Monday, February 15, 2016

مـلاحظــات على مـلاحظـات


مـلاحظــات
على                                    

مـلاحظـات  
بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا                                 
حول المقترحات الأولى للجنة العمل بالهيئة التأسيسية لصياغة           
مشروع الدستور

رد غير رســمي
مـن
د. محمـد عبد الرحمن بالرويـن           
عضـو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور    
البيضاء, ليبيا                                       
  
بالرُغم من أن المهمة الأولي والأساسية والوحيدة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا – كما نص على ذلك قرار إنشاءها –  هو "الدعم" (والذي يعني لغويا وببساطة – الإعانة , أو المساعدة, أو التقوية, أو الإحسان لطالب الدعم) للشعب الليبي ومساعدته بما يحتاجه ويطلبه لإعادة بناء دولته الحديثة والمدنية والمناسبة له ولثقافته ومعتقداته وأحلامه, إلا أن المجموعة المُكلفة بهذا الدعم (باسم الأمم المتحدة ونيابة عن أعضائها) قامت بإصدار هذه الورقة (غير الرسمية) والتي يمكن وصفها, وبكل تجرد وحيادية, أنها ورقة غير علمية ومجهولة المصدر الحقيقي  (أي أن القاري لا يستطيع معرفة من هم الأشخاص الذين ساهموا في كتابتها؟ ولا ما هي المصادر الحقيقية التي استندوا عليها في الاستدلال؟ ولا ما هي مؤهلتهم العلمية وخبرتهم المهنية والعملية في صناعة الدساتير؟).

والغريب أن هذه الورقة المُقدمة من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا, وبالرغم من أنها ورقة غير رسمية (كما يقول عنوانها), إلا أنها تحمل في طياتها الكثير من الإملاءات التي يغلب  عليها        
"طابع الإلزام".. و.. "أسلوب التوجيه".. و.. "دور الأستاذية".. و .. "منطق التفضيل.

والغريب أيضا أن هذه الورقة المُقدمة من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قد انتهجت منهج الأحادية في التفكير والإيمان بان العهود والمواثيق الدولية كُتب (مقدسة) لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها. وأنها وثائق غير مُسيسة وقد تم عليها اتفاق وإجماع من كل دول وشعوب العالم الحر (سواء صادقت عليها أم لم تصادق) وفيما يتعلق بكل القضايا والأمور والقيم الإنسانية المنصوص عليها في هذه الوثائق.

والغريب أكثر هو أن هذه الورقة المُقدمة من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قد انتهجت أسلوب "الأستاذية في الطرح" و "الفوقية في التعاطي" في مخاطبة المرسل له (أي أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور)! وكأن مؤلفي هذه الورقة (المجهولين مع احترامي لهم) يعتقدوا في أنفسهم أساتذة يخاطبون تلاميذ في "فصل دراسي" أو "ورشة عمل."

          والأغرب من كل ذلك هو أن هذه الورقة المُقدمة من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قد يبدو أنها نتاج لمجهود مجموعة (متجانسة) في الأفكار وتحمل نفس الإيديولوجية والتوجه, ويبدو أنها لا تؤمن إلا بما تقوله , ومستندة على المعاهدات والمواثيق الدولية فقط بأسلوب انتقائي, وما تعتقد أنه الصواب وفقا لمعتقداتها وما هو الأنسب للبشرية في نظرها, وأنه لا تؤمن بخصوصية الشعوب ومعتقداتها.

          والحقيقة أن الأمثلة على ما ذكرته أعلاه كثيرة (ولا يتسع المجال في هذه الورقة لحصرها جميعا), لعل من أهم هذه الأمثلة وباختصار شديد الآتي:

أولا: نماذج من العبارات "الفضفاضة" والتوصيات "غير الموضوعية":

لقد تضمنت هذه الورق (غير الرسمية) عبارات كثيرة يغلب عليها الطابع المزاجي وتغيب عنها الحيادية في التعاطي مع القضايا الليبية ويمكن القول بأنها بعيدة كل البعد عن أي منهجية علمية, والأمثلة على ذلك كثيرة لعل من أهمها:

1. عبارة "لا ينبغي ..." كما تنص توصية البعثة فيما يتعلق بالمادة (17) بعنوان: (اللجوء السياسي). تقول التوصية: "لا ينبغي أن تقتصر وضع اللاجئين وضمانات عدم الإعادة القسرية على طالبي اللجوء السياسي." (أنظر ورقة البعثة, ص 4). والحقيقة أن هذه المادة (17) لا تتحدث هنا إلا على نوع واحد من طالبي اللجوء وهو "اللجوء السياسي" وكيفية التعامل معهم. ونص المادة هو: "تكفل الدولة اللجوء السياسي, ويحظر تسليم اللاجئين السياسيين, وتنظم شروطه وأوضاعه بقانون." بمعني لم تذكر هذه المادة أي أنواع أخرى للجوء, ولم تُشر إلى كيفية بقاءهم من عدمه. وبذلك تكون عبارة "لا ينبغي ..." غير موضوعية ويمكن وصفها بأنها اعتراض على أمور وشروط غير موجودة ولم تتعرض له المادة! (أنظر المخرجات (1) , ص 4).

2. عبارة "هو تشدد قد يمكن التغاضي عنه." كما تنص توصية البعثة فيما يتعلق بالمادة (23) بعنوان: (المال العام). تقول التوصية: " النص على عدم سقوط الجرائم المتعلقة بالمال العام وعدم العفو عنها هو تشدد قد يمكن التغاضي عنه." (أنظر ورقة البعثة, ص 4). في تشدد تتحدث عليه هذه التوصية الغريبة حقا؟ تعالوا نقرأ مشروع المادة (23) معا: "المال العام مصون لا يجوز الحجز عليه, وعلى الدولة حمايته وتنميته وصيانته, ويحظر الاعتداء عليه أو التصرف فيه بما يخالف أحكام الدستور والقانون. وتضمن الدولة استرداده واقتضاء التعويض عن إتلافه أو الإضرار به, ولا تسقط الجرائم  المتعلقة به بالتقادم ولا يجوز العفو عنها" (أنظر المخرجات (1), ص 5). فهل يعقل أن توجد عبارة واحدة في هذه المادة يمكن وصفها بالمتشددة. فالمال العام يجب أن يكون مُقدسا في كل الدول, واعتبار الاعتداء عليه جريمة يجب إلا تسقط بالتقادم. فأي مواثيق دوليه تقول بأن مجرمي المال العام يجب العفو عنهم؟ وهل يُعقل أن يتم الغفران لسارق المال العام بعد أن تمضي مدة معينة من الزمن! وإذا كان هذا لا يعقل, فكيف يُعتبر ذلك تشدد؟

