Monday, February 19, 2024

غيبوبة النخب

 

 

غيبوبة النخب

"النخب مرآة المجتمعات وكيفما تكون تُحكم الدول."

"ونحن ... ازمتنا في نخبتنا."

د. محمـد بالروين

النخب في المجتمعات الحديثة هي مقياس الحيوية, وهي من يصنع قواعد السلوك الاجتماعي والسياسي ويغرسها في عقول المواطنين, وهي من يراقب الحكام والمسؤولين, وهي من يكشف العلل والامراض ويحاربها, وهي من يقوم بتوعية المواطن. اما النخب الحاكمة في وطني فهي  تعيش غيبوبة سياسية انستها انها منتخبة من الشعب ومن اجل خدمته, وانستها ان مدتها القانونية قد انتهت, وانستها انها غير قادرة علي الاستجابة للتحديات التي تواجه الوطن والمشاكل التي يعاني منها المواطن. بمعني اخر, ان النخب في وطني, وبكل اطيافها – الاسلامية, والعلمانية, والليبرالية, والقومية, والجهوية – تعيش اليوم غيبوبة سياسية ضارة بالوطن والمواطن. وفي اعتقادي لكي نفهم هذه الظاهرة المرضية ونشخصها , لابد من محاولة الاجابة علي الآتي:

ماهية النخبة السياسية؟                                                                                               ما المقصود بالغيبوبة السياسية؟ 

  الغيبوبة؟                                                                                              ما هي اعراض       اعراض هذه  أعراض هذه 


                                                                              ما هي  

أسباب هذه الغيبوبة؟

اولا: النخبة السياسية؟                                                                                 هي مجموعة من الاشخاص المسيطرين على آليات صنع القرار في الدولة, وهي العنصر الحاكم في المجتمع. وهي مجموعة صغيرة نسبيا من الذين يمتلكون قدرًا كبير من الثروة أو الامتيازات أو النفود اوالسلطة أو المهارة في المجتمع, ويعتقدون بأنهم يستحقون معاملة تفضيلية بحكم موقعهم السياسي, او ذكاءهم المعرفي, أو مكانتهم الاجتماعية, أو ثرواتهم المالية, او اختيار الشعب لهم.

ثانيا: الغيبوبة السياسية                                                                             المقصود بها هنا هي حالة فقدان الوعي وعدم قدرة النخب على التجاوب والتفاعل مع البيئة المحطة بها, مما يؤدي الي زيادة الهوة بينها وبين المواطن البسيط. وتصبح بذلك لا تبصر حقيقة الواقع المحيط بها ولا تذرك ما يدور حولها.

ثالثا: اعراض الغيبوبة السياسية                                                           للغيبوبة السياسية العديد من الاعراض لعل من اهمها: (1) اقتصار جهود النخب الحاكمة على الحفاظ على مصالحها وامتيازاتها الخاصة. (2) افتقار الساحة السياسية للنشاطات الفكرية والتنظيمة الفاعلة والمؤثرة في الحياة العامة. (3) عدم استعداد النخب التي فشلت, خلال السنوات الماضية, للابتعاد عن مواقع المسئولية وتمسكها بمناصبها واستعدادها لتحالف مع قوي دولية على حساب مطالب شعبها. (4) الفشل الكامل للبرلمان بسبب تعطيل جلساته وغياب نصابه, واستغلال رئيسه لسلطاته. (5) اصرار النخب الحاكمة علي عدم الاعتراف باخطائها والابتعاد عن التقييم الجدّي لنجاحها او فشلها. (6) الشعور المتزايد بين المواطنين بان النخب الحاكمة التي تسيطر علي مفاصل الدولة لا تمثل ارادته ولا تهتم بمطالبه. و(7) اقتناع الكثير من النشطاء بان الفشل والانهيار الذي تعيشه الدولة هذه الايام لم يكن نابعا – بالدرجة الاولي – من "الفرغ السياسي" الذي حدث  نتيجة انهيار منظومة حكم القدافي عام 2011, وانما هو نتيجة للاخطاء الكارثية التي ارتكبتها النخب الحاكمة في ادارة الازمة وحالة الغيبوبة السياسية التي تعيشها.

رابعا: أسباب الغيبوبة السياسية                                                            يمكن القول ان اغلب النحب في وطني تعيش حالة غيبوبة سياسية لاسباب عديدة لعل من اهمها: (1) غياب المشروع الوطني الموحد لكيفية مواجهة التحديات التي تواجه الوطن. بمعني اخر, تجاهل النخب الحاكمة اوعدم قدرتها على تبني اي مشروع وطني والدفاع عنه وخصوصاً في هذه المرحلة الانتقالية الحساسة والحرجة. (2) غياب الوعي الشعبي بخطورة التحديات التي تواجه الوطن, وعدم مقدرة النخب الحاكمة علي خلق وعي جديد يواكب التحديات ويساهم في حل المشاكل. بمعني اخر, لا تزال النحب تعتمد علي وعيها القديم وتستخدام في ادواتها القديمة, وفي هذا الشان يقول ألبرت إينشتاين "لا تستطيع ان تحل المشاكل الجديدة بوعي قديم." (3)  اثبتت النخب بكل شرائحها عدم قدرتها على بناء حالة من "تعددية سياسية" يتم من خلالها التنافس السلمي علي السلطة, وتمارس قواعد اللعبة الديمقراطية الحقيقية, ولا يتحول فيها الخصوم الي اعداء يحاول فيها القوي اقصاء الضعيف. و(4) بدلا من سعي النخب الحاكمة لتأسيس مؤسسات حديثة تقوم علي المقدرة والكفاءة والجدرة, والنزاهة, لجاءت للاسف الي الجهوية والقبلية واللاثنية والمحسوبية والمحاصصة, واعتبرتها المعايير الاساسية لإعادة تأسيس دولة (مدنية), مما زاد من تفككها وقاد الي ضياع الوطن.

الخلاصة

لعله من المناسب ان اختم هذا المقال بالتأكيد على الاتي:

أولا: من حيث المبدأ, ان ظاهرة النخب هي ظاهرة طبيعية موجودة في كل المجتمعات, وعليه يجب الا تكون مُغيبة , وان لا تختار العزلة, والا تتخلي عن دورها الطبيعي والريادي وخصوصا في الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن.

ثانيا: لابد ان نعترف بان النخبة الحاكمة قد عجزت, واتبتت انها غير قادرة على توفير الخدمات الأساسية للمواطن، ويمكن اعتبارها السبب الرئيسي في زيادة الفقر وعدم المساواة وترسيخ المحاصصة وانتشارالفساد بكل انواعه.

ثالثا: لا خيار امام النخب السياسية الا التصالح مع بعضها البعض, والسعي الي عقلنة الصراع وجعله تنافسي يقود الي اهداف مشترك. بمعني يجب ان يتحول الصراع بين النخب الي صراع بنّاء بدلا من صراع صفري - يحاول فيها كل طرف شيطنة الاخر والقضاء عليه. ويجب الا تتحول ليبيا الي دولة مُتخصصة في صناعة الكراهية وجميع فنون الاقتتال والدمار, وان يصبح من يحكم فيها هو من يملك البندقية لا القلم, وتكون الشرعية لمن ينتصر بصناديق الرصاص لا صناديق الاقتراع.

رابعا: على الجميع ان يدرك انه لا بديل امام النخب الحاكمة, اذا ارادة النجاح, الا ان تتبني هموم المواطن, وتعمل على حل مشاكله المعيشية العالقة, وتحاول ايجاد مشاريع تلامس طموحات جميع شرائح وفئات الشعب، وخصوصا الطبقات الهشة التي تعاني من الحرمان والتهميش والإقصاء.     

خامسا: لابد من الايمان بــ "ألية الانتخابات" واعتبارها الاداة الحقيقية التي ستعيد الثقة والحيويةِ الى الحياةِ العامة، والعمل على انتشال الوطنِ من حالةِ الغيبوبة التي تغرقُ فيها النخب الحاكمة. بمعني ان الانتخابات هي التي ستعلب دورًا مهمًا في اعادة تشكيل كيفية ممارسة النخب للسلطة ، وهي الآلية الرئيسية لتغيير سيطرة النخب على اجهزة الدولة.

سادسا واخيرا: على لبجميع ان يتذكر ان النخب الحاكمة في الانظمة الديمقراطية والدول المدنية, تتكون من أشخاص منتخبين من قبل الشعب وتمارس سلطاتها باسمه, وان الديمقراطية نظام نخبوي "جمهوري" تمارس فيه النخب السلطة باسم "الإرادة الشعبية."

في الختام, لابد على النخب الحاكمة ان تصحوا من غيبوبتها, وذلك لأن الوضع المعيشي للمواطن لم يعد يحتمل أي تأجيل, وآن الاوان ان ينتهي هذا العبث قبل فوات الوقت, وعند ذلك, لا سامح الله, سنفقد كل شي.

أخيرا يا احباب، لا تنسوا ان هذا مجرد راي،                                                                                فمن أتي براي أحسن منه قبلناه،                                                                                                       ومن أتي براي يختلف عنه احترمناه.

والله المستعان.

