Tuesday, November 15, 2011

الـــوطــن... وضريبـة المواطنة


الـــوطـــن... وضريـبـة المـواطنة

الحقيقة ان الحديت على الوطن هو الحديت على أحد أبعاد الانسان الهامة والاساسية فى الحياة. وعلى كل مجتمع يريد النهوض والتقدم لابد أن يهتم بهذا البعد الانسانى من أجل تكوين وبناء مواطن قادر واعى وفعال. وفى تصورى لكى نفهم هذا البعد الانسانى لابد من الاجابة على مجموعة من الاسئلة لعل من أهمها الاتية:
ما هوالوطن؟
ما هى الموطنة؟
ما هى حقوق المواطنة؟
ما هى ضريبة (أوواجب) المواطنة؟
ماذا نعنى بالوطنية؟
 
أولا: ماهو الوطن؟
الوطن هو ذلك المكان الذى يشعر الانسان بالانتماء اليه ولاسباب عديدة لعل من أهمها: (1) الارتباط بالمكان الذى ولذ به الانسان أوكما يقال "الارتباط بمسقط الراس." (2) حب الانسان للمكان الذى ترعرع فيه أو للناس الذين عاش معهم وقضى بينهم وقتا طويل وممتع مما جعله يشعر بالانتماء لهم. (3) الارتباط بارض الاباء والاجداد. وهذا فى العادة يحدت مع الذين ولدوا خارج المكان الذى ينتمون اليه ويعتبرونه وطننا لهم. فالكثيرو من الشابات والشباب الليبين اليوم الذين ولدوا فى المهجر يحملون هذا الشعور اليوم. فالوطن عند بعض الناس ليس مجرد مكان وانما هو جزءا لايتجزى من وجدان الانسان. فقد يعيش انسان ما على سبيل المثال لفترة طويلة من الزمن فى مكان ما ولا يشعر انه وطنا له وذلك لان وطنه فى الحقيقة هو مكان آخر هاجر منه مند سنوات عديدة ولم يراه بعد, أوأجبرعلى تركه وقد يكون بعضهم لم يولد به. فقد روى ان الرسول (ص) حين هم بالهجرة الى المدينه قال مخاطبا مكة وهو واقفا بالحزورة:
"والله انك لخير أرض الله, وأحب أرض الله الى الله,
وأحب أرض الله الىّ,,
ولولا ان قومك أخرجونى ما خرجت." (أخرجه الترمدى وابن ماجه).

والحقيقة ان للوطن وظائف عديدة فى حياة الانسان لعل من أهمها شعور الانسان بانه جزء لايتجزى من تاريخ وثقافة ومعتقدات جماعة معينة. وهذة الشعور هوغريزة وضعها الله عزوجل فى كل انسان. بمعنى ان الانسان مخلوق اجتماعى - كما أثبت علماء الاجتماع - لابد ان يعيش وينتمى لجماعة ويرتبط بها أرتباط وجدانيا وعضويا وقد قام أميرالشاعر أحمد شوقى بوصف هذا الموقف الوجدانى كالاتى
وطنى لو شغلت بالخلد عنه ... نازعتنى اليه بالخلد نفسى

ثُانيا: ما هى المواطنة؟
المواطنة هى الانتساب والعضوية الرسمية لنظام سياسى معين. وهى تعنى العلاقة القانونى بين المواطن والدولة. وهذا المفهوم للوطنية هوفى الحقيقة مفهوم ديناميكى يتغير بتغيرالازمان وطبيعة المجتمعات. وأغلب الدول تقوم بتصنيف الناس الى ثلاث مجموعات: المواطن, والمقيم, والغير قانونى (أى الانسان المقيم فى البلد اقامة غير شرعية).

وهنا لابد من التاكيد على الحقيقة التالية وهى ان المواطنة ركيزة اساسية من ركائز البناء الحضارى لأى مجتمع. وهى تتطلب أحترام وطاعة القوانين والاقامة فى الوطن الا اذا أقتضت الضرورة لعكس ذلك. وباختصار فالمواطن هو كل شخص تعترف به الدوله وتمنحه شهادة المواطنة.
 