3. عبارة "يمكن أن يتسبب ذكر عبارة ... في تكريس الصور النمطية بين الجنسين," كما تنص توصية البعثة فيما يتعلق بالمادة (31) بعنوان: (الأسرة). تقول التوصية "... يمكن أن يتسبب ذكر عبارة (تكامل الأدوار بين أفراد الأسرة) في تكريس الصورة النمطية بين الجنسين" (أنظر ورقة البعثة, ص 5). ولكي تتضح الصورة أكثر دعونا نقرأ مشروع المادة (31) معا لنعرف ما تقول: "الأسرة القائمة على الزواج الشرعي بين رجل وامرأة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وتكامل الأدوار بين أفرادها وقائمة على المودة والرحمة, وتكفل الدولة حمايتها وترعي الزواج وتشجع عليه وتحمي الأمومة والطفولة, وتعمل على التوفيق بين واجبات المرأة وعملها." (أنظر المخرجات (1), ص 5). فهل يوجد في هذا النص ما يتعارض مع المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان؟ والسؤال هنا هو: حتى لو سلمنا (معكم) جدلا بهذه الفرضية! فهل كل ما هو "نمطي" في المجتمع مذموم ومرفوض ولابد من التخلص منه يا أساتذة؟ ألا تعني النمطية التكرار الرتيب والمنظم للأعمال والممارسات والسلوكيات؟ ألا يعني النمط الطريقة المتبعة أو الأسلوب المستخدم؟ فهل كل نظام أو طريقة أو أسلوب نمطي مُتبع مرفوض؟ وهل كل ما هو "روتيني" غير مرغوب وهو شيء غير صحي وعلى أي دولة تريد التقدم أن تتخلص منه؟! غريب حقا أمركم أيها السادة! وهل العمل على تشجيع أفراد العائلة على التعاون والتكامل لا يحقق المساواة التي تدعون لها؟ حقا عجيب أمركم وفهمكم للأمور يا سادة!

4. عبارة "عدم السماح للرئيس ..." كما تنص توصية البعثة فيما يتعلق بالمادة (43) بعنوان: (إصدار ونشر القوانين). تقول التوصية: "عدم السماح للرئيس بإعادة القانون إلى مجلس النواب إلا  إذا كان يعتقد أنه قانون غير دستوري, وهو ما يتفق مع دور الرئيس باعتباره المكلف بحماية الدولة." (أنظر ورقة البعثة, ص 8). فماذا تقول هذه المادة في هذا الصدد؟ نص المادة هو: "إذا أقر مجلس النواب مشروع أو مقترح قانون يحال في مدة أقصاها سبعة أيام إلى رئيس الدولة لإصداره والأمر بنشره في الجريدة الرسمية خلال مدة لا تجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ إقراره, وإذا لم يقم رئيس الجمهورية بذلك على رئيس مجلس النواب إصداره ونشره بتوقيعه. ويعمل بالقانون بعد يومين من تاريخ نشره ما لم ينص على خلاف ذلك. ولرئيس الجمهورية رد القانون الذي تم إقراره بتعديلات, وللمجلس خلال أربعة عشر يوما إقراره بتعديلاته أو بدونها بالأغلبية المطلقة للأعضاء" (أنظر المخرجات (1), ص 10). وبالرغم من أن لي شخصيا الكثير من الملاحظات والانتقادات لهذا المقترح المُقدم من لجنة العمل, إلا أن توصية البعثة حول هذه المادة أمر غريب ولا أساس علمي له. ففي كل نظام سياسي يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ المراقبة والتوازن. فوفقا لهذا النظام لابد لكل مشروع قانون يصدر من البرلمان أن يوافق عليه رئيس الدولة, وللرئيس "حق نقد" المشروع لكي يتحقق مبدأ المراقبة والتوازن. وعليه فإن ما تقوله هذه التوصية هو كلام غير موضوعي وغير علمي. وكان الأولى والأجدر من أصحاب هذه الورقة تقديم مقترحات بديله لتحقيق مبدأ المراقبة والموازنة, بدلا من استخدام أسلوب الأمر كما نصت توصيتهم "عدم السماح للرئيس بإعادة القانون إلى مجلس النواب ..." وكأنهم وحدهم من لهم حق امتلاك الحقيقة في هذا الشأن!

5. عبارة "... وهي عبارة مبهمة ... وقد يكون أمر غير واقعي ..." كما تنص توصية البعثة فيما يتعلق بالمادة (21) بعنوان: (البيئة). تقول التوصية: "المادة ترتب التزاما على المقيمين بالدولة والعابرين لإقليمها بتنمية البيئة وهي عبارة مبهمة لا يظهر منها مدي هذا العبء وكيفية الالتزام به وقد يكون أمر غير واقعي ومن المستحسن حذفه والاكتفاء بحماية البيئة وسلامتها" (أنظر ورقة البعثة, ص 4). ولكي تتضح الصورة كاملة حول هذه العبارة دعونا نراجع مشروع المادة (21) معا لنعرف ما تقول: "حماية البيئة وسلامتها وتنميتها التزام على الدولة وكافة الأشخاص المقيمين بها والعابرين لإقليمها, وتتخذ الدولة التدابير اللازمة لصون عناصرها ومكوناتها من التلوث والمحافظة على التنوع الطبيعي والحيوي. ويحظر دخول النفايات النووية والسامة والمشعة. وينظم قانون خاص استخدام وتداول ونقل وتخزين المواد السامة والخطيرة وأي مواد أخرى ضارة بالبيئة. وتعتبر الدعاوي القضائية بشأن سلامة البيئة دعاوي حق عام بدون رسوم قضائية, ولا تسقط الجرائم المتعلقة بها بالتقادم" (أنظر المخرجات (1) , ص 5). وبعد قراءة هذه المادة بالكامل وكما وردت في مقترح لجنة العمل لا يمكن القول أن عباراتها مبهمة وغير واقعية؟ لان حماية البيئة وسلامتها وتنميتها ببساطة شديدة يجب أن تكون التزام على الدولة وعلى كافة الأشخاص المقيمين بها والعابرين لأراضيها, ويجب معاقبة كل من لا يلتزم بهذا الواجب. وعليه فهي ليست مادة مبهمة (كما تدعي توصية البعثة). والجميل في هذه المادة أنها عامة ومرنة وتتيح للمُشرع وضع كل الآليات والمعايير المناسبة لتحقيق هذا الهدف, ولتحديد هذا العبء وكيفية الالتزام به. والغريب والعجيب في الأمر أن تصدر هذه التوصية من بعثة يُفترض فيها تشجيع ودعم – كما نصت المواثيق الدولية الخاصة بذلك - كل من الدول التي تسعي لحماية البيئة وتنميتها.