د. محمـد بالروين

 

 

 

 غيبوبة النخب

النخب مرآة المجتمعات وكيفما تكون تُحكم الدول.;
ونحن ... ازمتنا في نخبتنا
 
د. محمـد بالروين


النخب, في المجتمعات الحديثة, هي مقياس للحيوية, وهي من تصنع قواعد السلوك الاجتماعي والسياسي في الدولة, وهي من تراقب الحكام والمسؤولين, وهي من تكشف العلل والامراض في المجتمع ويحاربها. اما النخب الحاكمة في وطني فهي تعيش, هذه الايام, غيبوبة سياسية انستها انها منتخبة من الشعب ولخدمته, وانستها ان مدتها القانونية للبقاء في السلطة قد انتهت وانستها انها غير قادرة علي الاستجابة للتحديات التي تواجه الوطن والمشاكل التي يعاني منها المواطن. بمعني اخر, ان النخب في وطني, وبكل اطيافها – الاسلامية, والعلمانية, والليبرالية والقومية, والجهوية – تعيش حالة من الغيبوبة السياسية الضارة بالوطن والمواطن. وفي اعتقادي لكي نفهم هذه الحالة المرضية ونشخصها, لابد من الاجابة علي الآتي:

1. ماهية النخبة السياسية؟
2. ما المقصود بالغيبوبة السياسية؟
3. ما هي أعراض هذه الغيبوبة؟
4. ما هي أسباب هذه الغيبوبة؟
 
اولا: النخبة السياسية؟

هي مجموعة من الاشخاص المسيطرين على آليات صُنع القرار في الدولة, وهي العنصر
الحاكم في المجتمع. وهي مجموعة صغيرة نسبيا من الذين يمتلكون قدرًا كبير من الثروة أو
الامتيازات أو النفود اوالسلطة أو المهارة في المجتمع, ويعتقدون أنهم يستحقون معاملة تفضيلية بحكم موقعهم السياسي, او ذكاءهم المعرفي, أو مكانتهم الاجتماعية, أو ثرواتهم المالية, او اختيار الشعب لهم

ثانيا: الغيبوبة السياسية

هي حالة فقدان الوعي السياسي وعدم قدرة النخب على التجاوب والتفاعل مع البيئة المحطة بها مما يؤدي الي زيادة الهوة بينها وبين الاخرين وخصوصا المواطنين البسيطاء. وتصبح بذلك لا تبصر حقيقة الواقع المحيط بها ولا تذرك ما يدور حولها.

ثالثا: اعراض الغيبوبة السياسية

للغيبوبة السياسية العديد من الاعراض لعل من اهمها: (1) اقتصار جهود النخب الحاكمة على الحفاظ على مصالحها وامتيازاتها الخاصة. (2) افتقار الساحة السياسية للنشاطات الفكرية والتنظيمة الفاعلة والمؤثرة في الحياة العامة. (3) عدم استعداد النخب, التي فشلت خلال السنوات الماضية, للابتعاد عن مواقع المسئولية وتمسكها بمناصبها واستعدادها لتحالف مع اي قوي محلية او دولية لشرعنة وجودها. (4) الفشل الكامل للبرلمان بسبب تعطيل جلساته وغياب نصابه, واستغلال سلطاته. (5) اصرار النخب علي عدم الاعتراف باخطائها ورفض كل محاولات التقييم الجدّي لنجاحها او فشلها. (6) الشعور المتزايد بين المواطنين بان النخب الحاكمة التي تسيطر علي مفاصل الدولة لا تمثل ارادته ولا تهتم بمطالبه. و(7) اقتناع الكثير من النشطاء بان الفشل والانهيار الذي تعيشه الدولة هذه الايام انما هو نتيجة للاخطاء الكارثية التي ارتكبتها النخب الحاكمة في ادارة الازمة وحالة الغيبوبة السياسية التي تعيشها.

رابعا: أسباب الغيبوبة السياسية

يمكن القول ان اغلب النحب في وطني تعيش حالة غيبوبة سياسية لاسباب عديدة لعل من اهمها
 
(1) غياب المشروع الوطني الموحد لكيفية مواجهة التحديات التي تواجه المواطن. بمعني اخر تجاهل النخب الحاكمة اوعدم قدرتها على تبني مشروع وطني موحد والدفاع عنه وخصوصاً في هذه المرحلة الانتقالية الحساسة والحرجة. 
 
(2) غياب الوعي الشعبي بخطورة التحديات التي

تواجه الوطن, وعدم مقدرة النخب الحاكمة علي خلق وعي جديد يواكب التحديات ويساهم في حل المشاكل. بمعني اخر, لا تزال النحب تعتمد علي وعيها القديم وتستخدام في ادواتها القديمة وفي هذا الشان يقول ألبرت إينشتاين
 
لا تستطيع ان تحل المشاكل الجديدة بوعي قديم.; (3)
اثبتت النخب بكل شرائحها عدم قدرتها على بناء حالة من ;التعددية السياسية; التي يتم من
خلالها التنافس السلمي علي السلطة, وممارس قواعد اللعبة الديمقراطية التي لا يتحول فيها
الخصوم الي اعداء يحاول فيها القوي اقصاء الضعيف.
 
 و(4) بدلا من سعي النخب الحاكمة
لتأسيس مؤسسات حديثة تقوم علي المقدرة والكفاءة والجدرة والنزاهة, لجاءت للاسف الي
الجهوية والقبلية واللاثنية والمحسوبية والمحاصصة, واعتبرتها المعايير الاساسية لإعادة بناء الدولة, مما زاد من تفككها وقاد الي ضياع الوطن.
 
الخلاصة

لعله من المناسب ان اختم هذا المقال بالتأكيد على الاتي
:
أولا: من حيث المبدأ, ان ظاهرة النخب هي ظاهرة طبيعية موجودة في كل المجتمعات, وعليه يجب الا تكون مُغيبة , وان لا تختار العزلة, والا تتخلي عن دورها الطبيعي والريادي وخصوصا في الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن.

ثانيا: لابد ان نعترف بان النخبة الحاكمة قد عجزت, واتبتت انها غير قادرة على توفير
الخدمات الأساسية للمواطن، ويمكن اعتبارها السبب الرئيسي في زيادة الفقر وعدم المساواة وترسيخ المحاصصة وانتشارالفساد بكل انواعه.
 
ثالثا: لا خيار امام النخب السياسية الا التصالح مع بعضها البعض, والسعي الي عقلنة الصراع وجعله نافسي يقود الي اهداف مشترك. وبمعني اخر, يجب ان يتحول الصراع بين النخب الي صراع بنّاء بدلا من صراع صفري - يحاول فيها كل طرف شيطنة الاخر والقضاء عليهويجب الا تتحول ليبيا الي دولة مُتخصصة في صناعة الكراهية وجميع فنون الاقتتال والدمار وان يصبح من يحكم فيها هو من يملك البندقية لا القلم, وتكون الشرعية فيها لمن ينتصربصناديق الرصاص لا صناديق الاقتراع
.
رابعا: على الجميع ان يدرك انه لا بديل امام النخب الحاكمة, اذا ارادة النجاح, الا ان تتبني
هموم المواطن, وتعمل على حل مشاكله المعيشية العالقة, وتحاول ايجاد مشاريع تُلامس
طموحات جميع شرائح وفئات الشعب، وخصوصا الطبقات الهشة التي تعاني من الحرمان
والتهميش والإقصاء.
خامسا: لابد من الايمان بــ "ألية الانتخابات" واعتبارها الاداة الحقيقية التي ستعيد الثقة
والحيويةِ الى الحياةِ العامة، والعمل على انتشال الوطنِ من حالةِ الغيبوبة التي تغرقُ فيها النخب
الحاكمة. بمعني ان الانتخابات هي التي ستعلب دورًا مهمًا في اعادة تشكيل كيفية ممارسة
النخب للسلطة ، وهي الآلية الرئيسية لتغيير سيطرة النخب على اجهزة ومفاصل الدولة.
سادسا واخيرا: على الجميع ان يتذكر ان النخب الحاكمة في الانظمة الديمقراطية والدول
المدنية, تتكون من أشخاص منتخبين من قبل الشعب وتمارس سلطاتها باسمه, وان الديمقراطية
هي نظام نخبوي ;جمهوري; تمارس فيه النخب السلطة باسم الإرادة الشعبية.وفي الختام, لم يبق امام النخب الحاكمة الا ان تصحوا من غيبوبتها, وان تعي أن الوضع المعيشي للمواطن لم يعد يحتمل أي تأجيل, وانه قد آن الاوان ان ينتهي هذا العبث قبل ان
نفقد كل شي لا سامح الله.

أخيرا يا احباب، لا تنسوا ان هذا مجرد راي،
فمن أتي براي أحسن منه قبلناه،
ومن أتي براي يختلف عنه احترمناه.

والله المستعان.

د. محمـد بالروين

Thursday, February 15, 2024

د. محمد بالروين أسلمة الديمقراطية: المتطلبات السياسية للديمقراطية في العالم الإسلامي

 

أسلمة الديمقراطية:

المتطلبات السياسية للديمقراطية في العالم الإسلامي**

 

 

 

 

 

البروفسور محمـد عبد الرحمن بالروين

 

 

 

 

============

  **هذه ترجمة (غير حرفية) لورقة قدمت فى المؤتمر السنوى السابع لمركز لدراسة الاسلام والديمقراطية الذى إنعقد فى العاصمة الامريكية واشنطن فى 5 - 7 مايو, 2006. وثم نشرت فى مجلة قانون المجتمع المدنى الدولية, المجلد الرابع, العدد الثالث, يوليو,  2006, هذا وقد ثم نشرها فى العديد من المواقع الليبية, أنظر الرابط: 

http://www.tamiu.edu/~m~mbenruwin/Democracy_Islam1.htm                             

                                  

 

***

 

الموجز

لعله من المناسب ان أبدا هذه المقال بالتاكيدعلى أنه بالرغم من جاذبية مفهوم الديمقراطية في جميع أنحاء العالم الا انه   لا يزال غامض وصعب تحديد معناه بذقة. فهو حرفيا يعني "حكم الشعب." ولكن ماذا يعني هذا بالضبط هو أمرغير واضحة. في هذه المقالة سوف نعرف الديمقراطية على انها "النظام السياسي الذي يقوم على أساس مبدأ الاختيار وحق المنافسة واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون." وسوف أعرف عملية التحول الديمقراطي على انها العملية السياسية التى يثم بها تغييرأوإنتقال نظام  سياسي ما من الدكتاتورية  الى الديمقراطية.