كيف يتم أكتساب أوفقدان المواطنة؟
من المتعارف عليه ان لكل دوله فى العالم شروط وفواعد فى كيفية الحصول وفقدان المواطنة. واكتساب المواطنة هى العملية القانونية التى تتيح الفرصة لكل أنسان من الحصول على المواطنة والجنسية فى دولة معينة. وشروط منح الجنسية قد تختلف وفقا لاسباب عديدة. فعلى سبيل المثال فى الولايات المتحدة الامريكية لم يتم تحديد شروط الجتسيه بشكل تفصيلى يمنح الحماية الدستورية الكاملة لكل أبناء الشعب الا بعد ثمانين (80) عام من كتابة الدستور الامريكى. وفى هذا الصدد يقول البروفسور "جيمس مقريقر برنز" فى كتابة "الحكومة من الشعب,"... بأن الحق الاساسى للمواطنة فى الولايات المتحدة لم يمنح الحماية الدستورية الكاملة حتى عام 1868 عندما ثم تعديل الدستور الامريكى للمرة الرابعة عشر. وقد نص هذا التعديل على أن: "... كل الاشخاص الذين ولدوا أومتجنسين فى الولايات المتحدة وخاضعين لسيطرتها هم مواطنين فيها, وفى الولايات المقيمين فيها."

والمواطتة قد تكون بالاكتساب أوبالولادة. فالجنسية بالولادة تعنى ان كل طفل ولد فى الوطن له حق المواطنة بغض النظرعلى جنسية أبوية. أما الذين لم يولدوا فى الوطن فيمكنهم أكتساب الجنسية اذا توفرة فيهم شروط القانون. وأغلبية الدول المتحضرة تشترط شروظ محددة لعل من أهمها الاتى:
1. ان يكون شخص عاقل ولايقل عمره عن 18 سنه ويقيم فى البلد اقامة قانونية.
2. ان يكون قد اقام قى البلاد مذة لاتقل عن ( ... ) سنوات اقامة عادية.
3. ان يكون الشخص ذو حسن السيرة والسلوك وليس له سوابق..
4. أن يجيد الشخص القراءة والكتابة باللغة الرسمية للبلاد.
5. ان ينجح الشخص فى امتحان الجنسية الذى يجب ان يحتوى معرفه بتاريخ وثفافة وعادات وتقاليد البلاد.
6. أن يقوم الشخص بتقديم طلب للحصول على الجنسية للمؤسسات الرسمية التى يحددها القانون.
7. أن يعى الشخص بأنه يمكن سحب الجنسية المكتسبة منه فى حالة اثبات ان الشخص قد قام بعملية تزوير أو كذب عند تقديم الطلب.
 
ثالتا: ما هى حقوق المواطنة؟
لعل من أروع ما كتب فى هذا الشان هو ما تضمنه الباب الثانى من دستورالمملكة الليبية (1951 - 1969) تحت عنوان: "حقوق الشعب." والحقيقة ان هذا الباب من الدستور الليبى هو أول تبنى كامل للاعلان العالمى لحقوق الانسان الذى أصدرته الامم المتحدة عام 1948 مع اذخال بعض التعديلات الهامة عليه بما يوافق ديننا وعاداتنا وثقافات شعبنا. وبهذا تكون ليبيا هى أول دوله مستقلة تتبنى الاعلان العالمى لحقوق الانسان الذى أصدرته الامم المتحدة كما هو. وفيما يلى أهم بنود حقوق المواطنة التى وردت فى هذا الباب:

1. الليبيون لدى القانون سواء وهم متساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفي تكافؤ الفرص وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الدين أوالمذهب أوالعنصر أواللغة أوالثروة أوالنسب أوالآراء السياسية والاجتماعية.