أما قول التوصية بأن "المادة ترتب التزاما على المقيمين بالدولة والعابرين لإقليمها," فهذا أمر طبيعي لان لكل شيء تكلفة. فهل يعقل أن يستخدم ويشتغل المقيم في الدولة دون مقابل؟ وعلية نعم لابد من ترتيب التزامات وشروط على كل مقيم في الدولة (سواء كان مواطنا أو غير مواطن) لكي يمكن حماية البيئة ومن أجل المحافظة عليها. وقد تركت المادة للمشرع وللأجيال القادمة تحديد مدي هذا العبء وكيفية الالتزام به. والغريب في هذا الأمر ايضا أن تصدر هذه التوصية من بعثة يُفترض فيها التشجيع والدعم لليبيين كي يحموا بيئتهم ويقوموا بتنميتها. والعجيب أكثر أن هذه الورقة تدعي بان أدوات التحليل والنقد التي اعتمدت عليها هي المواثيق والمعاهدات الدولية دون أن تحدد لنا أي وثيقة دولية قامت بالاعتماد عليها في هذا الشأن! فهل يُعقل أن يتم التعامل من جانبكم مع مؤسسة رسمية أتيتم لدعمها بهذا الأسلوب غير العلمي؟

ثانيا: نماذج من العبارات "التوجيهية" والتوصيات "غير المنطقية":

إلى جانب العبارات غير الموضوعية والتي يغلب عليها الطابع المزاجي وغياب الحيادية والابتعاد عن أي منهجية علمية, تضمنت الورقة (غير الرسمية) العديد من عبارات التوجيه والخيارات الإيديولوجية التي توصى وتتمني البعثة من الهيئة التأسيسية الأخذ بها وتضمينها في الدستور الليبي, لعل من أهمها:

1. عبارة "تفسح المجال أمام تفسير قد يكون متشددا ..." كما تنص توصية البعثة فيما يتعلق بالمادة (7) بعنوان: (مصدر التشريع). تقول التوصية" (هذه المادة) تفسح المجال أمام تفسير قد يكون متشددا للشريعة الإسلامية وهو أمر قد يفضل معه مراجعته" (أنظر ورقة البعثة, ص 1). هذه التوصية – إذا انطلقنا من حسن النية فيما توصى به البعثة - يمكن اعتبارها مجرد ا رأي يُحترم  من قِبل خبراء يبدو أنهم لا يؤمنون بالتعددية الفكرية والإيديولوجية في السياسة, وأن هذا الرأي لا يؤمن بأن يكون للإسلام دور في الحياة السياسية الليبية! ولكن حتى لو سلمنا  جدلا بهذا الرأي , فسيبقي السؤال: هل يوجد في العالم الحر أي نظام ديمقراطي خالي من وجود تفسيرات مُتشددة للنصوص الدستورية والقانونية؟ بالتأكيد لا. وعليه فمهم دائما ليس في وجود "التشدد" وإنما في "درجة" هذا التشدد؟  وآليات قياسه؟ وفي أسبابه؟ وفي دوافعه؟ من هذا الفهم, يمكن القول أن الخوف يجب ألا يكون من "التشدد في حد ذاته" مهما كان هذا الخوف, وإنما يجب أن يكون الخوف من نوع نظام الحكم الموجود في الدولة. بمعنى هل هو نظام دستوري ديمقراطي عادل أم لا؟ ويجب أن يكون الخوف ايضا من مَن بأيديهم القوة والسلطة والمال في الدولة.

ومع أنني شخصيا على قناعة بأن المادة (7) بعنوان: (مصدر التشريع) من المخرجات الأولي للجنة العمل تحتاج إلي إعادة صياغة ولدي فيها ما أقول, إلا أنه لا يعنى بأي حال من الأحوال ضرورة العمل على إقصاء ديننا الإسلامي من الحياة السياسية (تحت شعار الخوف من التشدد) كما تُلمح إلى ذلك توصية بعثة الأمم المتحدة. والحقيقة التي لا جدال فيها أن هناك شبه إجماع عند الليبيين على ضرورة أن يكون لديننا دور أساسي في حياتنا السياسية القادمة, وأن يتم إعادة بناء دولتنا الحديثة والمدنية على هذا الأساس, ولن تجد من يُجادل في أن ليبيا ليست دولة مُسلمة وشعبها مسلم.

والحقيقة هنا ليست في توصية البعثة في حد ذاتها وإنما في الأسلوب التوجيهي الذي استخدمته في ورقتها (غير الرسمية)! والغريب أكثر أن هذه التوصية مُخالفة حتى للمنهجية التي استندت عليها في تحليلها للمُخرجات (1) للجنة العمل, عندما قالت في مقدمة ورقتها ".. قد قامت البعثة الأممية بتحليل المسودة من خلال مقارنتها بالمعايير الدولية وبأفضل الممارسات العالمية, وقامت بصياغة هذه الورقة لتقديم توصيات عملية..." (أنظر ورقة البعثة, ص 1). والسؤال هنا لأصحاب هذه الورقة (غير الرسمية) هو: أي معايير دولية اعتمدت عليها البعثة وتم الرجوع لها للوصول إلى أن تفسير ما ورد بخصوص الشريعة الإسلامية على أنه "قد يكون متشددا؟" ومتشدد من ماذا؟ ومن الذي سيحدد درجة هذا التشدد؟ وإذا كان هذا مجرد احتمال من الاحتمالات! أليس من الأجدى من البعثة افتراض حسن النية! وذلك لأن الإجابة العلمية والصحيحة (في علم الاحتمالات في هذه القضية) هو القول: باحتمال: "قد يكون متشددا," ولكن ايضا احتمال: "قد لا يكون متشددا, بمعني قد يكون معتدلا وربما حتى رائعا." وإذا لم تعتمد البعثة في استنتاجها على "المعايير الدولية," وإنما اعتمدت على "أفضل الممارسات العالمية." يبقي السؤال هنا ايضا هو: ما هي هذه الممارسات العالمية التي تم الاعتماد عليها للوصول إلي هذا الاستنتاج البديع. والحقيقة المُرة أن البعثة لم ترشدنا لا على هذا ولا على ذاك!

يا سادة أعضاء بعثة الأمم المتحد للدعم في ليبيا لابد أن تعوا بأن شعبنا سوف يكون قادرا على إقامة دولة حديثة مدنية مسلمة. وفي حين أنها ليست دولة علمانية, إلا أنها دولة حديثة مدنية مؤسسة وقائمة على مبادئ إسلامية, ولكنها ايضا وفي نفس الوقت لن تكون دولة دينية. وهنا لابد من التأكيد, وبأسلوب مختلف، لعلنا نتفق بأنه لا يوجد دولة حرة وناجحة ومتقدمة وفي نفس الوقت دولة علمانية بالكامل.

لعله من المناسب أن أختم هذا البند بالاستدلال بمثال واحد فقط (لأن المجال في هذه الورقة لا يتسع لشرح العديد من الأمثلة) .فمن أفضل الممارسات العالمية في علاقة الدين بالدولة, لإثبات خطأ توصية البعثة، ممارسة أو تجربة الولايات المتحدة وعلاقة دستورها بدين المؤسسيين لها.

مما يجدر ملاحظته أن الكثير من العلمانيين في الولايات المتحدة يقولون إن أمريكا هي دولة علمانية بامتياز, وبعضها يذهب إلى أبعد من ذلك بالقول إن الدستور قد أنشاء دولة ملحدة ولا مكان للدين ولا إلى الله فيها! وأحد الأدلة التاريخية للاستدلال على استنتاجهم هو عدم وجود كلمة "الله" في الدستور الأمريكي. وأن هذا الغياب لذكر "الله" في الدستور هو دليل كبير وقاطع بالنسبة للعلمانيين يشير إلى أن واضعي الدستور الأمريكي لم تكن لهم أي مصلحة ولا رغبة في الدين.

