Thursday, April 14, 2016

تعليـق عضويتي للمرة ثانية


تعليـق عضويتي للمرة ثانية 
مع أعتدارى لإهالينا في كل ربوع الوطن                                             


السيدات والسادة المحترمون/ أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور
إخوتي وأخوتي المقيمون في دائرتي الانتخابية مصراته
السيدات والسادة المواطنون في ربوع الوطن

           السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا محمـد عبد الرحمن عثمان بالروين, ممثل دائرة مصراتة في الهيئة التاسيسية لصياغة مشروع الدستور, اعلن بانني قررت تعليق عضويتى (وللمرة الثانية مع أسفى مُسبقا لكل أهالينا في كل ربوع الوطن الغالي) بالمشاركة في جلسات ونشاطات ومداولات الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور ابتدءا من يوم الاثنين الموافق 11 /04 / 2016 وذلك لأسباب عديدة (لعله لا يسع المجال لذكرها في هذه الرسالة), ولعلى اكتفي هنا بالإشارة لأهمها وخطرها على محاولة إخراج مشروع دستور توافقي يقبل به الجميع في وطننا الغالي:

·        أولا: تعديل المادة الثانية من اللائحة الداخلية للهيئة
اتخذت الهيئة, للأسف الشديد, بأغلبية ثلاثة وعشرون (23) صوتا (من مجموع الحضور 30 عضوا) قرارا بإعادة تعريف معنى العضوية في الهيئة كما نصت على ذلك المادة الثانية من اللائحة! وكنتيجة لهذا التعديل أصبح عدد أعضاء الهيئة ست وخمسون (56) عضوا وليس ستون (60) عضوا كما نص على ذلك التعديل السابع من الإعلان الدستوري. والحقيقة التى لا يمكن ان يُخفيها الذين أقترحوا هذا التعديل, هو أن الغرض الأساسي من القيام بهذا التعديل هو تغيير النصاب الوارد في المادة (60) من اللائحة الداخلية للهيئة. بمعنى بدلا من ضرورة توفر41 صوت من الـ 60 عضو لكي يتم الموافقة على أي قضية دستورية أوأعتماد أي نص دستوري, وبذلك انخفض النصاب المطلوب, بعد هذا التعديل, إلي 38 صوتا فقط من مجموع 56 صوتا لاعتماد أي نص دستوري.
والمؤسف أيضا أن هذا التعديل مُخالف للإعلان الدستوري والقانون رقم (17) لسنة 2013 واللائحة الداخلية للهيئة ولكل السوابق والممارسات التي قامت بها الهيئة في أداء مهامها وأعمالها مند بداية اجتماعاتها في 21 ابريل 2014 وحتى يومنا هذا. فعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن القول أن كل القرارات التي اتخذتها الهيئة خلال هذه الفترة ولها علاقة بالدستور, مثل أعتماد اللائحة الداخلية والموافقة على الخارطة الدستورية, ومداولات باب "الهيئات الدستورية المستقلة," كل ذلك تم اعتمادها على أساس أن النصاب هو 41 صوتا من مجموع الــ 60 عضو. والغريب أن مداولات باب الهيئات الدستورية المستقلة استمرت أكثر من شهرين (أي من بداية شهر أبريل إلي بداية شهر يونية, 2015). وخلال هذه الفترة ثم مناقشة والتصويت على ثمانية (8) مواد من هذا الباب مُستخدمين النصاب القانوني المنوه عنه سابقا (41) لاعتماد كل مادة, والغريب أنه لم يعترض أي عضو من الأعضاء على هذا النصاب  خلال تلك الفترة بالرُغم من أنهم لم يستطيعوا اعتماد إلا أثنين من المواد الثمانية من هذا الباب.
فما الذي تغير الآن أيها السادة؟ وما هي المُبررات والدوافع الحقيقية للقيام بهذه الخطوة أرى أنها خطيرة وضارة بالهيئة وفي هذا الوقت بالذات؟ أليس من الاشرف لنا كأعضاء أن نُعلن بأننا عجزنا على الوصول إلي توافق فيما بيننا من أن يحاول البعض من الأعضاء الخروج بمشروع دستور مُشوه يُكرس للجهوية والمناطقية والحاصصة وتشجيع التكتولات النفعية. 