2. الحرية الشخصية مكفولة وجميع الأشخاص متساوون في الحماية أمام القانون.

3. لكل شخص الحق في الالتجاء للمحاكم وفقا لأحكام القانون.

4. عقوبة شخصية وكل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا في محاكمة تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عن نفسه وتكون المحاكمة علنية إلا في الأحوال الاستثنائية التي ينص عليها القانون .

5. لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه أو تفتيشه إلا في الأحـوال التي ينص عليها القانون، ولايجوز إطلاقا تعذيب أحد ولا إنزال عقاب مهين به.

6. لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لصدور القانون الذي ينص عليها، كذلك لا توقع عقوبة أشد من العقوبة التي كانت نافذة وقت ارتكاب الجريمة .

7. لا يجوز بأي حال إبعاد ليبي من الديار الليبية ولا يجوز أن تحظر عليه الإقامة في جهة ما أوأن يلزم بالإقامة في مكان معين أومنعه من التنقل في ليبيا إلا في لأحوال التي يبينها القانون .

8. للمساكن حرمه ، فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه .

9. تكفل سرية الخطابات والبرقيات والمواصلات التليفونية وجميع المراسلات على اختلاف صورها ووسائلها، ولا يجـوز مراقبتها أو تأخيرها إلا في الحالات التي ينص عليها القانون.

10. حرية الاعتقاد مطلقة وتحترم الدولة جميع الأديان والمذاهب وتكفل لليبيين وللأجانب المقيمين في أرضها حرية العقيدة والقيام بشعائر الأديان على أن لا يخل ذلك بالنظام العام ولا ينافي الآداب.

11. حرية الفكر مكفولة ولكل شخص الإعراب عن رأيه وإذاعته بجميع الطرق والوسائل ولكن لا يجوز إساءة استعمال هذه الحرية فيما يخالف النظام العام أو ينافي الآداب.

12. حرية الصحافة والطباعة مكفولة في حدود القانون.

13. لكل شخص الحرية في استعمال أية لغة في المعاملات الخاصة أوالأمور الدينية أوالثقافية أوالصحافية أومطبوعات أخرى أوفي الاجتماعات العامة.

14. حق الاجتماع السلمي مكفول في حدود القانون.

15. حرية تأسيس الجمعيات وحرية الانخراط فى اية منظمة نقابية أو سياسية حسب أختيارهم, ولا يمكن ان يوضع حد لممارسة هذة الحريات الا بمقتض القانون.

16. تتمتع جميع الاحزاب السياسية بالحرية التامة بشرط الا تناقض مبادى الدستور, ولايمكن منع أى شخص من الاشتراك فيها أو اجباره على الاشتراك فى أحداها.

17. التعليم حق لكل ليبي وتعمل الدولة على نشره بما تنشئه من المدارس الرسمية وبما تسمح بإنشائه تحت رقابتها من المدارس الخاصة لليبيين وللأجانب.

18. التعليم الأولي إلزامي لليبيين من بنين وبنات. والتعليم الأولي والابتدائي مجاني في المدارس الرسمية .

19. للملكية حرمة فلا يمنع المالك من التصرف في ملكه الا في حدود القانون ولا ينزع من أحد ملكه إلا بسبب المنفعة العامة في الأحوال المبينة في القانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه وبشرط تعويضه عنه تعويضا عادلا .

20. عقوبة المصادرة العامة للأموال محظورة.

21. الأسرة هي الركن الأساسي للمجتمع وهي في حمى الدولة. وتحمي الدولة الزواج وتشجع عليه.

22. العمل عنصر من العناصر الأساسية للحياة الاقتصادية وهو مشغول بحماية الدولة وحق لجميع الليبيين. ولكل فرد يقوم بعمل الحق في أجر عادل .

23. تعمل الدولة على أن يتوفر بقدر الإمكان لكل ليبي مستوى لائق من المعيشة له ولأسرته .
 