وفي هذه المقالة أود القول بان هناك سبعة تحديات كبيرة أومتطلبات أساسية لأسلمة الديمقراطية في الدول الإسلامية. 

هذه المعايير أوالمتطلبات الضرورية هي: 

(1) تحقيق مبدا الاختيار. 

(2) إقامة الدولة الدستورية.  

(3) خلق المنافسة الحرة.  

(4) بناء مؤسسات قوية. 

(5) حل أزمة القيادة السياسية.  

(6) تجريد السياسة من العسكر أوعلى الاقل إنهاء التدخل العسكر  فى السياسة.

(7) إنهاء أوالحدّ من التأثير الخارجي.


فى هذا المقال اريد ان أوكد ايضا بانه لكى تنجح عملية أسلمة الديمقراطية في الدول الإسلامية لابد من السماح لكل الافراد والجماعات الإسلامية بالمشاركة وبحرية كاملة في العملية السياسية وبدون قيود ولا شروط. بمعنى ان عملية أسلمة الديمقراطية يجب أن تأتي من المسلمين انفسهم والا فانه لن يكتب لها النجاح.


وسوف أختم هذا المقال بالتأكيد على النقاط التالية: 

(1) لكى تنجح الديمقراطية في البلدان الإسلامية لابد من أسلمة هذا المصطلح. 

(2) ان أسلمة الديمقراطية هي أفضل الطرق لتحقيق الاستقرار في العالم الاسلامي والتخلص من أنواع التطرف.  

(3) ان الغالبية الساحقة  من الشعوب الاسلامية ترغب وتسعى من أجل تحقيق العدالة والحرية والسلام وبناء دولة المؤسسات.  

(4) لابد من الاعتراف بان عملية أسلمة الديموقراطية لا تزال فى بدايتها ولابد   من بدل كل الجهود من أجل تحقيقها.  

(5) ان عملية أسلمة الديمقراطية في الدول الاسلامية لن تكون سهلا ولامجانية. فالكثيرون من أبناء هذه الامة سوف يدخلوا السجون وبعضهم سوف يستشهد  على هذه الطريق, وان الطغاة سوف يكونوا أكثر وحشية.  

(6) وأخيرا إذا كان الغرب والولايات المتحدة فعلا مخلصين في دعمهم للحرية والديمقراطية في الدول الإسلامية، فلابد ان يتوقفواعن دعم الانظمة الدكتاتورية في هذه الدول، ولابد من فتح قنوات الحوار العلنى والغير مشروط مع الاسلاميين الذين يؤمنون بسيادة القانون وبدولة المؤسسات. وان تكون هذه الدول مستعدة لقبول والتعايش مع دول إسلامية عصرية متقدمة.

 

***


فى الحقيقة إن الجماهير المسلمة مثلهم في ذلك مثل كل الشعوب الاخرى تحب الحرية والمساواة والسلام والعدالة وتسعى للمطالبة بحقها فى المشاركة فى أتخاد القرار السياسى. ولكن معظمهم يعيشون اليوم مرحلة احباط وغضب لأنهم لا يتمتعون بهذه القيم في مجتمعاتهم. والسبب الرئيسي لهذا الغضب والإحباط هو إن الدول الإسلامية قد ثم حكمها منذ استقلالها من خلال أشكال مختلفة من الأنظمة الاستبدادية التى سيطرت على كل جوانب الحياة وحرمتهم من أبسط حقوقهم الانسانية. وعليه فان الغرض من هذه المقالة يتكون من شقين: 

الاول هو تحديد مفهوم الديمقراطية من منظور أسلامى. 

والثانى هو التأكيد والدعوة للاهتمام بالشروط والتحديات الاساسية               التى تواجه عملية أسلمة الديمقراطية اليوم في العالم الإسلامي.

 
أولا: المشكلة المفاهيمية - الديمقراطية والتحول الديمقراطي

في البداية اسمحوا لي أن أؤكد وكما ذكرت أعلاه على إنه بالرغم  من جاذبية مفهوم الديمقراطية في جميع أنحاء العالم الا انه لا يزال غامض وصعب تحديد معناه بدقة. فهو حرفيا يعني "حكم الشعب." ولكن ماذا يعني هذا بالضبط هو أمرغير واضح ولم يتم الاتفاق والإجماع عليه بعد. فعلى سبيل المثال في حين اننا نجد الرئيس الامريكى جيمس ماديسون, الذى يوصف بابو الدستور وأول عالم سياسة في أمريكا، قد وصف الديمقراطية في "الاتحادية رقم 10" كما يلي: "دائما... وجدت الديمقراطيات متعارضة مع الأمن الشخصي وحقوق الملكية. وبشكل عام فقد كانت قصيرا في حياتها كما كانت عنيفة في وفاتها"(راجع: جيمس ماديسون، الاتحادية رقم 10).

 

من جهة آخرى نجد الرئيس الامريكى ابراهام لينكون في أشهر خطاب له فى مدينة جيتيسبيرغ عام 1863 قدعرف الديمقراطية على أنها "حكم الشعب بالشعب, ومن اجل الشعب"(راجع: ماكلينيقون, 1993، ص 13). فمن هو الذى على صواب ياترى؟ ربما يكون تعريف السيد ونستون تشرشل رئيس الوزراء السابق في بريطانيا الذي قال ذات مرة:"إن الديمقراطية هي أسوأ شكل من أشكال الحكم باستثناء كل الاشكال الاخرى"(راجع: سورنسن، 1998، ص 117). أوربما يكون الفيلسوف الاشتراكى جورج بارنارد شو (1858 – 1950) الذى وصف الديمقراطية عدة أوصاف منها إنها "النظام الذى يقوم بتبديل إسلوب إختيار المسؤولين فى الدولة بدلا من تعيينهم من قِبَل القلة الفاسدة الى إنتخابهم بواسطة الأكثرية الغير مؤهلة" (شو, 1903). أوربما يكون البروفسور روبرت دوول الذى عرض قائمة من سبع شروط اطلق عليها مصطلح شروط         "الحدّ الادنى" التى يجب توافرها فى كل نظام ديمقراطى معاصر.                

هذه الشروط هى:


(1) ان تكون السيطرة على قرارات وسياسات الدولة مخولة دستوريا للمسؤولين المنتخبين من الشعب.

 

(2)     ان يتم انتخاب المسؤولين فى انتخابات حرة ومفتوحة.

 

(3) ان يكون لكل المواطنيين الذين وصلوا سن الرشد حق التصويت فى العملية السياسية.

 

(4) ان يكون لكل المواطنيين الذين وصلوا سن الرشد حق ترشيح انفسهم لاى منصب فى الدولة.

 

(5) يجب إعطاء حق التعبير لكل مواطن دون الخوف من  اى عقاب يحل به.

 

(6) المواطنيين لهم الحق فى الحصول على معلومات من    اى مصدر يختاروا.

 

(7) حق تكوين المؤسسات بما فيها الاحزاب السياسية وجماعات المصالح مكفول لكل مواطن (راجع: دوول 1982, ص 11, شميدر وكارل 1991, ص 75 – 87).

 

في هذه المقالة سوف اعرف الديمقراطية على انها "النظام السياسي الذي يقوم على أساس مبدأ الاختيار وحق المنافسة واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون". وسوف أعرف عملية التحول الديمقراطي على انها العملية التى يثم بها تغييرأوانتقال النظام السياسي من الدكتاتورية الى الديمقراطية. أوكما عرفها الاستاذ تشارلز هووس على أنها "عملية اقامة نظام سياسي ديمقراطي"(هووس، 2003).

 

ثانيا: المتطلبات السياسية للديمقراطية في العالم الإسلامي 

 هناك سبعة تحديات كبيرة أومتطلبات أساسية تواجه عملية أسلمة الديمقراطية في الدول الإسلامية على مدى السنوات القادمة. هذه التحديات هي:  

(1) تحقيق مبدا الاختيار.  

(2) إقامة الدولة الدستورية.  

(3) خلق المنافسة الحرة.  

(4) بناء مؤسسات عصرية وقوية.  

(5) حل أزمة القيادة السياسية. 

(6) تجريد السياسة من العسكر أوإنهاء تدخل العسكر فى السياسة.  

(7) إنهاء أوالحدّ من التأثير الخارجي.

 
(1) تحقيق مبدا الاختيار
التحدى الأول الذي يواجه الدول الاسلامية فى عملية أسلمة الديمقراطية هو كيفية السماح لجميع المواطنين بممارسة حقهم فى اختيار ما يروه مناسبا. وذلك لانه لا يمكن أن يكون هناك خيار حقيقي إذا لم تكن هناك حرية لعرض جميع جوانب المشكلة المطروحة للنقاش باسلوب حضارى وفى حدود القانون. وأنا أعتقد أنه   لا توجد أي فكرة أكثر مركزية وأهمية فى القيم الإسلامية من فكرة مفهوم حق الاختيار. فمن المنظور الاسلامى ان مبدا حق الاختيار يعنى حق الانسان فى ان يكون حر. وحقه فى اختيار الوسائل التى يراها مناسبه لتحقيق اهدافه. ونظرا لأن المواطن هو أكثر وأهم عنصر متميز في الدولة, فعليه يجب أن يكون له الحق في اختيار من يحكمه؟ ومتى يحكمه؟ وكيف يحكمه؟ اذا اراد اى نظام حكم ان ينجح ويستمر. وهذا يعني أن كل المواطنين فى المجتمع متساوون سياسيا فى الحقوق والواجبات. من منظور آخر يمكن القول بان تحقيق مبدا حق الاختيار لكل المواطنين يعني ان هناك امورا لا يمكن للحكومة بل يمكن القول لاينبغي على الحكومة القيام بها. فعلى سبيل المثال يتعين على الحكومة بشكل صريح الا تحرم المواطنيين من حقهم في ممارسة ديناتهم ومعتقداتهم التى يختارونها والا تمنعهم من حق التعبير والقول والكتابة فيما يشاؤون وباللغة التى يتحدتونها. وهنا لابد من التدكير بان مبدا حق الاختيار ليس له معنى ولا مفهوم متفق عليه بين الشعوب والثقافات المختلفة وعليه فهو ليس مفهوم مطلق. وأخيرا فإن تحقيق مبدأ الاختيار مرتبط ارتباطا وثيقا ورئيسي بمبدأ أن الحكومة يجب أن تكون محدودة الصلاحيات وان هده الحدود يجب ان ينص عليها فى الوثيقة الدستورية    المعتمدة من قبل الشعب.