ولكن من يدرس التاريخ الأمريكي سيكتشف بأن الواقع عكس ذلك تماما. بمعني أن فكرة تأسيس دولة ووجود حكومة لا تستند على الدين ولا تعتمد على الله لم تكن واردة أصلا في تفكير المؤسسين وخصوصا الذين كتبوا هذا الدستور, بل على العكس من ذلك نجد أن أغلبية المصطلحات المستخدمة في الدستور هي مصطلحات دينية, وتطبيقا للمبدأ الذي ينص عليه دينهم والذي يقول: "دع ما لله لله , وما لقيصر لقيصر." ولتوضيح ذلك دعوني أستدل بمثالين فقط (هما):

(أ) قام الدكتور دونالد س. لوتز، أستاذ الفلسفة السياسية في جامعة هيوستن، وشريكه في البحوث، الدكتور تشارلز هاينمن بالقيام بدراسة رائدة استمرت 10 سنوات عن "أهم الأفكار التي شكلت الجمهورية الأمريكية", ونشرت نتائج دراستهم في "مراجعة العلوم السياسية الأمريكية" في سنة 1984.

ومن خلال هذه الدراسة قام الباحثان بفحص ما يقرب من 15،000 بحث و55 كتاب عن الدستور الأمريكي، بما في ذلك مقالات في الصحف والنشرات. وكشف أن الكتاب المقدس، وخاصة سفر التثنية، قد ساهمت بـــ 34 في المائة من جميع الاقتباسات المباشرة التي تضمنها الدستور, (Ransil, Leonard.

(ب) قيام جورج واشنطن (الذي ترأس المؤتمر الدستوري, وأول رئيس للدولة) بعد عشرة أيام من تنصيبه لرئاسة الجمهورية بكتابة رسالة يوم 10 مايو 1789 إلى الكنائس المعمدانية المتحدة في ولاية فرجينيا، يقول فيها: "لو كان عندي أدنى خوف من أن الدستور الذي أنتجه المؤتمر الدستوري, والذي كان لي شرف رئاسته، ربما سيشكل خطرا على الحقوق الدينية في مجتمع الكنسية، فإنني بالتأكيد لن أكون قد وضعت توقيعي عليه."

2. عبارة "... ينبغي النص كذلك على تمثيل المرأة ضمن هذه الفئات." كما تنص توصية البعثة فيما يتعلق بالمادة (45 من مخرجات لجنة العمل 1) بعنوان: (تشكيل مجلس الشيوخ). تقول التوصية الأولي "... يشير مشروع الدستور إلى تمثيل متساو للأقاليم الثلاث وإلى توازن التمثيل الجغرافي في توزيع المقاعد في كل إقليم وينبغي النص كذلك على تمثيل المرأة ضمن هذه الفئات." أما التوصية الثانية لهذه المادة فلا تكتفي بمجرد المطالبة بحصة للمرأة وإنما باشتراط نسبة محددة لهذه الحصة. تقول التوصية "النص على حصة للنساء في مقاعد مجلس الشيوخ وفقا للمعايير الدولية لا تقل عن 30% في كل إقليم." والسؤال هنا هو لماذا تحديد نسبة 30% وليس أكثر من ذلك طالما أن المرأة تمثل أكثر من 50% من عدد السكان في الأغلبية العظمي من الدول؟ وعلى أي أساس تم وضع هذه النسبة؟ ولماذا لم تلتزم الدول الديمقراطية العريقة بهذه الكوتا؟ وهل نحن أحسن من كل هذه الديمقراطيات العريقة في ضرورة إعطاء حصة (كوتا) للمرأة في كل المؤسسات التشريعية؟ وهل فعلا هذا هو الأسلوب الأحسن لتمكين المرأة والدفع بها للمشاركة في العملية السياسية؟ وبنظرة سريعة لمشاركة المرأة في الدول الديمقراطية نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية وبعد 225 سنة من ممارسة الديمقراطية لم تصل فيها نسبة مشاركة المرأة في مجلس النواب (حتى عام 2015) إلا إلى 19.3% (أي 84 من 435) من مجموع الأعضاء. وفي مجلس الشيوخ كانت النسبة 20% فقط كلهن من الجنس الأبيض. أما في الدول الديمقراطية الأخرى فرنسا مثلا وبعد أكثر من 225 سنة من ممارسة الديمقراطية لم تصل فيها نسبة مشاركة المرأة في مجلس النواب (حتى عام 2014) إلا إلى 26.2% , وفي مجلس الشيوخ فإن النسبة 25% فقط. ولعل الجدول (1) التالي يعطي صورة واضحة للمشاركة السياسية الفاعلة والقائمة على أسس ومبادئ المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص.
           فهل هذه الدول في الجدول (1) هي دول فاشلة ديمقراطيا لأنها لا تتطابق مع نظام الحصة (الكوتا) للمرأة المنصوص عليه في الوثائق الدولية كما تقول البعثة؟ وبالرغم من أنها تمارس الديمقراطية لعشرات (بل بعضها لمئات) السنيين كأمريكا وفرنسا وبريطانيا؟ أم أنها دول لا تؤمن بمبادئ المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص؟
الجـدول (1)
نسبة النساء في المجالس النيابية –  أمريكا واليابان وأوروبا
الرقم
الدولة
سـنة الانتخابات
عدد المقاعد
عدد النساء
 النساء %
1
بريطانيا
2015
650
191
29.4%
2
استراليا
2013
150
40
26.7%
3
فرنسا
2012
577
151
26.2%
4
كندا
2015
338
88
26.0%
5
اليونان
2015
300
59
19.7%
6
الولايات المتحدة
2014
434
84
19.4%
8
اندونيسيا
2014
555
95
17.1%
9
ايرلندا
2011
166
27
16.3%
10
تركيا
2015
550
82
14.9%
11
روسيا
2011
450
61
13.6%
12
الهند
2014
543
65
12.0%
13
هنغاريا
2014
198
20
10.1%
14
اليابان
2014
475
45
9.5%
15
سويسرا
2013
65
4
6.2%
المصــدر                                                                                               Women in national parliaments                                                                        http://www.ipu.org/wmn-e/classif.htm

ولكن تعالوا ننظر للقضية من منظور آخر هو: هل يمكن الاستنتاج أن الدول التي تمارس نظام الكوتا (أو حصة 30% على الأقل) والتي جلها من دول العالم الثالث (أنظر الجدول 2) هي دول أكثر ديمقراطية من الدول الأوروبية؟ وبمعني آخر هل رواندا وبوليفيا وكوربا هي دول أكثر ديمقراطية من أمريكا وفرنسا وبريطانيا في هذا الشأن؟ وأخيرا هل يمكن القول بأن المرأة في هذه الدول (الموجودة في الجدول 2) قد تحصلت على كل حقوقها السياسية التي تُطالب بها وأصبحت متساوية مع الرجل بالتمام والكمال؟ أنظر إلى الجدول (2) وأحكم بنفسك.