·        ثانيا: تعديل المادة ستين (60) من اللائحة الداخلية للهيئة.
بالإضافة إلى ما ذكرته أعلاه فإن سيداتنا وسادتنا أعضاء الهيئة المُحترمين في جلسة الأمس (الثلاثاء – الموافق 12 أبريل 2016), لم يكتفوا بتعديل النصاب القانوني لكل مادة في الدستور الى "الثلثين + 1" من 56 عضوا. فقد قاموا بالنص على أنه أذا تعذر الحصول على النصاب القانوني, "يُفتح النقاش مرة أخرى في المواد المعنية بالكيفية التى تحددها الهيئة (يعنى الأعضاء الحضور!) وتعرض للتصويت عليها مرة أخرى ويتم الموافقة عليها بأغلبية ثلثى الأعضاء الحاضرين + 1 , بشرط أن يكون الأعضاء الموافقين من المناطق الانتخابية الثلاث".

فهل يعقل هذا المنطق وهل هذا التحايل القانوني جائز ومشروع ويقربنا من التوافق يا سادة ؟ وهل يمكن لأي كتلة لها الأغلبية البسيطة في الهيئة أن تسعى للوصول للنصاب القانوني (الثلثين + 1) وهى تعلم أنها تستطيع تمرير ما تريد في الجولة الثانية؟ خصوصا وأن بعض الأعضاء قد صرح علنا بأن لديهم كتلة انبثقت من رحلتهم إلى صلالة بدولة عُمان وان أسمها هو "كثلة نريد دستور." وقد رجعت هذه الكثلة من صلالة وهي تعتقد بان لديها كل الحلول لكافة القضايا والإشكاليات التي تواجه الهيئة في عملية إعداد الدستور التوافقي, وما على بقية الأعضاء إلا الموافقة على البدء في المداولات والتصويت، أي التسليم بالتوافقات التي توصلوا إليها في صلالة على مواد مشروع الدستور !!! فهل يُعقل هذا يا سادة يا كرام؟

أن هذه التعديلات, يا أحباب وبكل صدق, أقول لكم وبإختصار شديد خاطئة في مُحتواها، وخاطئة في الأسلوب الذي اتخذت به، وخاطئة في توقيتها. فأرجوكم عدم الإصرار على الخطأ هداكم الله.

وبناء على ما ذكرته أعلاه، وغيره الكثير, وبعد أن قررت البقاء في مدينة البيضاء كل هذه الفترة وخصوصا عندما يغادر الأعضاء للخارج للمشاركة في ورش العمل وملاقاة الخبراء , كل ذلك بهدف الإبقاء على الهيئة  والسعي لإصلاحها من الداخل والعمل على إنجاحها بكل ما ملكت من قوة, وكنت دائما أحاول تغليب مصلحة الوطن واعتبارها فوق كل شيء وقبل أي اعتبارات أخرى. وحاولت أن أكون في داخل هذه الهيئة ممثلا وحاميا لمصالح كل الليبيين وخصوصا الذين  يختلفوا معى. الا اننى أجد نفسى اليوم وللأسف الشديد مُضطرا لاتخاذ موقف لا أرغب في اتخاذه, ولا أعتقد أن وطني الجريح في حاجة إلى هذا النوع من المواقف, خصوصا في هذه الأيام العصيبة والتى أدعو الله أن يُفرجها.

عليه فإنني أعلن للجميع بأنني وبكل أسف وحزن قد قررت مرة ثانية تعليق عضويتي بالمشاركة في جلسات ومداولات الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور, ابتدءا من يوم الاثنين الموافق 11 /04 / 2016 , وحتي  يتم تحقيق المطالب الآتية:

أولا: ضرورة إلغاء كل تعديلات اللائحة الداخلية للهيئة التي تم اعتمادها من قبل بعض السيدات والسادة أعضاء الهيئة المُحترمين في جلسة السابعة والستون  يوم الثلاثاء – الموافق 12 أبريل 2016. وذلك لأن التحايل القانوني على الإعلان الدستوري والقانون رقم (17) لسنة 2013 واللائحة الداخلية للهيئة ولكل السوابق والممارسات الإجرائية التي قامت بها الهيئة في أداء أعمالها مند بداية اجتماعاتها في 21 ابريل 2014, هو أمر جلل ولا يمكن القبول أو السكوت عليه خصوصا من الذين يسعون لكتابة قانون القوانين.