(2) إقامة الدولة الدستورية
  أما التحدي الثاني الذي يواجه الدول الاسلامية فى عملية أسلمة الديمقراطية هو كيفية إقامة الحكم الدستوري على أساس الشريعة الإسلامية وسيادة القانون. ان النظام الدستوري فى مفهومة العام هو الذي يقوم على أساس تنظيم الحكومة وتصنيف سلطاتها وتحديد نطاقها ووصف العمليات القانونية الواجب إتباعها لحماية الأفراد فيما اذا تجاوزت الحكومة سلطتها. ومن أجل ان يتحقق هذا       فى الدول الإسلامية يجب أن تشتمل دساتيرها على الاقل المبادى التالية:


(أ) سموالشريعة.. وسيادة القانون 

              الحقيقة التى لا مراء فيها انه في الدول الاسلامية لن يكون هناك بديل عن الاعتماد على الشريعة الإسلامية في سن القوانين. ومفهوم الشريعة هنا يشمل كل المبادئ والقيم الأساسية للإسلام. بمعنى هى كل الاحكام المنصوص عليها فى القران الكريم والثابتة فى السنة النبوية. وما أعنيه بسمو الشريعة هو أن جميع القوانين التي تصدرها الحكومة وفروعها فى الدولة يجب ألا تتعارض مع هذه المبادئ والقيم الأساسية. بمعنى لابد ان تكون قواعد الشريعة هى أعلى مرجعية لكل القواعد القانونية فى الدولة ولا يجوز للتشريعات التى يسنها البرلمان أوالاجراءات التى يقوم بها الرئيس ان تكون مخالفة لها. وبمعنى ان كل القوانين والاجراءات التى لم يثبت انها تخالف الشريعة يجب إحترامها وقبولها ولا أحد يعلوا عليها. وبمعنى آخر يحق للشعب ان يختار ما يراه مناسبا له وما تقتضية مصلحة الوطن من آليات وقوانين وسياسات وإجراءات بشرط الا تتعارض       مع أحكام القران والثابت من السنة النبوية.


وهنا لابد من الاشارة الى أن من أهم ما يميز الحكم فى الإسلام عن الديمقراطية الغربية ليست أن هذه الأخيرة تقوم على أساس مفهوم السيادة الشعبية التي تضع السلطة السياسية في ايدي الشعب، بل هو في فهم العلاقة بين الدين والدولة.  وعليه فلعلنا نتفق بانه لايمكن أن يكون هناك فصل كامل بين الدين والدولة في  أي مجتمع. والحقيقة انه حتى فى الديمقراطيات الغربية اليوم لايوجد فصل كامل بينهما. 

 

ففي الولايات المتحدةعلى سبيل المثال نجد إن: "مجلس النواب قد قرار بالاجماع أن يكون شعاره " ثقتنا بالله"وقد قرر ايضا ان يوضع هذا الشعار خلف رئيس المجلس" (راجع: ستيفنسون، 1992، ص 109). والى جانب هذا  وافق الكونقرس على ان يُكتب هذا الشعارعلى العملة الرسمية الامريكية "الدولار." وفى كل من مجلسي الكونغرس (النواب والشيوخ) في الولايات المتحدة أيضا يقوم القساوسة ورجال الدين بالدعاء وطلب المساعدة من الله فى بداية كل جلسة يومية. ومن جهة آخرى نجد ان القََسم القانونى لإستِلام أى منصب رفيع فى أمريكا يتظمن عبارة "... حتى يساعدني الله." وأيضا يشترط العرف السياسى    فى أمريكى ان يَستخدام كل مسؤول سياسى الكتاب المقدس وان يضع يده اليمنى عليه عند أداء القََسم القانونى. والمحكمة العليا الامريكية مند عام 1800 وهى تبدأ جلساتها بالدعاء لله ان "يحمى الولايات المتحدة ... وهذه المحكمة المحترمة. "وبالاضافة الى هذا كله نجد ان كل من يقرأ او يستمع الى النشيد الوطنى (أوتحية الولاء) لدولة الولايات المتحدة الامريكية يجد انه ينتهي بالتأكيد على ضرورة الافتخار بأن أمريكا هى "اأمة واحدة. تحت رعاية الله."

 

والى جانب مفهوم سمو الشريعة فان فكرة الحكم الدستوري لأسلمة الديمقراطية تتطلب أيضا سيادة وحكم القانون. وهذا يعنى ضرورة تنفيد كل ما نص عليه الدستور وكل القوانين والاجراءات التى ثم تشريعها من قبل تادولة. وهذا يستلزم ايضا ضرورة تطبيق مبدا المساواة أمام القانون. بمعنى إخضاع كل المواطنين في الدولة بغض النظرعن مكانتهم السياسية أوالاقتصادية أوالاجتماعية لقوانين الدولة ومعاملتهم بالتساوى. وبإختصار شديد يمكن القول بان أسلمة الديمقراطية سوف تتحقق فى هذا الجانب عندما:

 

(أ) يسود حكم القان ون وتقوم الدولة على أساس "حكم القانون, لا حكم الرجال."  

 (ب)   عندما يحترم الجميع قوانين الدولة مهما إختلفوا معها.

 (جـ)     عندما يؤمن الجميع بان الآليات الدستورية هى الآليات الوحيدة التى يجب إستخدامها لتغيير ما يعتقد المواطن انه يتعارض مع ما يؤمن به.

 

(د) عندما يكون الشعار السائد هو: "لا إجتهاد مع النص, ولكن يمكن الاجتهاد  فى  فهم النص."

 
(ب) مبدأ الفصل بين السلطات
بالإضافة إلى وجود الدستور والرقابة الشعبية على الحكومة وحق حرية الاختيار تحتاج الدول الاسلامية الى ضرورة تطبيق مبدأالفصل بين السلطات. يقول جيمس ماديسون, المهندس الرئيسي لمبدا فصل السلطات ونظام المراقبة والتوازنات فى النظام الامريكى (في الاتحادية رقم 51) بان هناك اثنين من الأخطار الرئيسية التي تهدد الحرية (أ) "الاحزاب أومجموعات المصالح" الذين يبحثون عن مصالحهم الخاصة على حساب المصلحة العامة. و(ب) التركيزالمفرط للسلطة السياسية. وكان الحل الذي إقترحه ماديسون للتعامل مع هذه الاخطارهو قيام حكوم وطنية    قوية تقوم على أساس الفصل بين السلطات وتسعى لتحقيق المراقبة والتوازين بينها (تاناهل وبديشك 1988, ص 46 –47 ).

ان مبدا الفصل بين السلطات يعنى بإختصار شديد القيام بتوزيع السلطات بين فروع الحكومة الثلاثة: التشريعية والتنفيذية والقضائية. فالسلطة التشريعية تقوم بسن القوانين، والسلطة التنفيذية تقوم بتطبيق وتنفيد القوانين، ووظيفة السلطة القضائية هو تفسير (أوالتمسك) بالقوانين. وبمعنى آخر يقوم هذا المبدأ على  أساس أن هناك ثلاث مجموعات منفصلة من المسئولين هم:

 

(أ) المشرعون وهؤلاء هم الذين من حقهم صنع القرارات والقوانين وفقاً للدستور.

 

(ب) المنفذون وهؤلاء هم الذين يقومون بتسيير الدولة وتنفيذ القوانين التى أصدرها المجلس التشريعى.

 

(جـ)  المفسرون وهؤلاء هم الذين يملكون حق تفسير القوانين وإلغاء كل ما هوغير دستورى.

ولعل السبب الرئيسى وراء تبنى هذا النظام هو توفير الحماية من الاستبداد السياسي وعدم وجود فرع واحد من الحكومة يحمل قدرا كبيرا من السلطة. وايضا من أجل الحدّ من مخاطر ان فرع واحد قد يعمل على نحو مستقل مما يقود الى إساءة استعمال السلطة. وذلك لان الحرية هى فى العادة أول ضحايا تركيز السلطات فى يد شخص واحد. أوكما وصفها السيد جيمس ماديسون عندما قال: "لا يمكن أن تكون هناك حرية كاملة فى نظام به السلطات التشريعية والتنفيذية متحدان في نفس الشخص [أو] إذا كانت السلطة القضائية لا يمكن فصلها عن السلطتين التشريعية والتنفيذية."(لووى وجينسبيرج، 1992، ص 88). وعليه فيجب أن تكون السلطات الثلاث مستقلة عن بعضها البعض. ولكن لكى يتم العمل بهذا المبدأ بنجاح لابد لهذه السلطات أن تتعاون مع بعضها البعض. ولكى يتم ذلك لابد أن يقترن بهذا المبدأ مبدأ آخر يعرف بــ "مبدأ المراقبة والتوازن."



