البارا دايم* السياسـية
من منظور إسلامي
(5 من 5)
د. محمـد بالروين
حاولت في الجزء الأول من هذا المقال تسليط بعض الضوء
على معنى "البارا دايم السياسية الثانية"،
وفي الجزء الثاني ناقشت أهم أهدافها،
وفي الجزء الثالث شرحت أهم مبادئها،
وفى الجزء الرابع حاولت الإشارة إلى أهم وسائلها.
وفي الجزء الخامس (والأخير) سألخص
أهم العوائق وايضا الخلاصة لهذا المقال.
العوائق
لعل من أهم العوائق التي حالت دون تحقيق النهوض بالأمة، وبناء دولة حرة وعادلة وحديثة ومُزدهرة هي الآتي:
التقليد + التجهيل + التسلط + الشعارات + التخلف
أولاً: التقليد
العائق الأول للوصول والاتفاق على "بارا دايم سياسية ثانية" هو انتشار "آفة التقليد الأعمى"، وهو تقليد سيء ومدموم وخطير. ومن أهم أسبابه التعصب والأنانية. ونتيجته مُكلفة ولا فائدة إيجابية من تحقيقه.
ولعل خير مثال على ذلك هو ما ذكره عالم الاجتماع الدكتور جوستاف لوبون في أحد مؤلفاته التي ظهرت في أوائل القرن العشرين، بأن السائحين الغربيين الذين زاروا أواسط افريقيا قد شاهدوا، في بعض الأماكن،
"أن بعض القردة تتقن إقامة أكواخ على مثال
تلك التي يقيمها سكان المنطقة،
ولكن القردة لا تسكن داخل الأكواخ،
وإنما تسكن فوقها".
يعلق الدكتور عبد الحميد متولي، في كتابه أزمة الفكر السياسي الإسلامي، على هذا الحالة قائلا "يبدو لنا أنه لا يختلف كثيرا عن هذا المثال، حال الكثير من الدول الناشئة حين تضع دساتيرها على مثال دساتير الدول الكبرى" (راجع: متولي، 1985، ص 252).
وللتقليد الأعمى مخاطر عديدة لعل من أهمها:
(1) تهديد الهوية الثقافية،
(2) تلاشي قيم المجتمع المحلية،
(3) انتشار الأفكار الضارة والمنحرفة،
(4) ضياع الشخصية الوطنية،
(5) الشعور الدائم بالنقص أمام الأخرين،
(6) تفكك النسيج الاجتماعي في المجتمع وانهيار الدولة.
ثانياً: التجهيل
أما العائق الثاني للوصول والاتفاق على "بارا
دايم سياسية ثانية" هو انتشار "آفة التجهيل"، المنتشرة هذه الأيام في دول العالم المتخلف وخصوصا في الدول العربية
والإسلامية.
والمقصود بالتجهيل، هو عبارة عن مجموعة من السياسات والأدوات المستخدمة لإخفاء وتزييف الحقائق. بمعني آخر، هو مجموع المناهج والأساليب التي تسعي لنشر "سراب المعرفة" الذي يعتقده طلاب العلم وصُنّاع الدول أنه حقيقة، ولكن عند اقترابهم منه يكتشفون أنه مجرد وهم وخداع وكذب واحتيال.
وللأسف، لقد انتشرت هذه السياسات والأدوات والمناهج والأساليب، في الجامعات والمعاهد والمراكز والمؤسسات في الدول العربية والاسلامية، كانتشار النار في الهشيم، نتيجة لما يمكن أن نطلق عليه "القابلية للتجهيل" عند الشباب العربي والمسلم هذه الأيام، ورغبتهم الملحة في الحصول على شهادات عليا كالدكتورة والماجستير، حتى لو كانت زائفة أو وهمية!
إن الغرض الحقيقي من كل هذا هو نشر الجهل المتعمد وزيادة إعداد "صُنّاع الظلام" و"أعداء المعرفة"، حتى تنتشر وتسود "الظلامية" في هذه المجتمعات المتخلفة وتفشل في تحقيق التقدم والتمدن والتحضر المطلوب.
وعليه لابد من اعتبار "آفة التجهيل" من أخطر الآفات الثقافية والاجتماعية في المجتمع، وأكثرها إعاقة لإعادة بناء الدولة الحديثة! ولابد من محاربتها بكل الطرق والوسائل المتاحة والممكنة.
ثالثاً: التسـلط
أما العائق الثالث للوصول والاتفاق على "بارا دايم سياسية ثانية" هو ما يمكن أن نطلق عليه "آفة حب التسلط"، وهي نشاط عدواني للسيطرة والتحكم في شؤون الأخرين، وتهدف إلى الهيمنة وإلحاق الأذى أو التهديد بالاعتداء على كل من يخالف الأوامر والتعليمات.