رابعا: ما هى ضريبة (أوواجب) المواطنة؟
لكى يحق لأنسان ان يقيم فى بلد معين وينتمى له ويصبح عضوا من أعضائه لابد عليه ان يلتزم بكل الواجبات ويتحمل كل المسوليات التى تفرضها عليه تلك الدولة. والدولة تحدد ما يمكن ان يقوم به المواطن وما يجب ان يقوم به وايضا ما يستطيع رفضه خصوصا اذا كان يتعارض مع معتقداته. وفى مقابل ذلك تمنح الدولة للمواطن حقوقه وكل ما يستطيع طلبه من الدوله كتوفير الحماية والرعاية والصحة والتعليم.
وضريبة المواطنة بأحتصار شديد هى ما يمكن أن نطلق عليه بواجبات المواطن. فى تصورى ان اى دولة لكى تنجح لابد ان يكون شعبها واعيا متعلما ومستعدا للضحيه من أجل انجاح هذا الوطن.ولعل من أهم الواجبات التى يجب على كل مواطن فى المجتمع الالتزام بها هى الاتى:
1. المعرفة والوعى.
2. المشاركة.
3. أحترام وطاعة القوانين.
4. الضريبة.
 
1. المعرفة والوعى
المعرفة هى مصدر الآراء والافكار والتصورات. فالانسان الذى ليس له معرفة بما يدور فى المجتمع لن يكن قادرا على اتخاد القرارات السليمة ولن يكون مؤثرا فى مشاركتة. فبدون توفر المعرفة والوعى وخصوصا السياسى بين المواطنين تفتقد الدولة كل عوامل الازدهاروالتقدام ولن تكون المشاركة السياسية مؤثمرة وفاعلة. وعليه فالوعى السياسى ضرورى لنجاح وتقدم أى مجتمع. وان من اهم ما يجب على المواطنين القيام به هو أن يكون متعلمين ونشطين وعلى درايه ومعرفة بشروط ومتطلبات اللعبة السياسية فى الوطن.

فالراى العام للشعب يجب ان يكون على مستوى التحدى وان يكون منطقى ومتماسك وعلى دراية بكل ما يدور فى الوطن. وذلك لانه اذا لم يكن الشعب واعى ومدرك فسوف يكون من الصعب محاسبة المسؤلين السياسيين فى الوطن. والحقيقة التى لا جدال فيها ان السياسيون لا يهتمون الا بشؤون المواطنين النشطين والفاعلين فى العملية السياسية. والوعى هو نتاج الاهتمام بقضايا الشعب وشئون الوطن. وهنا لابد أن نتدكر ما قاله رسولنا صلى الله عليه وسلم عندمل قال: "من لا يهمه أمر المسلمين ليس منهم." وقوله (ص): "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة." وعليه فلابد ان يكون الاهتمام بأمور المسلمين واجب وأن يكون طلب العلم فرض على كل مواطن.ومواطنة.
 
2. المشاركة
ما اقصده هنا بالمشاركة هو كل النشاطات الى يجب على المواطن القيام بها من أجل التعبير عن رايه فى داخل المجتمع ومن أجل الثأتير فى صنع القرارت. والمشاركة الفاعلة والمؤثرة واجب على كل المواطنين لكى يمكن التحقيق من ان كل مصالح الشعب قد تحققت. فبدون مشاركة الجميع ستتحقق مصالح القلة فقط ولن يتحقق التنوع المنشود فى المجتمع. وعليه من أجل ان يستطيع افراد الشعب التأثير فى نظام الحكم فى الدولة فلا بديل لهم عن المشاركة. وهنا قد يسأل سائل: كيف تتم المشاركة فى المجتمع؟ والحفيفة ان هناك أساليب عديدة للمشاركة يمكن تقسيمها الى نوعين: (أ) مشاركة تقليدية: بمعنى كل الاساليب والادوات المتفقة مع القواعد المقررة فى الدولة. ولعل من اهم الامثلة على ذلك: التصويت فى الانتخابات, والمشاركة فى الحملات الانتخابية, والعمل التطوعى فى المشاريع الخيرية, والاشتراك فى عضوية الاحزاب ومؤسسات المجتمع المدنى, والمساهمة فى تكوين جمعات الضغط السياسى, والاتصال بالمسؤلين, والتعبير على وجهة نظر المواطن فيما يتعلق بالقضايا الهامة التى تواجه الدولة, ... وغيرها الكثير. و(ب) مشاركة غير تقليدية: بمعنى كل الاساليب والادوات الغير متفقة مع القواعد المقررة فى الدولة. ومن الامثلة على ذلك العصيان المدنى والذى أعنى به هنا هو أن تقوم مجموعة نشطة فى الدولة من محاولة تجاوز القانون من أجل تحدى دستوريته. والمثال الثانى هو المظاهرات والاحتجاجات.
 