(جـ) مبدأ المراقبة والتوازن
إذا سلما بأنه لابد من الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. فلابد من التأكد بأن هذا الفصل يقودنا فى النهاية إلى الاهداف المنشودة. ولكى يكون  هذا الفصل بين السلطات مُثمراً وفعالاً لابد أن يقوم على مبدأ "الاتزان وإمكانية المراقبة" لهذه السلطات على بعضها البعض. وبمعنى آخر ان حق المراقبة والتوازن يعنى إعطاء كل سلطة من السلطات الثلاث بعض الوسائل السياسية التى تمكنها من مراقبة السلطتين الآخرين بغرض تحقيق التوازن بينهما. وهذا يعطى لكل سلطة حق رفض بعض أعمال (أو قرارات) السلطات الأخرى. فهذا المبدأ يعنى توفر مجموعة من الآليات والوسائل التى يتم من خلالها تحقيق المراقبة بين هذه السلطات وذلك من أجل تحقيق التوازن بينها. ولعل من أهم هذه الآليات والوسائل الآتى:

 

(1) إعطاء "حق النقد" للرئيس على كل قرار يصدر من المجلس التشريعى، وفى نفس الوقت إعطاء المجلس حق إلغاء "حق النقد" إذا وافق أعضاء المجلس بأغلبية الثلثين.

 

(2) يحق للرئيس ترشيح القضاة ولكن لا يتم تعينهم إلا إذا وافق المجلس بأغلبية أعضائه على ذلك.

 

(3) يحق للرئيس أن يعقد اتفاقيات مع دول أخرى ولكن لابد من موافقة المجلس التشريعى عليها لكى تصبح سارية المفعول.

 

(4) يحق للرئيس دعوة المجلس التشريعى لمناقشة قضايا عاجلة ومهمة لتسيير شئون الدولة.

 

(5) يحق للمجلس التشريعى أدانه (اتهام رسمى) الرئيس إذا خالف القانون. ولكن لا يمكن تنحيته من منصبه إلا إذا وافق الشعب فى استفتاء عام على ذلك بأغلبية ثلثى الأصوات.

 

(6) يحق للمجلس التشريعى المراقبة والإشراف على كل أعمال الدولة.

 

(7) يحق للمجلس التحقيق فى سوء الإدارة وكل التصرفات غير القانونية من قبل مسئولى الدولة.

(8) يحق للمجلس اتخاذ قرارات (أوإصدار قوانين) رغم معارضة الرئيس.

 

(9) يحق للمجلس إدانة وتنحية القضاة الذين يخلون بشروط ومُتطلبات القضاء فى الدولة وبشرط أن يتم ذلك بالأساليب التى يحددها القانون.

 

(10) يحق للسلطة القضائية إلغاء أى قانون إذا رأت بأن هذا القانون غير دستورى (للمزيد راجع: بالروين, 2006).


وإلى جانب هذا الآليات هناك أساليب ومراكز قوى سياسية أخرى يمكن من خلالها مراقبة هذه السلطات الثلاث مثل: الأعلام الحر والأحزاب السياسية والنقابات المهنية والمؤسسات الاجتماعية وقوى الضغط السياسية الأخرى فى المجتمع. هذا كما يمكن تحقيق الفصل بين السلطات من جهة وتحقيق مبدأ المراقبة والتوازن من جهة أخرى عن طريق الفصل بين الفترات الانتخابية (كأن تكون فترة عضو مجلس التشريع أربع سنوات، ومدة السلطة التنفيذية خمس سنوات، ومدة القضاة عشر سنة). هذا الفصل الزمنى ما بين السلطات الثلاث سيمنع أى مجموعة سياسية من السيطرة على كل شئون الدولة ببساطة نتيجة لظروف   زمنية طارئة.

(د) مبدأ التداول على السلطة
ولكى يثم تحقيق عملية أسلمة الديمقراطية بنجاح لابد ان يتضمن دستورها مبدأ التداول السلمى على السلطة والايمان بالشعار الذى رفعه المسلمون فى الاندلس من قبل والذى يقول "لو دامت لغيرك .. ما وصلت اليك." فمن المؤسف حقا ان هذا المبدا لاوجود له اليوم فى الاغلبية العظمى من الدول الاسلامية. وان الوسيلتين الوحيدتين لتداول السلطة فى هذه الدول هى أما الموت الطبيعى أوالانقلاب العسكرى. والحقيقة التى لا جدال فيها عند كل العقلاء ان تبنى هذا المبدا ليس لانه ضرورة من ضرورات الحياة السياسية المعاصرة فقط ولكن    لانه أيضا شرط من شروط التخلص من ظواهر الاستبداد المنتشرة فى كل   الدول الاسلامية اليوم. وايضا لان كل مراكز القرار فى هذه الدول قد سيطر  عليها أُناس أنانيون وغير مؤهلون لإدارة أى شى.


وما أعنيه هنا بمبدأ التداول السلمى للسلطة هو وجود آلية أوآليات دستورية تتيح الفرصة للشعب ان يُبقى المسؤولين فى مناصبهم أويقرر إستبدالهم بآخرين أحسن منهم. وهذا المبدا يعنى انه لا يجوز لأى فرد ولا جماعة ولا حزب مهما كانت قوته اومكانته ان يبقى فى السلطة مدة أطول مما حددها القانون إلا اذا قام الشعب بإعادة إنتخابة مرة أُخرى فى إنتخابات حرة ومفتوحة ودورية. وهذا المبدأ يعنى بإختصار شديد:

 

(أ) إن السلطة قابلة للتداول بين كل ابناء الشعب وهى مفتوحة لكل من يعتقد انه أهل لها.

 

(ب) أن يكون هذا التداول على السلطة بالاساليب والآليات السلمية التى ينص عليها ويحددها الدستور.

 

(جـ) ان تبنى هذا المبدا سوف يتيح الفرصة لكل جيل ان  يحكم نفسه بنفسه.


(هـ) مبدأ حكم الأغلبية وحقوق الأقلية
ببساطة يمكن القول ان مبدأ حكم الأغلبية يقوم على أساس أن الأكثرية فى المجتمع تملك حق اختيار المسئولين وتقرير السياسات العامة  فى البلاد. ففى كل الدول المعاصرة يتم اتخاذ القرارات عن طريق الأغلبية. بمعنى عندما يختلف المواطنون حول شىء ما تكون السيادة فى العادة لقرار الأغلبية وما تعتقدة صوابا. والأغلبية هنا يجب أن تتخذ قراراتها وفقاً للدستور وقوانين الدولة. وفى نفس الوقت عليها إن تحمي مصالح وحقوق الأقليات. وهنا لابد من الاشارة الى ان الحفاظ على حقوق الأقلية لا يعني ان سياسات الأقلية يجب أن تكون مقبولة من قِبل الأغلبية. وانما تعنى ان الحكومة لابد ان تضمن للأقلية حرياتها الأساسية وحقها فى الاعتراض. بمعنى آخر إذا أردنا ان نبنى مجتمع عادل يُحترم فيه كل المواطنين فلابد أن يكون لحكم الأغلبية حدود وضوابط يحددها الدستور. ولعل من أهم هذه الحقوق هو احترام وقداسة حقوق الأقليات الدينية والثقافية واللغوية. ومن جهة أخرى، يجب على الأقليات فى الدولة الالتزام بالقوانين التى تصدرعن حكم الأغلبية ولكن ليس شرطاً أن تقتنع هذه الأقليات بأن هذا القانون صحيحاً وصائباً. وهذا يعنى بأن الولاء لكل من الأغلبية والأقلية فى المجتمع هو للنظام والقوانين والإجراءات الدستورية فى الدولة وليس للجماعة التى ينتمى لها الفرد.
        

(3) خلق المنافسة الحرة
أما التحدي الثالث الذي يواجه الدول الاسلامية فى عملية أسلمة الديمقراطية هو كيفية إقامة نظام سياسي تنافسي. وهذا يعنى كيف يمكن إنشاء نظام سياسي من شأنه أن يُمكن المواطنين من الحصول على ما يريدون من حكوماتهم ويسمح لهم بحرية المنافسة بين جميع فئات الشعب في الدولة. ولتحقيق ذلك لابد من وجود منافسة حقيقية ونزيه لجميع المناصب في الدولة وان تكون هذه المناصب مفتوحة لجميع الموهب الوطنية مهما كانت أصولهم اومكانتهم الاجتماعية. وأن يكون الهدف النهائي هو إقامة نظام سياسي يسمح بمشاركة الجميع فى العملية السياسية ويشجعهم على التنافس من خلال العملية الانتخابية الحرة والمفتوحة.

وهنا لعله من المناسب ان تتبنى هذه الدول شروط "الحد الادنى" التى إقترحها البروفيسور روبرت دوول والتى يعتقد ضرورة توافرها فى كل نظام سياسى معاصر. هذه الشروط هى:

(1) ان تكون السيطرة على قرارات وسياسات الدولة مخولة دستوريا للمسؤولين المنتخبين من الشعب.

(2) ان يتم انتخاب المسؤولين فى انتخابات حرة ومفتوحة.

(3) حق التصويت مكفول لكل مواطن وصل سن الرشد.

(4) حق الترشيح لاى منصب فى الدولة مكفول لكل مواطن وصل سن الرشد.

(5) حق التعبير مكفول لكل مواطن دون الخوف من اى عقاب يحل به.

(6) حق الحصول على معلومات من اى مصدر يختاره مكفول لكل مواطن.

(7) حق تكوين المؤسسات بما فيها الاحزاب السياسية وجماعات المصالح مكفول لكل مواطن (راجع: دوول 1982, ص 11, شميدر وكارل 1991, ص 75 – 87).