يصف ألفرد إدلر (Alfred Adler) مؤسس "مدرسة علم النفس الفردي" التي محورها "غريزة حب السيطرة"، باعتبارها أقوى غرائز النفس البشرية. وفقاً لهذه المدرسة، أن كل فرد يتوق إلى مكانة اجتماعية مرموقة، وأغلب نشاطاته في الحياة موجهةٌ لإرضاء هذه الغريزة. وعند عجزه عن إشباعها، يقوده ذلك إلى الشعور بالنقص، ويصاب ببعض الأمراض النفسية" (راجع: متولي، 1974، ص 142).
لقد لعبت غريزة حب التسلط دور أساسي عبر التاريخ الإنساني. ومن المؤسف أن الكثير من علماء ومفكري أمتنا قد وصل بهم الأمر إلى التسليم والخضوع لهذه الآفة الخبيثة، وخصوصا بعد نهاية القرن الرابع هجري، مما دفع بالكثير منهم لإجازة "حكم الغلبة والقهر" واعتباره أسلوب شرعي ومقبول لانعقاد الخلافة، واستندوا في ذلك على مبدأ "سد الذرائع والخوف من الفتن".
ومنذ ذلك الحين، أقر أغلبية علماء ومفكري الأمة أنه لا يجوز الخروج على ما أتفق المسلمون على إمامته، واستندوا في ذلك على حديث رسولنا ﷺ الذي يقول فيه:
"أسمعوا وأطيعوا وإن أستعمل عليكم عبد حبشي راسه زبيبة"
(رواه الشيخان).
والحقيقة إن هذا الحديث قد تم الاستدلال به في غير موضعه. وذلك لأنه يتحدث على المساواة بين المواطنين في احقية تولي القيادة، وعدم التفريق والتمييز بينهم طالما توفرت الكفاءة فيمن يرغب في الحكم والقيادة. بمعني آخر، إن وظيفة تولي الحكم هي حق لكل إنسان مؤهل وراغب وقادر عليه، ودون التمييز على أساس العرق أو اللون أو الشكل أو اللغة.
باختصار، إن هذا الحديث يؤكد أهمية المساواة السياسية في حق الولاية والحكم والتزام المواطنين بإتباع الحاكم العادل، وإن أي تفسير آخر لفهم هذا الحديث هو تفسير قاصر وخاطي. ولو سلمنا جدلاً بذلك، فان هذا الحديث يعني الطاعة العمياء، وبذلك يتناقض مع أحاديث آخري صحيحة لرسولنا الكريم ﷺ مثل:
"لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف"
(رواه الشيخان).
وقوله ﷺ:
"السمع والطاعة على المرء المسلم،
فيما أحب وأكره ما لم يؤمر بمعصية الله،
فاذا أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة"
(رواه البخاري).
وعليه من الضروري محاربة "نزعة التسلط" وذلك بتحديد وضبط وتوزيع السلطة، لأنها كما يقول المفكر الإنجليزي لورد أيكثون:
"السلطة مفسدة، والسلطة المطلقة، مفسدة مطلقة"
وقال عالم الاجتماع الفرنسي جوستاف لوبون إن: "للسلطة نشوة تعبث بالرؤوس، ووصلت هذه النشوة (التي تماثل نشوة الخمر) برؤوس عُظماء التاريخ من ذوي السلطان المطلق إلى حد أن جعلتهم أحيانا يتصرفون تصرفات تحمل طابع الجنون" (للمزيد راجع: متولي، 1985، ص 235).
رابعاً: الشعارات
أما العائق الرابع للوصول والاتفاق
على "بارا دايم سياسية ثانية" هو استخدام الشعارات
"الدعائية" و "المُطالبة". فبالرغم من أن الغرض الرئيسي من الشعارات عموماً هو تحديد هوية الدولة ومحاولة تمييزها
عن غيرها من الدول، وترسيخ الثقة والولاء للمواطنين وتقوية الارتباط العاطفي
بينهم، إلا أن أغلب الشعارات التي رفعتها القوي العربية والإسلامية عبر
تاريخها كانت، في جلها، غير واقعية وغير عملية كـ:
* شعار: "لا حكم ألا لله" الذي رفعه الخوارج، وعلق عليه الإمام علي كرم الله وجهه بقوله: "كلمة حق أريد بها باطل".
* وشعار "الامارة من قريش" الذي تمسك به الأمويين لشرعنة حكمهم وقيادتهم.
* وشعار "الإمامة من أل البيت" الذي تمسك به الشيعة والعباسيين لشرعنة حقهم في حكم الأمة وقيادتها،
* وشعار "الإسلام هو الحل" الذي رفعته جماعة الإخوان، كرد فعل لشعار "يا عمال العالم اتحدوا" الذي رفعته الحركات اليسارية والماركسية خلال القرن العشرين.
