة من سنن الحياة ... وهذاهو جوهر السياسة ... وهكذا ينبغى أن نسير ... فهلموا بنا يا شباب الاسلام لنعيد لأمتنا أمجادها المفقودة ومكانتها الطبيعية بين الدول القوية والمتقدمة ... ولنكن على يقين بانه : بالنوايا الصادقة ... والارادات القادرة ... والعمل الدؤوب ... سوف ننتصر ونتجاوز كل العراقيل والتحديات باذن الله. وعندئد سوف نصنع التاريخ الذى ستعتز به أجيالنا القادمة ...
وختاما أدعوا الله عز وجل أن أكون قد وفقت فى توضيح جانب من جوانب السياسة ...
والله المستعان
د. محمد بالروين
berween@hotmail.com
________________________
الهوامش
- أنظر مقال: عبد الرحمن الراشد "الواقعية السياسية." 5 سبتمبر 2002
http://www.asharqalawsat.com/leader.asp?section=3&issue=8682&article=122834
- أنظر كتاب: Ziegler, David W. (2000) “War, Peace, and International Politics.” New York: Longman, 8 edition.
- أنظر كتاب: Jacobsohn, John A. (1998) “An Introduction to Political Science.” New York: West/Wadsworth
- أنظر: IronMask ,8/07/2005 "لا تستغرب فكل هذا هو الحياة"
http://thisisthelifeiknow.blogspot.com/2005/08/blog-post_112337188334701014.htm l
No comments:
Post a Comment