(4) بناء مؤسسات قوية  
أما التحدي الرابع الذي يواجه الدول الاسلامية فى عملية أسلمة الديمقراطية هو كيفية بناء مؤسسات سياسية قوية ومستقلة. ومن الواضح لكل مراقب سياسي ان أغلب الدول الإسلامية اليوم تفتقر إلى مؤسسات سياسية قوية ومستقلة. وللأسف الشديد فان المؤسسة العسكرية هى المؤسسة الوحيد التى يمكن أعتبارها قوية وعصرية والتي أنشئت في الدول الاسلامية منذ استقلالها. ولذلك فإنني أقول إنه لكى يمكن أسلمة الديمقراطية لابد لنا من إنشاء مؤسسات سياسية قوية يمكن عن طريقها بناء الدولة العصرية والمتقدمة. وعن طريق تأسيس هذه المؤسسات يمكن تمكين جميع المواطنيين من ممارسة حقوقهم وأداء واجباتهم الدستورية. وعند تحقيق ذلك سوف تتحرر النخب ولن تتردد في أن تشارك بصورة بناءة في العملية السياسية. يقول السيد جورج سورنسن ان "النخبة السياسية سوف تدعم الديمقراطية عندما تكون على يقين بأن مصالحها ستكون محفوظة فى ظل الظروف الاكثر ديمقراطية" (سورنسن، 1998، ص 29).

 
والحقيقة ان هناك فريق من علماء السياسة وفى مقدمتهم البروفسور صموئيل هنتنغتون يعتقدون بان عملية بناء المؤسسات القوية هو أهم عنصر من عناصر التنمية السياسية فى أى دولة. ويعرف هنتنغتون الطابع المؤسسي على انه اى عملية بواسطتها تستطيع المنظمات والاجراءات إكتساب القيم والمقدرة على التكيف والاستقلال الذاتي والاستقرار" (هنتنغتون 1965، ص 394). ومن جهة آخر يمكن القول بان إضفاء الطابع المؤسسي للمجتمع يستلزم وجود التمثيل السياسي. بمعنى أن أي نظام ديمقراطى لا يستطيع ان يبقى وبستمر بدون تمثيل سياسي. والمسألة هنا ليست في وجود أوعدم وجود التمثيل السياسي فى دولة ما وانما فى الكيفية التى يتم بها اختيار هؤلاء الممثلين. وكيف يمكن محاسبتهم عن أفعالهم. وكل هذا لا يمكن القيام به بدون الحديث عن وجود مؤسسات سياسية قوية وعصرية. ومن ثم فان عملية إضفاء الطابع المؤسسي على المجتمع أمر لابد منه لترسيخ وتعزيز وأسلمة الديمقراطية.

(5) حل ازمة القيادة السياسية 
أما التحدي الخامس الذي يواجه الدول الاسلامية فى عملية أسلمة الديمقراطية   هو كيفية حل أزمة القيادة السياسية وايجاد قيادات بديلة قادرة ومؤهلة. وفى الحقيقة عند الحديت عن العمل الجماعي الناجح فإن كبار الزعماء هم الذين غالبا ما يذكرهم تاريخ الأمم. فعلى سبيل المثال يقول ستيفنسون إن تاريخ الولايات المتحدة هو إلى حد كبير تاريخ الرئاسة الأمريكية. بمعنى إنه تاريخ الرجال الذين إستجابوا للتحديات والمطالب التى واجهتهم وهم فى مراكز السلطة والحكم:   فعلى سبيل المثال قام الرئيس لينكولن بالحفاظ على الاتحاد وحررالسود؛ ونتدكر الرئيس روزفلت لقيادته الحرب والإصلاح وإنقاد أمريكا من أزمتها الاقتصادية. والرئيس ترومان نتدكرة لدورة فى النظام السياسي والاقتصادي العالمي. والرئيس كنيدي لبرنامج الفضاء وأزمة الصواريخ الكوبية (ستيفنسون 1984, ص 18).

وعليه فاننى لا أبالغ اذا قلت بان اكبر عائق فى طريق عملية الانتقال من الحكم الاستبدادي الى أسلمة الديمقراطية في البلدان الإسلامية هو في الأساس عدم وجود القيادة السياسية القادرة والفاعلة لتحقيق ذلك. وما أعنيه هنا بالقيادة السياسية هو ضرورة توفرعلى الاقل ثلاث شروط ضرورية واساسية فى الحاكم لكى يكون قائدا. هذه الشروط هى: الشرعية والمساءلة والمصداقية. بمعنى يجب ان يكون الحاكم قد اتى للسلطة بطريقة مشروعة وعن طريق إنتخابات حرة ونزية. وان الحاكم يمكن مساءلته على كل ما فعل وما لم يفعل. وان يخضع للقانون كغيرة من المواطنين فى الدولة. ولابد ان يكون هذا الحاكم صادقا مع شعبه وذو ثقة ومؤيد من اغلبية المواطنين. وباستخدام هذه المعايير يمكن القول بان هذه الشروط أوحتى البعض منها لا تتوفر فى حكام الدول الاسلامية اليوم الا من رحم ربى. وعليه فلابد من إيجاد حل لهذه الازمة من أجل أسلمة الديمقراطية وتحقيق العدل.  ان وجود قيادة عادلة وفاعلة سوف تمكن الدولة من الاستفادة من ثرواتها  الطبيعية وكفاءتها البشرية ومقدراتها الاجتماعية والعسكرية.

 
(6) تجريد السياسة من العسكر
أما التحدي السادس الذي يواجه الدول الاسلامية فى عملية أسلمة الديمقراطية هو محاولة تجريد السياسة من النفود العسكرى. ولسوء الحظ ان المؤسسة العسكرية هى المؤسسة القوية والعصرية والوحيدة التي أنشئت في الدول الاسلامية منذ استقلالها (فى الاربعينات من القرن الماضى). وفى هذا الصدد يصف البروفسور فواز جرجس هذا التحدي على النحو التالي: "الحقيقة أن النخبة الجديدة التي تولت السلطة بعد نهاية الاستعمار قد جاءت معظمها من الجيش والأجهزة الأمنية، وهى نخبة بطبيعتها بالغت الهرمية، والجمود، وسلطوية" (جرجس، 30 أبريل 2005). وعليه فيمكن القول بان اكبر تهديد لعملية أسلمة الديمقراطية فى العالم الاسلامى هى الجيش ودوره فى السياسة. وفى إعتقادى لكى تتحقق عملية أسلمة الديمقراطية في البلدان الإسلامية بنجاح لابد من ابعاد العسكر عن السياسة وان يكون هناك آليات لتطبيق نظام الحكم فى هذه الدول وبناء مؤسسات مدنية حديته وقادرة على إدارة الدولة بدون التدخل العسكرى فى شؤونها. وهذا يعني ان السيطرة المدنية على الجيش أمر أساسي لإنجاح عملية أسلمة الديمقراطية. ويجب ان تكون عملية التدخل العسكري المباشر في العملية السياسية هو الاستثناء وليس القاعدة في الدولة الحديثة. والحقيقة انه يمكن تجريد السياسة من العسكر عن طريق تبنى العديد من الوسائل لعل من أهمها:

 

(أ) الاسلوب الاول  

فى محاولة منع الجيش من التدخل فى الشؤون الداخلية للدولة هو العمل على تعزيز وتقوية دور المؤسسات السياسية والمدنية في المجتمع. هذه الخطوة سوف تقلل من احتمالات التدخل العسكري في السياسة. فالعسكريون قد يكون مرحب بهم فى هذه الحالة بوصفهم وسيلة مدنية لتخليص الدولة عند وجود فساد منتشر فى مؤسساتها اوعند عدم مقدرة السياسيين فى الدولة على التخلص من ذلك. ولعل أحسن مثال على ذلك اليوم هو دور الجيش المكسيكى فى مساعدة الحكومة الفدرالية فى محاولة القضاء على عصابات التهريب والجريمة المنظمة على حدود المكسيك. وعليه فان فشل المؤسسات السياسية القائمة فى دولة ما وفشلها فى كسب احترام ودعم المواطنين لها قد يدفع بالقيادة السياسية للاستعانة بالقوات المسلحة للقيام بدور خاص ومحدود وتحت قيادة السلطة المدنية.

 

(ب) أما الاسلوب الثانى 

فى محاولة منع الجيش من التدخل فى الشؤون الداخلية للدولة فهو زيادة مشروعية وسيطرة السلطات المدنية على الجيش. والحقيقة ان احتمالية التدخل العسكري فى الشؤون السياسية قد تزداد عندما تتناقص أوتفقد السلطة المدنية شرعيتها السياسية فى دولة ما. وهذه الخطوة سوف تقلل فى إعتقادى من إحتمالية تدخل الجيش عندما تكون السلطة المدنية ضعيفة. وبالتالى سوف تحرم المثآمرين على السلطة الشرعية من إستخدام هذه الدريعة.

 

(جـ) أما الاسلوب الثالث  

فى محاولة منع الجيش من التدخل فى الشؤون الداخلية للدولة فهو منع الجيش دستوريا من أي تدخل في السياسة الداخلية والحدّ من دوره في مجرد حماية الأمن القومي ضد التهديدات الخارجية. فعلى سبيل المثال هذه هى أهم ما يميز دور الجيش البريطاني طوال تاريخها الحديث. فكل من يقرأ تاريخ بريطانيا يجد ان النشاط الرئيسى والوحيد المسموح به فى السياسية الداخلية للجيش البريطاني هو حق قيادات هذا الجيش فى نقل إحتياجاتهم ومطالبهم العسكرية للحكومة. ولهذا فان دور الجيش البريطاني واضح ومحدد. وكنتيجة لهذا الدور المحدود والمتفق عليه نجد ان آخر تدخل عسكري في السياسة البريطانية كان في القرن السابع عشر عندما تمرد الجيش واقام دكتاتورية عسكرية اطلق عليها اسم الجمهورية بقيادة الكولونيل أوليفر كرومويل والتى استمرت اثني عشر (12) عاما فقط (راجع: وروث ويلسون 1999، ص 323). وفي الولايات المتحدة ومنذ استقلالها عام 1776 لم يتدخل الجيش الامريكى في السياسة الداخلية سوى مرة واحدة خلال الحرب الاهلية (1861- 1865).