الجـدول (2)
نسبة النساء في المجالس النيابية –  دول العالم الثالث
الرقم
الدولة
سـنة الانتخابات
عدد المقاعد
عدد النساء
 النساء %
1
رواندا
2013
80
51
63.8%
2
بوليفيا
2014
130
69
53.1%
3
كوبا
2013
612
299
48.9%
4
سيشيل
2011
32
14
43.8%
5
السنغال
2012
150
64
42.7%
6
المكسيك
2015
498
211
42.4%
7
جنوب أفريقيا
2014
400
168
42.0%
8
أكوادور
2013
137
57
41.6%
9
ناميبيا
2014
104
43
41.3%
10
 موزنبيق
2014
250
99
39.6%
                                                                                                              المصـدر                 Women in national parliaments                                                                        http://www.ipu.org/wmn-e/classif.htm

ولعل من المناسب هنا أن اختم هذا البند بالتأكيد على ثلاثة أمور مهمة:
(1) حتى لا يعتقد البعض أو يتهمني آخرون بأنني ضد المشاركة الحقيقية والفاعلة للمرأة في كل مناحي الحياة السياسية¸ أقول أنني أنظر للمرأة كمواطنة أولا وكأي مواطن آخر في دولة. وأن هذه المواطنة في اعتقادي تقوم بالدرجة الأولي على أسس العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص, ومن جهة أخرى فإنني أرفض كل أنواع التمييز والتهميش والإقصاء.

(2) وفي اعتقادي ايضا أن إعطاء حصة (أو كوتا) للمرأة أو إلى أي مكون آخر في المجتمع لن يكون على المدى الطويل مُفيد لا للمرأة, ولا لأي مواطن آخر, ولا للدولة والمجتمع ككل. وستكون الكوتا الأداة التي ستقضى على مبادئ المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص, وستستغلها الأحزاب والتكتلات السياسية لتحقيق أهدافها الخاصة.

(3) لعل من أهم سلبيات نظام الحصة (أو الكوتا) الآتي:

(أ) الحصص آلية غير ديمقراطية، لأنها لا تعطي الناخبين الفرصة لاختيار من يعتقدوا أنه الأنسب من بين المرشحين (نساء أو رجال).

(ب) الحصص ضد مبدأ تكافؤ الفرص للجميع، حيث يتم منح المرأة أفضلية على الرجال.

(جـ) الحصة تعطي انطباع سلبي على مقدرة المرأة وكأنها مواطن غير قادر بذاته وبدون حماية على المشاركة الفاعلة في الدولة, ولهذا تجد العديد من النساء (في الدول الديمقراطية) لا ترغب في الحصول على المنتخبين لمجرد أنها امرأة. ولتأكيد على هذه النقطة أقول: هل نسي السياسيون والمفكرون العرب تجربة "الاتحاد الاشتراكي العربي" وفكرة "تحالف قوي الشعب العاملة," التي أسسها الرئيس جمال عبد الناصر في مطلع الستينات من القرن الماضي ولا تزال مستمرة (بدرجة أو بأخرى) إلى الآن في البرلمان المصري. لقد كانت فكرة الاتحاد الاشتراكي تقوم على مبدأ  التمثيل على أساس مكونات (أو قوى) الشعب العاملة. وعلى هذا الأساس أعطى عبد الناصر نسبة 50% كحصة من مقاعد البرلمان للفلاحين والعمال. والسؤال هنا: ماذا حصل للفلاحين والعمال بعد هذه التجربة وإعطائهم هذا الحصة لأكثر من 50 سنة؟ هل موقفهم السياسي والاقتصادي اليوم أحسن وأقوى من قبل الحصول على الكوتا؟ وأخيرا كنت أتوقع وأتمنى أن تكون بعثة الأمم لليبيا فعلا داعمة ومُناصرة للمساواة وتكافؤ الفرص لكل مُكونان المجتمع الليبي ودون إقصاء أو تهميش لأحد, ولكن يبدو أن إيديولوجية أعضاء هذه البعثة أنستهم الواقع وأضاعت عنهم الهدف الذي وظفتهم الأمم المتحدة من أجله. وصدق من قال: "الطبع يغلب التطبع" و "من شب على شيء شاب عليه."

3. عبارة "حكم فيه إجحاف وتمييز ..." كما تنص توصية البعثة فيما يتعلق بالمادة (198) بعنوان: (الجنسية). تقول ورقة البعثة في هذا الصدد" المادة تنص على تعليق كافة إجراءات الحصول على الجنسية لمدة عشر سنوات. وهذا حكم فيه إجحاف وتمييز وفي حال ثم تطبيقه مع أحكام المادتين (3) و(11) فإن هذا من شانه أن يضع عقبات إضافية على المرأة الليبية وأفراد الجماعات المهمشة تقليديا في نقل الجنسية إلى أطفالهم كما انه يبدو من الغريب إدراج بند في الدستور يقضي أساسا بتجميد إجراءات التجنس لمدة عشر سنوات" (أنظر, ورقة البعثة، ص 38). العجيب أن هذه البعثة وهي تستخدم هذا الأسلوب التوجيهي لكيف يجب أن نكتب دستورنا, لم تقم بالإشارة إلى أي وثيقة دولية استندت عليها في توصيتها بأن هذه الإجراءات مُجحفة وظالمة في حق هذه الجماعات التي تدعي بأنها مُهمشة. والسؤال الذي يمكن أن نسأله هنا هو: أليس من حق أي دولة مستقلة ذات سيادة أن تسن كل ما تراه ضروريا ومناسباً من قوانين وتشريعات مُتعلقة بمنح أو تجميد أو سحب الجنسية؟ وبأسلوب آخر؟ هل توجد دولة اليوم ليس لها قوانين وإجراءات لمنح وتجميد وسحب التجنس والجنسية؟ الم يقم الملك عبد الله الثاني, ملك المملكة الأردنية, أخيرا بإعلان، ولأجل غير مُحدد، أن الحكومة جمّدت عملية منح وتجميد وسحب الجنسية والأرقام الوطنية, (أنظر: زاد الأردن الإخباري, 2016). الم تشترط قوانين الجنسية الألمانية بأنه يمكن للمهاجر التقدم للحصول على الجنسية الألمانية بعد مرور ثمان سنوات إقامة منتظمة معتادة في الدولة؟ ألم تشترط اليابان, أن أي طفل من ذوي الجنسية المزدوجة يجب أن يختار بين اثنين في غضون عامين بعد بلوغه سن الرشد؟ لان اليابان تحظر ازدواج الجنسية لأنه قد يكون هناك تعارض في المصالح بين البلدين.

والعجيب في هذه التوصية غير المنطقية هو القول بأن هذا الإجراء "من شانه أن يضع عقبات إضافية على المرأة الليبية وأفراد الجماعات المهمشة تقليديا في نقل الجنسية إلى أطفالهم." وإذا كان هذا صحيحا فما هي هذه الجماعات المهمشة تقليديا؟ أليس هذا كلام يفتقر إلي أدلة وإلى كل المعايير الموضوعية والمنطقية. أفيدونا يا سادة أفادكم الله! أليس هذا أسلوب من أساليب "النمطية السلبية" وهو أسلوب غريب ولا يليق بان يصدر من مؤسسة دولية عريقة كالأمم المتحدة.