3. قبول واحترام القوانين
القانون هو باختصار شديد: "كل ما أباحته او منعته السلطة الحاكمة ويحمل صفة الازام فى الدولة." بمعنى هو القاعدة التى شرعتها سلطات الدولة لتنظيم أو تحديد جانب من جوانب سلوكيات المواطن فى الدولة. وبمعنى اخرهو كل قرارملزم تصدره الحكومة أو الموسسات التشريعية فى المجتمع.وتكون نتيجة كل من لا يلتزم به العقاب الذى يحدده هذا القرار نفسه. والقانون هو المكون الاساسى للنظام القضائى فى اى مجتمع وهو نتاج للعملية السياسية والدستورية فى الدولة. وتظبيق القانون يقود فى العادى الى ترصيخ قيم أجتماعية تسود فى المجتمع. وعليه فقبول واحترام القوانين - حتى من الذين غير راضين عنها - هو واجب وطنى على كل مواطن ومواطنة. وما على الذين يختلفون مع اى قانون اوأهدافه الا أن يسعوا جادين من خلال العملية السياسية لتغييره وأستبداله بما يعتقدوا انه الانسب والاحسن.
 
4. الضرائب
السؤل هنا: هو ما هى الحقوق التى يعطيها والواجبات التى يفرضها كل مجتمع لكى تتحقق سعادة اعضائه؟ ولعل من أهم الواجبات التى يجب على كل مجتمع ان يفرضها على أعضائه هى واجب دفع الضرائب وذلك لان الضريبة هى ثمن المواطنة.
بمعنى فى الاصل خلق الانسان حر طليق لا ضوابط عليه ولا حدود تردعه ولكن هذا الاصل أصبح محدودا ومنظبطا عندما اختار هذا الانسان ان يعيش فى مجتمع اختاره لنفسه. وكنتيجة لهذا الاختيار اصبح هذا الانسان عضوا فى الدولة له حقوق وعليه واجبات. وبناء على هذا المفهوم الجديد يمكن القول بأن حرية الانسان فى اى مجتمع ليست مطلقة.
وبالرغم من ان الظرائب فى الاصل هى ادوات تحجيم وتقليل أو بمعنى أخرهى ادوات هدم وهى بالثالى جزء وعقاب ولكن فى مفهومها المدنى والحضارى هم ثمن المواطنة والتحضرفى المجتمع. وهم المصدر الاساسى لأغلب موارد الدولة. ولهذا قال أحد مؤسسى الولايات المتحدة الامريكية عندما سئل عن سبب فرض الضرائب فى الدولة قال: " شياّن حتميان فى كل مجتمع: الموت والضرائب." فضربية المواطنة هى ضريبة الاجتماع السياسى. بمعنى هى الضريبة التى يجب على كل مواطن دفعها اذا اختار ان يعيش مع جماعة او فى مجتمع معين. وعليه فكل مواطن يجب ان يدفع ضريبة المواطنة الا من أستنى من ذلك. ومن منظور اّخر اذا سلمنا بوجود دولة المؤسسات فلابد ان يكون هناك مصادر مالية لتسيير وادارة هذة المؤسسات لكى تستطيع هذة الدولة ان تقوم بمسؤولياتها والتعامل مع التحديات التى تواجهها. وعليه فالسؤال السياسى الصحيح الذى يجب أن يسائله فى اى مجتمع ليس هو: هل يجب ان تفرض ضرائب ام لا؟ وانما هو: أى أنواع الضرائب يجب أن يفرضها المجتمع: التصاعدية أوالمتساوية, الدائمة أم المؤقتة, وهل تفرض على كل الناس أم على مجرد شريحة قليلة منه.
 