 

(د) اما الاسلوب الرابع 

فى محاولة منع الجيش من التدخل فى الشؤون الداخلية للدولة فهو تشكيل مجموعات عسكرية خاصة كقوة منافسة وموازنة للقوة العسكرية التقليدية. وهذا وللاسف هو ما تمارسة الانظمة الدكتاتورية فى الوطن العربى اليوم تحت مسميات عديد مثل "الحرس الوطنى" أو"الحرس الجمهورى" أو"الحرس الملكى" أو"القواتالخاصة" أو"قوات الردع" أوغيرها من الاسماء.

 

(هـ) أما الاسلوب الخامس 

فى محاولة منع الجيش من التدخل فى الشؤون الداخلية للدولة فهو ضرورة      نقل جميع القواعد والثكنات العسكرية خارج المدن الرئسية وخاصة العواصم. والحقيقة انه لا توجد أى أسباب عقلانية وإستراتيجية للسماح بوجود مثل هذه الثكنات العسكرية فى داخل المدن الرئيسية، وان هذه الظاهرة لا توجد اليوم وبشكل ملفت للنظر الا فى دول العالم الثالث.

 

(و) أما الاسلوب السادس والآخير 

فى محاولة منع الجيش من التدخل فى الشؤون الداخلية للدولة فهو منع تسييس الجيش. وهذا يعني ببساطة أن السياسة يجب ان تكون خارج المؤسسة العسكرية وقوات الامن فى الدولة. بمعنى ان ما يجب التأكيد عليه هنا ان الجنود والضباط لا ينبغي ان يكونوا حزبيين وان يكونوا دائما محايدين. وان تكون مهمتهم الاساسية وهدفهم الرئيسي والوحيد هو حماية الدستور والدفاع على سيادة الوطن من العدو الخارجى.

 

(7) إنهاء (أو على الأقل الحدّ من) التأثير الخارجى 

أن التحدي السابع والآخير الذي يواجه الدول الاسلامية فى عملية أسلمة الديمقراطية هو كيفية إنهاء (أو على الأقل الحدّ من) التأثير الخارجي. 

وفى اعتقادى لكى يتحقيق ذلك لابد من:

 

(أ) المطالبة

بمعنى مطالبة كل من الولايات المتحدة والغرب بأن يكفوا عن دعم وحماية الأنظمة الديكتاتورية في الدول الاسلامية. والحقيقة ان هذا هو أحد التحديات الرئيسية التي تواجه الشعوب الاسلامية اليوم. يصف البروفسور فواز جرجس هذه الظاهرة فيقول بأن: "العرب والمسلمين مثل نظرائهم في أماكن أخرى يكافحون من أجل تحرير أنفسهم من قيود التسلط السياسي دون نجاح. ويرجع الفضل فى إستمرار الطغاة فى هذه الدول إلى الدعم الذي يقدمه الغرب وخاصة الولايات المتحدة لهم" (جرجس، 30 أبريل 2005 ).

 

(ب) المشاركة                                              

بمعنى لابد من السماح لكل الإسلاميين بالمشاركة في العملية السياسية بحرية كاملة وبدون قيد ولا شرط. وإلا فسوف يستمر حكم هذه الدول بالاساليب الغير شرعية ولا يمكن أسلمة الديمقراطية فيها مهما طال الزمن. وإن عدم السماح للاسلاميين بالمشاركة في العملية السياسية سوف يقود الى وجود ما يعرف فى علم السياسة بـ: "أزمة المشاركة السياسية." إذ توجد هذه الازمة عندما تقوم السلطة الحاكمة برفض كل مطالب وسلوكيات المواطنيين والجماعات المعارضة والمطالبة بممارسة حقوقها السياسية فى الدولة. ان قيام السلطات الحاكمة بمنع القوى الاسلامية من ممارسة حقها الطبيعى والانسانى لن يقود الى إستقرار الحكم فى هذه الدول ولا الى ترسيخ مبادى الديمقراطية كما يحاول الغرب والولايات المتحدة الامريكية تسويقة اليوم. وبمعنى آخر إن عملية أسلمة الديمقراطية يجب أن تأتي من المسلمين أنفسهم وبمشاركتهم وإلا فإنها لن تنجح. وما يجب على الولايات المتحدة والغرب إدراكه والاعتراف به هو ان الاسلاميين اليوم وكما إعترف بها الاستاد كارى واكهام: "لا يرفضون مبدأ الاصلاح الديمقراطي في  حد ذاته، بل على العكس تجد فى برامجهم الرسمية وتصريحاتهم العلنية دعوة  الى ذلك وهم يدعون انهم من اشد المدافعين عنها. وما يعترض عليه الاسلاميون لا يكمن في مضمون المبادرة الأمريكية للإصلاح نفسها وانما فى الدوافع الخفية وراء ذلك" (واكهام، 4 نوفمبر 2004). 

 

والحقيقة إن الذي حال دون إرساء أسس الديمقراطية في الدول الإسلامية ليس   هم الإسلاميون (كما يدعى البعض) وانما استغلال السلطات الدكتاتورية الحاكمة ومن وراثها أمريكا والدول الغربية لعامل الخوف من الاسلاميين وخطرهم كما يزعمون. والحقيقة ايضا انه ليس هناك اى شيء فريد أوغريب فى مبادى  الإسلام قد يحول دون أسلمة الديمقراطية فى أى دولة تريد ذلك.

(جـ) التعاون                                                           

وما أعنيه هنا هو التركيز على البعد التنافسى والايجابى فى الصراع والابتعاد عن الجانب الهدّام والغير بناء منه فى تكوين العلاقات الخارجية بين الدول. وهذا يعنى من جهة لابدعلى الولايات المتحدة والغرب ان يظهروا حسن نواياهم للشعوب الاسلامية ان كانوا حقا صادقين فيما يقولون عن الديمقراطية وإحترام حقوق الانسان. وان يكون شعارهم عندما ياتوا الى الدول الاسلامية هو: 

"لقد أتينا لنتعاون .. لا للتدخل .. فى شؤونكم الداخلية." 

وهنا أجد نفسى متفق مع البروفسور فواز جرجس مرة آخرى فيما ذهب اليه عندما قال: "لا يزال في أذهان الكثير من العرب والمسلمين بان مفهوم الديموقراطية الليبرالية مرادفة لسياسة الهيمنة والاستغلال والسيطرة الغربية على المنطقة. وان فكرة الديمقراطية تميل إلى أن تكون بمثابة أداة للمناورة تستخدمها الدول الغربية للتدخل في شؤون الدول العربية والإسلامية ولأتباع سياسة فرق تسد" (جرجس، 30 أبريل 2005). إن معظم المسلمين يرون أن الغرب والولايات المتحدة يُقدمون مبادرة الديموقراطية ليس كحل للمشكلة السياسية أولتخليص الدول العربية والاسلامية من أزمة القيادة السياسية التى تعانى منها وانما كجزء من حرب أوسع ضد الإسلام والمسلمين ومن أجل إستمرار الوصاية والهيمنة وتبعية هذه الدول لهم. ومن جهة آخرى لقد آن الاوان ان تتعلم الدول الاسلامية من تجارب الآخرين وان تتعاون مع بعضها البعض بدرجة أكثر  فاعليه اذا ارادت الخلاص من هيمنة العدو. فمن كان يصدق ان تصل درجة تتعاون بين الدول الاوربية الى هذا الحد التى وصلت اليها اليوم وخصوصا     بين بريطانيا وفرنسا والمانيا.

 

 
(د) الاصالة                                               

بمعنى لابد ان ترفع القوى الخيّرة فى الدول الاسلامية شعار: 

"الاصيل هو البديل.

فى مواجهة كل حملات التغريب والهيمنة الخارجية. وهذا يعنى اننا يجب ان  نعتز بأحسن ما عندنا وان ننفتح ونقبل أحسن ما عندالغير. ان رفع هذا الشعار فى أعتقادى هو أقوى وسيلة للتخلص من كل الثاتيرات الخارجية الضارة بمجتمعاتنا والتخلص من كل انواع التبعية. وهو ايضا الوسيلة التى سوف تقود الى نهوضنا وتقدمنا بالرغم من كل التحديات التى سوف تواجهها. ومن هذا المنطلق يمكن القول إذا كانت الولايات المتحدة والغرب جادين حقا في إنتشار الديمقراطية فى العالم الإسلامي فيجب عليهم التخلي عن المفهوم الغربي العلماني لهذا المصطلح وقبول التعايش مع المفاهيم الاسلامية للديمقراطية. وذلك لانه في الدول الإسلامية سيكون من الصعب إن لم يكن من المستحيل فصل السياسة عن الإسلام. ولكن من المؤسف حقا وكما يقول الاعلامى الاستاد مايكل هيرش ان الغرب وأمريكا بقيادة بوش كانوا يسعون الى تطبيق ليس مجرد النمودج الغربى وانما تحديدا نمودج كمال أتاتورك فى العالم الاسلامى. يقول الصحفى هيرش فى هذا الشان:      "يبقى جوهر رؤية الرئيس جورج بوش (الابن) المتعثرة في العراق هى نمودج الديمقراطية العلمانية الغربية كما طبقها كمال أتاتورك فى تركيا ... وان الهذف الرسمى لادارة الرئيس بوش لا يزال مبنى على "مذهب برنارد لويس," أو كما وصفته وول ستريت جورنال بأنه: التغريب السياسي. بمعنى إعادة فرض الديمقراطية من فوق كما فعل كمال أتاتورك فى تركيا. والهدف هو ان تصبح العراق حصنا للأمن الامريكى ونموذجا يقتدى به فى المنطقة" (هيرش، 05 يونيو 2005). فاذا سلمنا بصحة هذا الوصف والتحليل فلا يملك المرء الا أن يقول بان عملية التحول الديمقراطي الذى تقوده امريكا اليوم في الدول الاسلامية مصيره حتما الفشل. وانا على يقين بأن الوقت لتأسيس دولة ديمقراطية علمانية على الطراز الغربى في العالم الإسلامي قد ذهب بدون رجعى والى الابد. ولا بديل لكل القوى الخيّرة فى المنطقة الا ان تسعى من أجل أسلمة الديمقراطية والسير الى الامام.