4. عبارة "... هذه فرصة لإدراج لغة لضمان أن يمثل كلا الجنسين ..." كما تنص توصية البعثة فيما يتعلق بالمادة (48) بعنوان: (رئاسة المجلس). تقول البعثة في هذا الصدد "تتكون رئاسة المجلس من رئيس ونائبين, وهذه فرصة لإدراج لغة لضمان أن يمثل كلا الجنسين , الرجال والنساء في منصب نائب الرئيس" (أنظر ورقة البعثة, ص 10). وقبل التعليق دعونا نقرأ نص المادة (48) من مقترح لجنة العمل: "يعقد المجلس أولى جلساته برئاسة أكبر الأعضاء سنا ويكون أصغرهم مقررا له وذلك لانتخاب الرئيس ونائبيه على أن تجرى انتخابات رئاسة المجلس كل ثلاث سنوات." فهل بعد قراءة النص يمكن القول بان الفرصة غير متاحة لكلا الجنسين من الوصول إلى أي منصب من هذه المناصب. وهل هناك ما يقصي المرأة في هذا الشأن؟ وغريب حقا أمر من كتب هذه الورقة؟ وغريب استخفافهم بعقول الآخرين! وأنا مع أن تقوم بعثة الأمم المتحدة بإعطاء توصيات علمية ومنطقية ومستندة على تجارب ناجحة, وخصوصا في القضايا التي لا يوجد من يفقهها في شعبنا وتتطلب شيء من التخصص والخبرة. ولكن ليس من حق أعضاء البعثة استخدام أساليب التوجيه والفوقية في الخطاب, ولا الإدلاء برغباتهم الخاصة المنطلقة من توجهاتهم الإيديولوجية والفكرية غير المُحايدة.

5. عبارة "يفضل أن تكون هذه المعاهدات على قدم المساواة مع الدستور..." كما تنص توصية البعثة فيما يتعلق بالمادة (16) بعنوان: (المعاهدات والاتفاقيات الدولية). تقول البعثة في هذه التوصية "شرط تقديم المعاهدات الدولية التي صادقت عليها ليبيا, على التشريعات المحلية أمر إيجابي, ومع ذلك يفضل أن تكون هذه المعاهدات على قدم المساواة مع الدستور بدلا من أن يكون للدستور علوية على التزامات ليبيا الدولية."(أنظر ورقة البعثة، ص 4).

دعونا نقرأ, قبل التعليق على توصية البعثة, نص المادة (16) من مقترح لجنة العمل "تلتزم الدولة بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تصادق عليها, وتكون في مرتبة أعلى من القانون وأدني من الدستور. وعلى الدولة اتخاذ التدابير اللازمة لإنفاذها بما لا يخالف أحكام هذا الدستور."

فهل في هذا النص أي شيء يتعارض مع المعايير الدولية والقانون والالتزامات الليبية؟ وهل هذه المادة لا تتماشي مع الممارسات الدولية؟ وهل هذه المادة سيصعب تطبيقها في ليبيا؟ الإجابة على هذه الأسئلة جميعا بالتأكيد: لا. أذن على أي أساس تقول البعثة "تفضل البعثة بأن تكون هذه المعاهدات على قدم المساواة مع الدستور بدلا من أن يكون للدستور علوية على التزامات  ليبيا الدولية." والحقيقة أنه بالتأكيد لا يوجد لهذا التفضيل أي أساس علمي أو منطقي يمكن للبعثة الاستناد عليه! وبالإضافة إلى ذلك, ألا يعلم من كتب هذه الورقة (غير الرسمية) أنه لا يوجد إجماع بين فقهاء القانون الدولي والعلاقات الدولية حول العلاقة بين الاتفاقيات الدولية ودساتير الدول المستقلة ذات السيادة وخصوصا الدول التي لم تصادق على هذه الاتفاقيات. وعليه أليس من حق الدول اشتراط تبني الاتفاقية الدولية في نطاق أحكام دساتيرها ولهويتها وخصوصيتها الوطنية؟ أليس من حق الدول أن تنص دساتيرها (كما فعل الدستور الأمريكي والعديد من الدول الديمقراطية الأخرى) على أن أي اتفاقية دولية صادق عليها برلمانها تصبح جزءاً من قانونها في إطار دستورية الدولة؟ وهل يمكن أن تجد دولة مستقلة وذات سيادة تُصادق على اتفاقيات دولية مُخالفة لدساتيرها؟ وعليه فان الرأي الأرجح والأفضل أن لا تناقض الاتفاقية الدولية التي صادقت عليها دولة ما دستورها.

6. عبارة "من الأفضل ..." كما تنص توصيات عديدة للبعثة لعل من بينها السبع (7) مواد الآتية:

* "من الأفضل إطلاق القطاعات تدابير مكافحة الفساد وعدم قصرها على القطاعين العام والخاص فقط ...." المادة 26 (انظر ورقة البعثة، ص 5).

* "من الأفضل الإشارة في الدستور إلي وجود حد ادني من المقاعد في البرلمان تضمن للمرأة...." المادة 38 (انظر ورقة البعثة، ص 7).

* "كذلك تحدد المادة قائمة بالقوانين التي يوافق عليها المجلس ومن الأفضل إضـافة المسائل الأمنية للقائمة..." المادة 50 (انظر ورقة البعثة، ص 11).

* "عندما يكون الدستور في نظام جديد فمن الأفضل أن يكون واضحا ودقيقا فيما يتعلق بتوزيع المسؤوليات ...." المادة 76 (انظر ورقة البعثة، ص 17).

* "من الأفضل فحص وتوضيح هذا الحكم إذ أن المادة تنص على أن الرئيس يقرر العفو ...." المادة 77 (انظر ورقة البعثة، ص 19).

* "قد يكون من الأفضل كذلك تعيين نائب أو أكثر لرئيس الوزراء..." المادة 83 (انظر ورقة البعثة، ص 21).

*"من الأفضل أن تقترح المادة (46) من الدستور التونسي لسنة 2014 والتي تنص على أن الدولة ملزمة بحماية الحقوق المكتسبة للنساء ودعمها والعمل على تطويرها ..." المادة 117 (انظر ورقة البعثة، ص 26).

مرة آخرى نشكر كاتب هذه الورقة (غير الرسمية) على هذه التوجيهات (غير المباشرة) وبأسلوب "التفضيل," ولكن وللأسف لم تقم هذه البعثة بإعطاء أسباب هذا التفضيل وما هي مبرراته! أليس من واجب البعثة افتراض أن الذين شاركوا في صياغة النص من أعضاء الهيئة التأسيسية قد قاموا بدراسة كل الخيارات واستخلصوا منها نص هذه المادة , معتقدين إن ما توصلوا إليه هو الأنسب والأصلح لشعبنا الليبي.