خامسا: مادا نعنى بالوطنية؟
الوطنية هى الشعور الذاتى بالانتماء وهى حب الوطن والاستعداد للتضحية فى سبيله والشعور بوضع مصالح الوطن فوق المصالح الخاصة. والوطنية درجات: فقد تكون بدرجة 1% وقد تصل الى درجة التضحيه فى سبيل الوطن. وقد تكون الوطنية سلبية بمعنى عدم المشاركة ومساعدة الوطن الى درجة التخلى عن الوطن وخيانتة.

وقد أختلفلت وجهات النظر بين المفكرين فى ضرورة وثمن ومعايير وشروط الوطنية. فمن المفكرين من أعتبرها فكرة ضارة ويجب التحلص منها. ومن المفكرين من أعتبرها شرط أساسى لتقدم المجتمع وتطوره. فعلى سبيل المثال فى خطاب بعنوان: "ما هى الوطنية؟" للفوضوية " ايما قولدمن" أللقته عام 1908 عرفت فيه الوطنية على انها: "المبذا او الاذاة التى تبرر القتل الجماعى." ويقول الاستاد جانسون ليو ثولستى (المعروف بأعظم عدو للوطنية) يقول فى تعريف الوطنية على انها: " اخر ملجىء للناس اللؤماء الذين يؤدون الغير ولايمكن التقة بهم" أما السيد جورج بارنلد شو فكان يعتقد بانه: "لن يكون هنك استقرار فى العالم حتى نتخلص من الوطنية فى الجنس البشرى"

والحقيقه ان الوطنى فى أعتقدى ليس هو الذى يؤمن بمقولة "انا مع وطنى سوى ان كان على صح أو خطاء." ولكن الوطنى الحقيقى هو الذى لابد ان يؤمن بهذة المقولة ولكن كما فسرها لنا الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال:

"أنصر أخاك ظالما ام مظلوما.
قام الصحابة: ننصره مظلوم ولكن كيف ننصره ظالما؟
قال (ص): بارجاعه للحق."

وهذا يعنى ان الانسان الوطنى هو الذى يقف ضدّ كل الاخطاء التى ترتكبها دولتة بكل شجاعة وموضوعية وعدل. بمعنى ان الوطنية
لا تعنى الحب غير المشروط
ولا التأييد غير المسئول
ولا التضحية غير الضرورية
ولا الولاء الاعمى.

والحقيقة هوان من الاخطاء الشائعة هو ربط الوطنية بنظام الحاكم فقط اوبالمعارضة فقط. الوطنية يجب ان ترتبط بشى أسمى من نظام الحكم ومن المعارضة. فهى كما يقول الرئيس الامريكى السابق جان كنذى بان الوطنى هو: "الذى يسأل ماذا يستطيع ان يقوم به من أجل وطنه, لا الذى يسأل ماذا تستطيع دولته ان تقدم له."

فالوطنية بأختصار "هى حب الوطن." وبمعنى أخر هى ان الذى لا يحب وطنه ليس بالضرورة وطنى. وأشكال هذا الحب قد يختلف بأختلاف الاسباب والظروف والازمان. فقد يكون مجرد شى بسيط كالاستماع الى النشيد الوطنى أو رفع العلم, وقد يكون شى عظيم كبدل النفس فى سبيل الوطن. وهى ان يعمل الانسان ولا يتكلم. فقد قيل لبعض الحكماء: "باى شئ يعرف وفاء الرجل دون تجربة أو اختبار؟ فقال: بحنينه الى أوطانة, وتلهفه على ماض من زمانه." وبأحتصار فالوطنيه هى أعظم المشاعر الانسانية التى وهبها الله للانسان وهى الاساس الذى تبنى عليه كل مجتمع وبدونها يتفكك ويضعف المجتمع.
 