* وشعار "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة" الذي رفعه العروبيين منذ مطلع القرن العشرين، ولكنهم اختلفوا في تطبيقه، فانقسموا إلى فريقين – فريق يقوده الناصريون رافعاً شعار "حرية اشتراكية وحدة" والفريق الثاني يقوده البعثيون ينادي بـ "وحدة حرية اشتراكية". والعجيب، أن أول قرارات الناصريون، الذين نادوا بـ "الحرية أولاً"، هو سجنهم لكل معارضيهم. والعجيب أيضا أن أول قرارات البعثيون، الذين نادوا بـ "الوحدة أولاً"، هو فشلهم في توحيد دولتين مجاورتين (هما سوريا والعراق) بعد أن سيطروا عليهما منذ ستينيات القرن الماضي.
* وشعار "من السياسة، ترك السياسة" الذي يرفعه اخوتنا السلفيون هذه الأيام، فإذا كانت السياسة غير مهمة؟! فلماذا ذهب سيدنا أبو بكر الصديق وسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما إلى سقيفة بن ساعدة بعد وفاة رسولنا ﷺ، وقبل أن يدفن، لتحديد من سيخلفه. بعد موته مباشرة. وإذا كانت السياسة غير مهمة؟! لماذا اختلف الصحابة رضوان الله عليهم، فيمن سيخلف سيدنا عثمان! وإذا كانت السياسة غير مهمة؟! لماذا حدثت الفتة الكبرى بين علي ومعاوية!
والغريب أنه قد غاب عن تفكير أخوتنا السلفيين أن "السياسة في كل شيء" و "أن آفة السياسة الادعاء", وان الهروب من السياسة هو سياسة أسوأ.
* وأخرا شعار "الإسلام السياسي" الذي يرفعه هذه الأيام شريحة كبيرة من السادة المسلمون، وجلهم من الشباب المتحمس لتأسيس "دولة مدنية حديثة"! وكأن الإسلام عدو للمدنية والحداثة، والمحزن أن هذا الشعار هو صنيعة أمريكية وأوروبية منذ بداية ثمانينات القرن الماضي، قُدمت كأداء لمحاربة كل من ينادي بتأسيس دولة مدنية قوية تسعى لتطبيق مقاصد الشريعة.
الحقيقة أن، أغلب هذه الشعارات (وغيرها)، كانت من حيث المبدأ، شعارات لها ما يبررها ومن حق المنادين بها رفعها والمُطالبة بها. ولكن المشكلة الرئيسية تكمن في عدم إمكانية ترجمتها إلى برامج واقعية وعملية يقبلها ويرضي بها السواد الأعظم من الشعب، مما جعلها تتحول إلى مجرد عبارات عامة وفضفاضة، وعُرضة للتأويل والتفسير، وفي النهاية تتحول إلى مجرد أفكار ميتة وبرامج حزبية وغايات صعبة المنال.
خامساً: التخلف
أما العائق الخامس للوصول والاتفاق
على "بارا دايم سياسية ثانية" هو وجود ما أطلق عليه الدكتور أحمد كمال أبو
المجد بـ "فجوة التخلف التي
يعيشها العرب والمسلمون اليوم"
(للمزيد
راجع: أبو المجد، 1988، ص 298 – 299).
وهذا يعني أننا الآن نعيش في مأزق، أذ نقف من جهة، بين مبادئ عظيمة وقيم خالدة وأهداف نبيلة وسامية، ومن جهة أخرى، واقع متخلف ومرير ومُحزن وكارثي ولا يمكن إنكاره. وأصبح لا خيار أمامنا إلا عبور هذه الفجوة واستخدام كل ما نملك من قوة وعدة وعتاد لتحقيق ذلك.
وهنا تبرز العديد من الأسئلة التي تواجه كل إنسان غيور ويريد القيام بذلك وهي:
هل إلى عبور هذه الفجوة من سبيل؟
وهل بالإمكان إحداث قفزة نوعية تجعلنا في مقدمة الأمم؟
وهل يمكن أن نحقق وصف القرآن الكريم لنا،
عندما قال:
"كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ..."
(آل عمران، 110).