ثالثا: نماذج من العبارات الدالة على "الأستاذية" و"المنطق الفوقي":

بالإضافة إلى أن هذه الورقة الأممية (غير الرسمية) " تتضمن العديد من العبارات "الفضفاضة" و"التوجيهية", فقد تضمنت ايضا، وللأسف الشديد، العديد من الجُمل والعبارات التي تُحي بلعب دور "الأستاذية" واستخدام "المنطق الفوقي" من جانب السادة أصحاب هذه الورقة. والأمثلة على ذلك كثيرة منها على سبيل المثال الآتي:

1.     عبارة "إعادة كتابة النص..." كما تنص توصية الورقة فيما يتعلق بالمادة (117) بعنوان (دعم حقوق المرأة). والغريب في الأمر هنا أن البعثة قد ابتدأت ملاحظاتها على هذه المادة بكلام غير دقيق (ويبدو أنه مُسيس) تقول فيه "تتعمد المادة (أي المادة 117) تجنب الإشارة إلى المساواة بين الرجال والنساء فالصياغة تستعمل لفظا دينيا "شقائق" والذي يمكن أن يفسر بكل سهولة من طرف العلماء المسلمين كشيء ليس له بالضرورة أي علاقة بمبدأ المساواة. كأفضل تطبيق داخل الوطن العربي" (أنظر ورقة البعثة، ص 26). والسؤال هو: هل الحكام في الوطن العربي اليوم هم المرجعية في ممارسة تعاليم الإسلام؟ وهل الحكام العرب يعاملوا في النساء على إنهن "شقائق" للرجال؟ هل تعرفوا أصل ومعني هذه العبارة (النساء شقائق الرجال) يا سادة؟ أصل هذه العبارة هو أنها حديث نبوي صحيح, وهي تعنى أن النساء مثيلات ونظيرات للرجال إلا ما استثناه الشرع كتقسيم الإرث. وبمعنى آخر يا سادة فان شقيق الشيء يعني نصفه, فهل تحتاجوا المزيد من الشرح؟ وهو ايضا يعنى أن النساء هن نصف الرجال ومتساويات معهم. فكيف تجروا على القول في توصيتكم بان مصطلح "شقائق" هو مصطلح ديني ليس له علاقة بالمساواة؟!! وكيف تجروا بالقول بان لجنة العمل "تتعمد (في المادة 117) تجنب الإشارة إلى المساواة بين الرجال والنساء.." حقا غريب وعجيب أمر من كتب هذه الورقة (غير الرسمية) يا سادة.
          والأغرب من هذا الكلام أنه صادر من أُناس يفترض فيهم أنهم يمثلون مؤسسة دولية كالأمم المتحدة, وأن دورهم الأساسي والوحيد هو دعم ومساعدة الشعب الليبي إذا طلب منهم ذلك, وعلى هؤلاء السادة أن يعوا بان الشعب الليبي بالرُغم من كل التحديات التي يواجهها, هو شعب ليس قاصر وليس في حاجة إلي الدعم غير الموضوعي وغير علمي ومُسيس, ويصدر من أُناس غير قادرين على معرفة الفرق بين التصنيف والتمييز! يا سادة لابد أن نعى بأنه ليس كل "تصنيف" يمكن اعتباره "تمييز," ولكن يمكن القول بأن تمييز نوع من أنواع التصنيف.

تقول توصية البعثة بخصوص هذه المادة "يجب أعادة كتابة النصوص التي تشير إلى المساواة بين الرجال والنساء للتوافق مع التعريف الدولي بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية, وأفضل الممارسات الدولية" (أنظر ورقة البعثة, ص 26). وتستمر البعثة في استخدام أسلوب التوجيه والإملاء بالقول "وعلى المادة أن تشمل (الحماية والإنصاف) ضد كل أشكال العنف ضد النساء وليس مجرد الحماية كما هو الحال في الصيغة الحالية" (أنظر ورقة البعثة, ص 26). والغريب مرة أخرى أن هذه التوصية لم تقدم لنا أي أمثلة على هذه الممارسات الدولية التي تطلب منا الاقتداء بها!

          والعجيب ايضا أن صاحب التوصية أعلاه والتي تطالب بـ "المساواة" و"الحماية" و "الإنصاف" الكامل بين الرجل والمرأة قد ناقضت نفسها قبل أن تنهي ملاحظاتها عن هذه المادة , وذلك بقولها "كما لا توجد أية إشارة لأي حصة (كوتا) للنساء فيما يخص المشاركة السياسية والاجتماعية" (أنظر ورقة البعثة, ص 26). فهل يعقل أن يكون هناك مساواة وتكافؤ للفرص ومحاصصة في نفس الوقت؟

2.     عبارة " ضرورة أن يكون أعضاء مجلس الوزراء ..." كما تنص التوصية الثانية فيما يتعلق بالمادة (85) بعنوان: (شروط تعيين أعضاء الحكومة). تقول التوصية الثانية "يجب تضمين ضرورة أن يكون أعضاء مجلس الوزراء من مناطق جغرافية مختلفة ومن مجموعات مختلفة من المجتمع. ينبغي إعادة النظر في النص على أن يكون تمثيل المرأة في مجلس الوزراء منصفا" (أنظر ورقة البعثة, ص 21).
          والسؤال البسيط والبديهي يا سادة هو: ماذا تعنوا "بالإنصاف" هنا, وعلى أي أساس؟ ولما الوجوب في قولكم " يجب تضمين ضرورة أن يكون أعضاء مجلس الوزراء من مناطق جغرافية مختلفة ومن مجموعات مختلفة من المجتمع؟" وماذا تقصدوا بالمناطق هنا؟ وما هي المجموعات المختلفة التي يجب أن تكون ممثلة في مجلس الوزراء؟ أليس هذا أمر غريب وعجيب ولا يجب أن يصدر من بعثة دولية يفترض فيها أنها جاءت لليبيا من أجل دعم شعبها ومساعدته فيما يحتاجه, لا أن تستخدم سياسة التفريق والتشتيت بين مُكوناته؟ أليس الأولى من البعثة يا سادة التشجيع والدعم على قيام دولة حضارية مدنية أساسها التخصص والكفاءة والمقدرة؟ فهل يُعقل أن تطلب الأمم المتحدة من الولايات المتحدة الأمريكية (التي بها أكثر من 129 جماعة عرقية حسب إحصائيات 2000) ضرورة أن يتضمن مجلس وزرائها كل هذه المجموعات المختلفة؟

أليس المساواة والتخصص والخبرة وإتاحة الفرصة والمساعدة على التمكين والحماية هي الأدوات المطلوبة والضرورية لتحقيق دولة المواطنة التي يسعي الشعب الليبي لتحقيقها؟ أليس الأساس (والذي من المفروض أن تدعمنا فيه الأمم المتحدة!) هو أننا كلنا مواطنون, وكلنا متساوون, وكلنا لنا نفس الحقوق والواجبات؟

3. عبارة " تضمين تمثيل نسائي في المجلس الأعلى للقضاء." كما تنص التوصية فيما يتعلق بالمادة (97) بعنوان: (تشكيل المجلس). وفي هذا الصدد تقول البعثة "بناء على الإحصائيات الرسمية للمجلس الأعلى للقضاء الليبي والتي نشرت في شهر يوليو 2013, يوجد أكثر من 1400 من الموظفات الإناث وهو حوالي 40% من إجمالي (3658) من تركيبة الهيئات القضائية." ومن هذه المعلومات تستنتج البعثة استنتاج غريب هو "أن تجربة أعضاء المجلس الأعلى للقضاء من غير اشتراط تمثيل نسائي نتج عنه غياب النساء في المجلس الأعلى للقضاء الحالي." وبناء على هذا الاستنتاج الخاطئ توصي البعثة "بضرورة تضمين تمثيل نسائي في المجلس الأعلى للقضاء." (أنظر ورقة البعثة, ص 23). حقا غريب أمر هؤلاء السادة! لقد حاولوا الجز بقضية "الكوتا" للمرأة و"مساواتها بالرجل في كل المناصب, وفي كل الأماكن, وفي كل المستويات, لا لشيء إلا أنها امرأة! وكأن المرأة في المجتمع الليبي مظلومة ومحرومة ومضطهدة أكثر من غيرها والذي قام بكل هذا الظلم والحرمان والاضطهاد هو الرجل؟