خصائص (أوصفات) الوطنية
1. داتيه: بمعنى الوطنية لا يمكن فرضها. فقد تنمو بمعزل عن الدوله. وهنا قد يسأل سائل: هل الوطنى يعنى المواطن؟ وهل كل مواطن وطنى؟ والاجابه بالطبع: لا. ولهذا يجب على الدوله ان تسعى من اجل اقناع كل المواطنين ليكونوا وطنيين. وهنا يمكن القول بان كل ابناء الشعب يتساوون فى المواطنة ولكنهم يختلفون فى درجة الوطنية. وذلك لان الوطنية هى النزعة الذاتيه التى تدفع الانسان فى المجتمع لخدمة وطنه.

2. مكتسبة: الوطنية هى قيمة مكتسبة وليست موروته. بمعنى ان ابن الرجل الوطنى ليس بالظروة وطنى. ولهذ يقول المثل الليبى: "الجمل يعقب البعر." وهى ليست بالظرورة حكرا على مجموعة دون أخرى ولا على طائفة دون غيرها.

3. متغيرة (ديناميكيه): والوطنية سلوك يزيد وينقص فمن يكون اليوم وطنين ربما سيصبح غدا غير وطنى والعكس صحيح.

4. التضحية الداتية: بمعنى استعداد الفرد لتقديم مصلحة المجتمع قبل أهدافه الذاتة.

5. قيمة أخلاقية: الوطنية يمكن أعتبارها قيمة أخلاقية تصل الى درجة التطرف عند البعض فيقفوا مع بلادهم فى الصح والخطاء. يروى ان أحد قادة السلاح البحرى الامريكى خلال الحرب الامريكية ضد بريطانيا عام 1812 وصف الوطنية كالاتى: "بلادى فى تعاملها مع الول الاجنبية دائما على صواب. أنا مع بلادى سوى ان كانت على صح أو خطاء."
 
الوطنية... و ... القومية:
الوطنيه قريبة للقومية. بمعنى ان الانتماء الى القوم أكثر وأقوى من الجغرافيا والدين ومن اى انتماء اخر. وبناءا على هذا فيمكن القول بان الوطنية أشمل وأعم من القومية. فالوطنية قد تأخد عدت مظاهر مثل: (أ) الافتخار بالانجازات وثقافة البلاد التى ينتمى لها الانسان. و(ب) المحافظة على عادات وتقاليد الشعب الذى ينتمى له الانسان حتى ولو كان مقيما فى مكان آخرغير وطنه. فكل المهاجرين على سبيل المثال بالرغم من أبتعادهم عن أوطانهم قد يزدادو حبا وشوقا لثقافتهم وتاريخهم. بمعنى ان الوطنية قد تتجاوز حب الانسان للارض الى حبه الى العادات والتقاليد, والناس الذين ينتمى لهم والقيم التى يعتز بها.
 
الوطنية... و ... التعصب
وهنا لابدا ان ينظر الى الوطنية على انها فى الحقيقة سلاح ذوحذين. فقد تستخدم لتحفيز المواطنين للقيام بما يمكن القيام به. ولكن من جهة اخرى قد تستخدم كأذاة هدم ودمار. فهتلر وموسولينى على سبيل المثال سخرا الوطنية لشن الحووب على الناس وقتل الابرياء. وهنا لابد من التذكير على هذة الفرق بين هذين المصطلحين: حب الوطن وتعصب الانسان لقومه. وقد روى فى الحديت الشريف ان ابى كعب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمن العصبية أن يحب الرجل قومه؟
فقال (ص): لا, ولكن من العصبية ان ينصر الرجل قومه على الظلم." (العربى).
وفى حديت اّخر لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيه:
"ليس منا من دعا الى عصبيه, وليس منا من مات على عصبية." (رواه أبوداود).
 