ثانيا: ضرورة الالتزام الكامل بكل بنود "الهيكلية الدستورية," وخصوصا – (1) المصادر والمراجع التي يجب اعتبارها نقاط انطلاق في أعمال الهيئة, و(2) المبادئ التوجيهية الثمانية عشر التي تعهدنا جميعا بالالتزام بها. وذلك لأن هذه الهيكلية الدستورية قد تم اعتمادها من قبل أعضاء الهيئة بالإجماع, وعليه يجب ألا نخل بها أو نتراجع عليها هذه الأيام.

ثالثا: ضرورة قيام لجنة العمل بتوزيع "المذكرة الشارحة لمُخرجاتها." قبل الشروع في المداولات. فهل يُعقل أن تقدم لنا اللجنة مجموعة مُختارة ومُنتقاه من المواد دون معرفة آليات الاختيار ومُبرراتها، فمما يلاحظ على لجنة العمل أنها اتبعت سياسة الانتقائية في الأخذ ببعض ما قدم إليها وترك الآخر. بمعني آخر على أي أساس قامت لجنة العمل برفض المقترحات البديلة والجديدة المقدمة إليها من الأعضاء ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة الرسمية؟

رابعا: ضرورة تعهد الهيئة بأن تكون جلساتها مُفتوحة, وأن يتم نقل مُداولاتها ونقاشاتها المتعلقة بالمواد الدستورية  الهيئة  على القنوات الفضائية ليعرف كل أهالينا في ربوع الوطن ماذا يدور في داخل الهيئة.

خامسا: ضرورة التعهد بعدم السعي لتكوين تكتلات سياسية داخل الهيئة, ورفض أي محاولة لشق صفها والسعي لتمرير مشروع دستور مُشوه عن طريق مجموعة من الأعضاء لأنها ستكون حتما مسودة ميتة قبل أن تولد.

سادسا: الالتزام بضرورة وضع جدول زمني محدد المعالم والمواقيت للعمل على إنجاز هذا المشروع في أقرب وقت ممكن.

وعليه وإذا لم يتم تصحيح المسار الخاطئ الذي اتخذته الهيئة هذه الأيام والعمل على تحقيق هذه المطالب, فلا املك (كممثل وليس  كنائب) إلا أن أترك لأهالي دائرتي الانتخابية اتخاذ القرار الذي يروه مناسبا.

وأخير مرة أخرى, يجب الا يفوتني في هذه المناسبة إلا أن أتقدم بالشكر والتقدير والاحترام لكل اهالينا في  مدينتي الغالية البيضاء على حسن المعاملة. والحقيقة أنني شخصيا لم أرى منهم خلال كل هذه الفترة إلا الاحترام. والشكر موصول ايضا لكل الموظفين والعاملين بديوان الهيئة على ما قدموه لي من خدمات وتسهيلات خلال كل هذه الفترة. وأخيرا لا املك إلا أن أناشد كل زملائي في الهيئة أثقوا الله في وطننا الجريح الذي ينزف بسبب أنانية وحماقة نخبته التي أصبحت العائق الأول في سبيل وحدته والنهوض به, وأعلموا بان شعبنا ينتظر في مخرجاتكم بفارغ الصبر ليتخلص من كل هؤلاء.وليكن شعارنا جميعا: لا للمحاصصة، لا للجهوية، لا للتمييز بكل أشكاله وأنواعه، لا للتهميش والإقصاء. ونعم للمساواة وتكافؤ الفرص، نعم للامركزية وتقريب السلطات من المواطن، ونعم لدولة المواطنة وسيادة القانون.
           والله المستـعان.             
_____________________________
محمـد عبد الرحمن بالروين
                                  ممثل دائرة مصراته في الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور                                   
11 – 04 - 2016

أخر مقالات نشرتها