الخـلاصة
مما ذكرته اعلاه يمكن التذكير، مرة اخري، بان "البارا دايم السياسية السائدة اليوم" والتي يعتمد عليها الأغلبية العظمي من الفقهاء والمفكرين والعلماء المسلمين، قد أصبحت:
· عاجزة على مواجهة التحديات المعاصرة،
· وفشلت في تفسير الظواهر والأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية،
· وتسببت في نقل الأمة من حالة أخذ المبادرة، والسعي لجلب المصلحة، وتحقيق العدالة، وإعطاء حق الاختيار، وتشجع على أخذ المبادرة، إلى حالة دفاعية خاضعة ورافضة لكل ما هو جديد ومُفيد للمواطن،
· وشجعت على تمجيد تاريخنا وتراثنا بكل ما فيه من مزايا وعيوب،
· وأصبحت مُتخوفة من إعادة النظر في أحداث التاريخ،
· ورافضة لمنهج التفكير النقدي في التحليل.
كل ذلك تسبب في ردود أفعال سلبية عديدة، وظهور أزمات سياسية حادة، وانقسمت الأمة إلى مدارس وفرق عديدة؛ متصارعة ومتناحرة!
وفي اعتقادي المتواضع، إن تجاهل هذه الإشكاليات الجوهرية والتحديات الكبيرة التي تواجه أمتنا هذه الأيام سيقود إلى المزيد من التبعية والتخلف والانحطاط والظلم، إذا لم يتم مواجهتها بالعلم والمعرفة واستخدام كل الإمكانيات التقنية المتاحة.
وعليه، إن أهم ما تحتاجه أمتنا اليوم هو حُدوث ثورة علمية ونقلة نوعية في كل المجالات، تقود إلى التحول في المناهج والآليات والأساليب التي يستخدمها الحكام والعلماء والفقهاء والمفكرين في هذه الأمة، ومحاولة التخلص من الفرضيات القديمة التي تجاوزها الزمن، والأفكار الميتة، والنظريات الخاطئة السائدة في تفكيرنا هذه الأيام.
ولعل مما نحتاجه لتحقيق ذلك الآتي:
السعي لتَبنّي "بارا دايم سياسية ثانية"، تنطلق من معطيات وفرضيات علمية ومعاصرة وحضارية،
وتَبنّى آليات وأساليب لا تتعارض مع أصالتنا ومعتقداتنا، وقادرة على الاستجابة لحل الإشكاليات والتحديات التي تواجهنا،
وتَبنّي "بارا دايم سياسية ثانية" تقوم على تحقيق العدالة الاجتماعية والحرية لكل الناس وفي كل الأماكن، وتؤمن بحق الاختيار، وممارسة الشورى في اتخاذ القرار، وتدعو إلى السلام والاحترام والتعاون بين كل الفرقاء،
وتَبنّي "بارا دايم سياسية ثانية" تكون من أهم مبادئها:
* سمو الشريعة وسيادة القانون،
* وجلب المصلحة،
* وتحديد الأولويات،
* ودفع الضرر،
* وحق كل مواطن في السعي لتحقيق سعادته.
وتَبنّي "بارا دايم سياسية ثانية" تكون من أهم وسائلها:
الكفاءة والتيسير وسلم الأولويات،
وتَبنّي "بارا دايم سياسية ثانية" تكون قادرة ومستعدة لـ:
* محاربة التقاليد السيئة،
* والقضاء على آفات حب التسلط،
* ومحاربة المرض والجهل والفقر،
* وقادرة على عبور فجوة التخلف بقوة ونجاح.
ختاماً، في اعتقادي المتواضع، إذا استطاعت القوي الحاكمة والنخب المثقفة بكل اطيافها أن تتعاون وتتحد للقيام بذلك، فأنا على يقين ان أمتنا ستنهض من جديد وتتقدم في بضع سنين بأذن الله تعالي.
أدعو الله أن يتحقق ذلك.
أخيراُ، لا تنسوا يا أحباب،
أن هذا مجرد اجتهاد،
أعتقد أنه صواب،
فمن أتى باجتهاد أحسن منه قبلناه،
ومن اتي باجتهاد يختلف عنه احترمناه.
والله المستعان.
=======
المراجع
* "البارا دايم" هي مصطلح سياسي ليس له مرادف دقيق في لغتنا العربية، وعليه ومن باب تحرى الدقة في التعبير حاولت استخدامه كما هو.
د. عبد الحميد متولي (1985) "أزمة الفكر الإسلامي السياسي: في العصر الحديث: مظاهرها، أسبابها، علاجها." القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب. الطبعة الثالثة. ص 252".
د. الحبيب الجنحانى "التحول الاقتصادي والاجتماعي في مجتمع صدر الاسلام." دار الغرب الإسلامي بيروت لبنان، 1975، ص 19.
د. عبد الحميد متولي "الحريات العامة." 1974.
تاريخ الطبري، تاريخ الأمم والملوك 3- 45.
د. أحمد كمال أبو المجد (1988) "حوار لا مواجهة." القاهرة: دار الشروق. الطبعة الثانية.
No comments:
Post a Comment