الوطنية... و ... الانتماء المزدوج:
هل من الممكن أن يكون هناك وطنين للانسان فى اّن واحد؟ بمعنى هل الوطنية المزدوجة أوالانتماء المزدوج: ممكننا؟ أو بمعنى اّخر: هل من الممكن أن يكون للشخص أكثرمن انتما واحد فى نفس الوقت؟ وما الذى سيحدت اذا تناقضا وتصادمت هذة الانتماءات؟
 
  الخاتمة
ختاما لهذا المقال يمكن القول بأن المواطنة حق لكل انسان يعيش فى الوطن وتمنحه الدولة حق المواطنة. . وهى ركيزة من ركائز البناء الحضارى للمجتمع. ولكن المواطنة ليست كفاية لانجاح المجتمع بل لابد ان يكون المواطن وطنى. ولابد أن نعى ان الوطنية لا تعنى اننا أحسن من الاخرين ولا تعنى انها مجرد احياء المناسبات الوطنية ولكن الوطنية تعنى احترام القانون والسلطة وفى نفس الوقت محاسبة كل من لا يقوم بواجبة أولا يحترم القانون, وقد تقتضى الظروف للثورة وحمل السلاح ضدّ السلطان الجائر أوالحاكم المتسلط من أجل تحرير الوطن.
والوطنية تعنى أن تسأل: ماذا يمكن القيام به؟
لا أن تسال: ما هى مصلحتى فى هذا الشأن؟
والوطنية لابد ان تكون معتدلة (أونقطة الاعتدال) ما بين العجز والاسراف.. والوطنية هى احد الفضائل الحسنة التى يجب الاهتمام بها.
فكما هو صحيح ومناسب للفرد ان يحترم ويحب اهله واولاده فمن المناسب ان يحترم المواطن وطنه.
والوطنية تعنى حق القربى ... وحق الجار ... وحق المكان...
وكم حقا جميل ان يموت الانسان شهيدا دفاعا عن أهله ... ووطنه... وماله .. وعرضه.
وأخيرا فان شعار المواطنين الحقيقى هو: "نعم: نحن نحب أنفسنا... ولكننا لا نكره الاخرين."
... فالى الامام ... 

والله المستعان

د. محمد بالروين
berween@hotmail.com
________________________
المراجع :
محمد متولى شعراوى (1977) "قضايا أسلامية." دار الشروق. ص 79
محمد العربى. من كتاب "النظم الاسلامية." الجزء الثانى
فهمى هويدى (1985) "مواطنون لا ّميون: موقع غير المسلمين فى مجتمع المسلمين." الطبعة الاولى. القاهرة: دار الشروق.
عبد الكريم زيدان ص 140.
راشد الغنوشى (1989) "حقوق المواطنة: حقوق غير المسلم فى المجتمع الاسلامى." المعهد العالمى للفكى الاسلامى. فيرجينيا: الولايات المتحدة الامريكية.
أنظر ماقاله جيمس مقريقر برنز:
James MacGregor Burns and Others (2000), “Government by the People.” 18/e. New Jersey: Prentice Hall. P.129
أنظر ما قاله جانسون ليو ثولستى:
Samuel Johnson, “Patriotism.” Wikiquote. April 7, 1775.
http://en.wikiquote.org/wiki/patriotism
Or: http://www.quotationspage.com/subjects/pariotism
أنظر ما قاله: السيد جورج بارنلد شو:
The Quotations Page. http://www.quotationspage.com/subjects/pariotism
أنظر ما قاله: الرئيس الامريكى السابق جان كندى:
The Quotations Page. http://www.quotationspage.com/subjects/pariotism

No comments:

Post a Comment

أخر مقالات نشرتها