4. عبارة " يجب أن تنص بصراحة ..." كما تنص التوصية فيما يتعلق بالمادة (132) بعنوان: (حق التعبير والنشر). وفي هذا الصدد تقول البعثة  "المادة 132 يجب أن تنص بصراحة على أن أي تقييد شرعي لحرية التعبير يجب أن يتماشي مع المادة 3/ 19 من (العهد الدوالي للحقوق المدنية والسياسية) لحماية حقوق وحريات الآخرين, كما أن حماية الأمن القومي أو الأمن العام ضروري للمجتمع الديمقراطي" (أنظر الورقة, ص 28). فماذا تقول الفقرة 3 من المادة 19 من العهد الدوالي للحقوق المدنية والسياسية, التي تلزمنا البعثة التزام بها عند الحديث عن حق التعبير والنشر؟ فماذا تقول المادة 19؟ تقول المادة :
"1. لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.

2. لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة.

3. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:

(أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم.

(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة" (أنظر: جامعة منيسوتا, العهد الدولي).

وبعد قراءة الفقرة 3 من المادة 19 من العهد الدوالي للحقوق المدنية والسياسية, دعونا الآن نقرأ, وقبل التعليق على توصية البعثة, نص المادة (132) من المقترح الأول للجنة العمل. تقول المادة: "حرية الكلمة وأمانتها صنوان متلازمان، والتعبير والنشر حقان مصونان، وتتخذ التدابير اللازمة لحماية الحياة الخاصة وحظر التحريض على الكراهية والعنف والعنصرية والتكفير وفرض الأفكار بالقوة" .

فهل يوجد في المادة (132) من مقترح لجنة العمل ما يتعارض مع الفقرة 3 من المادة 19 من العهد الدوالي للحقوق المدنية والسياسية, كما هي مذكورة أعلاه, أو تتعارض مع ما ذكر في المادة 19. فلماذا يا سادة أذاً, اشتراطكم وجوب " أن تنص المادة (132) بصراحة على أن أي تقييد شرعي لحرية التعبير يجب أن يتماشي مع الفقرة 3 من المادة 19 من العهد الدوالي للحقوق المدنية والسياسية؟ والسؤال هنا: ماذا تقصدوا "بأي تقييد شرعي؟" وهل فرقت المادة (19) بين ما أطلقتم عليه "القيود الشرعية" و"غير الشرعية؟" بالتأكيد لا. حقا عجيب أمركم وعجيبة توصياتكم؟

الخاتمة
لعله من المناسب أن أختم هذا الرد (غير الرسمي) على المـلاحظـات (غير الرسمية) لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا حول المقترحات الأولى للجنة العمل بالهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور بالإشارة والتأكيد على الآتي:

أولا: لابد أن أشكر بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وكل العاملين فيها والذين ساهموا في إعداد هذه الدراسة قاموا بالتعليق والنقد على 127 مادة (من مجموع 211 مادة), وإشارتهم إلى أن هناك 14 موضوع إضافي يعتقدوا أنها موضوعات هامة وضرورية غفلت لجنة العمل على بيانها منها على سبيل المثال – حصة للمرأة, الحد من عقوبة الإعدام, وعدم التمييز بين الجنسين. فقد أوضحت لنا هذه الدراسة بدون أدني شك نوع وطبيعة وأهداف هذا الدعم لشعبنا الليبي.

ثانيا: لا يفوتني هنا أن أشكر الأمم المتحدة على إنشاء هذه البعثة لدعم شعبنا, والتي مهمتها الأولي والأساسية والوحيدة – كما نص على ذلك قرار إنشاءها – هو "الدعم" للشعب الليبي ومساعدته بما يحتاجه ويطلبه لإعادة بناء دولته الحديثة والمدنية والمناسبة له ولثقافته ومعتقداته وأحلامه.

ثالثا: لا يفوتني هنا ايضا إلا أن أهمس في أذان العاملين في هذه البعثة بان لا يُسئوا توظيف هذه المهمة المُقدسة لإغراض آخري ليس لها علاقة بما يحتاجه منهم الليبيون, وأن لا يستخفوا بعقول وأحلام الشعوب الأخرى وبخبراتهم ومقدرتهم مهما حدث بينهم من اختلاف أو صراع أو اقتتال والحقيقة وبدون مجاملات وبدون "لف ولا دوران," وبكل تجرد وموضوعية يمكن اعتبار ملاحظـات بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا حول المقترحات الأولى للجنة العمل بالهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور مثال واضح على افتقارها لكل معايير الموضوعية والحياد وبذلك تكون قد خرجت (بقصد أو غير قصد) عن دورها الأساسي الذي كان يجب أن تقوم به وهو ما أنشأت البعثة من أجله, وأصبحت وللأسف الشديد تقوم بدور لم يطلبه منها شعبنا الليبي.

رابعا: وأخيرا يمكن القول بان حُلم الشعب الليبي يا سادة لا يختلف عن أحلام الشعوب الأخرى المتعطشة للعدالة, والحرية, والاستقرار, والآمان. وباختصار شديد بأن الشعب الليبي يسعى لكتابة وثيقة دستورية تؤسس لدولة حضارية ديمقراطية نحلم بها جميعا وتكون من أهم معالمها إنها:
دولة تُجمع...لا... تُفرق... دولة تُيسر...لا... تُعسر...
دولة مُنفتحة...لا... مُنغلقة...
دولة مُستقلة...لا... تابعة...
دولة جاذبة...لا... طاردة ...
دولة تُعلم...لا... تُجهل...
دولة مؤسسات...لا... عائلات...
دولة يسمو فيها الإسلام ... و... يحكم فيها القانون...
وفوق هذا وذاك... دولة تقوم علي الاحترام ... لا... علي الخوف.
 ________________

 المراجع
ورقة غير رسمية "ملاحظات بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا حول المسودة الأولى للدستور الصادر عن لجنة العمل بالهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور.

مُخرجات (1) لجنة العمل – الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور, 06 – 10 - 2015.
زاد الأردن الإخباري , 2016http://www.jordanzad.com/print.php?id=141047             

Ransil, Leonard.  “The TOTAL TRUTH Solution for a Fractured  America” http://lennysax.startlogic.com/TT-America's_War-Founding_Documents.html

Federer, William J. (September 18, 2015)                                                                                                      The road to the Constitution goes through Deuteronomy                             http://stevedeace.com/news/the-road-to-the-constitution-goes-through-deuteronomy/#

New, David W. (11- 04 – 2004), Where is God in the Constitution? http://www.freerepublic.com/focus/news/1298911/posts

جامعة منيسوتا, العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة
للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر1966
تاريخ بدء النفاذ: 23 آذار/مارس 1976، وفقا لأحكام المادة 49
https://www1.umn.edu/humanrts/arab/b003.html


د. محمـد عبد الرحمن بالرويـن               
عضـو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور   
 البيضاء, ليبيا                                                              berween@gmail.com

أخر مقالات نشرتها