(هـ) الاستقلالية                                           

بمعنى يجب ان يكون تحقيق الاستقلالية بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية هو الهدف الاساسى والمنشود من عملية إنهاء الهيمنة أوعلى الاقل الحدّ من الثاتير الخارجى على الدول الاسلامية. ولكى يتحقق ذلك لابد على هذه الدول من الاعتماد على مقدراتها الذاتية والتخلص من "عقدة الهيمنة" التى سادت فى عقول شعوبها لفترة طويلة من الزمن. والحقيقة التى      لا يختلف عليها كل العقلاء ان محاولة إيعاز أسباب تخلفنا والفرقه بيننا الى الهيمنة الخارجية فقط هو منهج قاصر ولن يقود الا الى المزيد من التبعية.       وهو ايضا منهج العجزة الذين ينظرون الى كل تحدى يواجههم على انه مستحيل.    فمن البديهى ان اى محاولة للنهوض والتقدم ستواجه بالعديد          من المؤترات الداخلية والخارجية ولكن ليس من المعقول ان نقوم بإرجاع         كل ذلك الى القوى الخارجية فقط. والحقيقة التى لا مراء فيها ان الاشكالية بالدرجة الاولى تكمن فينا لا فى الهيمنة الخارجية. وفى هذا الصدد يمكن القول على كل القوى الخيّرة أن تتذكر إن عملية أسلمة الديمقراطية ماهى الا أحد   مراحل الاستقلالية وان تحقيق هذه الاستقلالية لن تكون عملية سهلة أوخالية      من التكلفة. فكثير من الذين يؤمنون بهذا الهدف سوف يسجنون وبعضهم سوف يستشهدون وسوف يصبح الطغاة قبل نهايتهم أكثر وحشية.

 

الخاتمة
لعله من المناسب أن أختتم هذه المقال بالتأكيد مرة آخرى على:

(1) من أجل أن تنجح الديمقراطية في الدول الاسلامية لابد من أسلمتها. بمعنى لابد من إعادة تعريفها من منظور اسلامي وأخد ما هو صالح منها وترك ماهو ضار. ولتكن الجماهير فى هذه الدول هى الحكم النهائى فى ذلك.

(2) فى أعتقادى إن أسلمة الديمقراطية فى العالم الاسلامى هى أقوى واحسن سلاح لمحاربة ظواهر التطرف. فعندما تكتمل عملية أسلمة الديمقراطية سوف يتحقق الاستقرار ونتخلص من كل الظواهر الغير مشروعه. وعند ذلك يتمكن الاسلاميون وكل القوى الخيّرة فى المجتمع من المشاركة فى العملية السياسية ويقبل الجميع بقواعد اللعبة ويرضوا بنتائجها ويحتراموا دستورها.

(3) ليس هناك أدنى شك عند كل محلل سياسى موضوعى أن الغالبية العظمى من المسلمين ترغب وتسعى بكل صدق من أجل تحقيق العدالة للجميع والاستمتاع بالحرية والعيش فى سلام والمساهمة فى بناء مؤسسات سياسية حضارية متطورة مثلهم فى ذلك مثل كل أبناء الشعوب المتحضرة فى هذا العالم.

(4) لابد على كل القوى الاسلامية بكل اتجاهاتها بل وكل القوى الوطنية الخيّرة ان توحد صفوفها على الاقل لمواجهة الاخطار الخارجية وخصوصا المعادية للوطن والمواطن.

(5) لابد ان تقوم السياسة الخارجية للدول الاسلامية على اساس مبدا رفض أى نوع من انواع التسلط ومعارضة كل التكتلات والاحلاف الهادفة الى استغلال الشعوب والسيطرة على مُقدراتها.

(6) يجب الا يسمح لأى مواطن أوجماعة أوحزب ان يكون  له علاقة بأى دولة من الدول الاجنبية مطلقا وان تكون العلاقات الخارجية من مهام السلطات الحاكمة وحدها.

(7) وأخيرا وكما قلت أعلاه يجب على الولايات المتحدة والغرب إذا كانوا صادقين في دعم الحرية والديمقراطية وإحترام حقوق الانسان في الدول الإسلامية ان يقوموا بفتح حوار حقيقي وهادف مع جميع الاسلاميين وكل القوى الخيّرة الذين يحترمون مبدا سيادة القانون ويسعون من أجل تأسيس دولة دستورية يعيش فيها كل أبناء الوطن فى حرية وأمن وأمان. ويجب عليهم ايضا أن يكونوا مستعدين لتقبل مفهوم أسلمة الديمقراطية فى الدول الاسلامية.

ختاما, 

اذا سلمنا بانه لايوجد فى الإسلام ما يتعارض مع الديمقراطية التى تعنى ان يحكم الشعب نفسه وبنفسه ومن أجل نفسه فلماذا لا ندع الشعوب فى هذه الدول تختار  ما تراه مناسبا لها وان تختار من يحكمها وكيف يحكمها. ولماذا لا نتفق بان ما تختاره هذه الشعوب فى إنتخابات حره ومفتوحة ونزية يجب ان يرضى به  الجميع مهما كانت النتائج.


أدعو الله ان ياتى ذلك اليوم الذى سوف يشارك فيه الجميع من أجل بناء دول اسلامية ... عصرية ... قوية ... ومتقدمة.... هذا ما أتمناه وأدعو الله ان يتحقق ونحو أحياء.

مرة آخرى يا أحباب ... لا تنسوا,

 ان هذا مجرد راى أعتقد إنه الصواب,

 فمن أتى براى يختلف عنه إحترمناه,

ومن أتى براى أحسن منه قبلناه.

 

 والله المستعان.

 

======

المراجع:  

Dahl, Robert, A. (1971) “Polyarchy: Participation and Opposition
(
New Haven:Yale University Press.

Dahl, Robert, (1982) “Dilemma of Pluralist Democracy. New Haven: Yale University Press. p.11

George Bernard Shaw (1856 - 1950), Man and Superman (1903)
"
Maxims for Revolutionists" Quotations by Subject: Democracy:
http://www.quotationspage.com/subjects/democracy/

Hauss, Charles (Chip), What is Democratization?” August 2003
http://www.beyondintractability.org/m/democratization.jsp

McClenghan, William A. (1993) “Magruder’s American Government.”  75/e, New York: Prentice Hall

Schmitter, Philippe C. and Terry Lynn Karl. “What Democracy is ..
And Is Not.” Journal of Democracy: 2 (Summer 1991), pp. 75-87
.
Reprinted in Mark Kesselman and Joel Krieger (2006),

Readings in Comparative Politics: Political Challenges and
Changing Agendas.” New York: Houghton Mifflin Company, pp. 160-171.

Sorensen, Georg (1998), “Democracy and Democratization: Processes and Prospects in a Changing World.” Boulder, Colorado: Westview Press. 2/e

محمد بالروين: "الدستورية: مطلب جماهيرى وضرورة عصرية"
ليبيا المستقبل: 12/23/2006
http://www.tamiu.edu/~mbenruwin/Future_Distoor_what_o07.htm

Lowi, Theodore J. And Benjamin Ginsberg (1992),
American Government: Freedom and Power.”
W.W. Norton and Company, New York.

Stephenson, Grier, Robert J. Bresler, Robert J. Friedroch,
and Joseph J. Karlesky (1992), “American Government.”
2/
e, New York: Harper Collins Publishers.

Tannahill, Neal and Wendell M. Bedichek (1988),
American Government: Policy and Politics.”

Dahl, Robert, A . (1971) “Polyarchy: Participation and Opposition
(
New Haven:Yale University Press.

Dahl, Robert, (1982) “Dilemma of Pluralist Democracy.
New Haven: Yale University Press. p.11

Gerges, Fawaz A. “The Future of Political Islam.” Dec. 26, 2004
http://abcnews.go.com/International/story?id=336247&page=1

Gerges, Fawaz, “Is Democracy Possible in the Middle East.”
ABC News, April 30, 2005.
http://abcnews.go.com/International/story?id=707625&page=1

Huntington, Samuel P. (1965), “Political Development and Political Decay.”
World Politics, Vol. 17, No. 2 (April 1965), pp. 386-430.

Schmitter, Philippe C. and Terry Lynn Karl. “What Democracy is .. And Is Not.”
Journal of Democracy: 2 (Summer 1991), pp. 75-87.
Reprinted in Mark Kesselman and Joel Krieger (2006),

Readings in Comparative Politics: Political Challenges and Changing Agendas.”
New York: Houghton Mifflin Company, pp. 160-171.

Sorensen, Georg (1998), “Democracy and Democratization:
Processes and Prospects in a Changing World.”
Boulder, Colorado: Westview Press. 2/e

Gerges, Fawaz A. “The Future of Political Islam.” Dec. 26, 2004
http://abcnews.go.com/International/story?id=336247&page=1

Gerges, Fawaz, “Is Democracy Possible in the Middle East.” ABC News, April 30, 2005.
http://abcnews.go.com/International/story?id=707625&page=1

Hirsh, Michael. “What if Islam isn't an obstacle to democracy
in the Middle East but the secret to achieving it?” Sunday, 05 June 2005
http://www.libyaforum.org/english/index.php?option=content&task=view&id=657&Itemid=30

Wickham, Carrie, “The Islamist Response to the U.S. Democracy Reform Initiative.” 04 November 2004
http://www.libyaforum.org/english/index.php?option=content&task=view&id=271&Itemid=30

 

أخر مقالات نشرتها