Tuesday, November 15, 2011

أسلمة الديمقراطية: المتطلبات السياسية للديمقراطية في العالم الإسلامي* (1 من 4)

الموجز
لعله من المناسب ان أبدا هذه المقال بالتاكيدعلى أنه بالرغم من جاذبية مفهوم الديمقراطية في جميع أنحاء العالم الا انه لا يزال غامض وصعب تحديد معناه بذقة. فهو حرفيا يعني "حكم الشعب." ولكن ماذا يعني هذا بالضبط هو أمرغير واضحة. في هذه المقالة سوف نعرف الديمقراطية على انها "النظام السياسي الذي يقوم على أساس مبدأ الاختيار وحق المنافسة واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون." وسوف أعرف عملية التحول الديمقراطي على انها العملية السياسية التى يثم بها تغييرأوإنتقال نظام سياسي ما من الدكتاتورية الى الديمقراطية.

وفي هذه المقالة أود القول بان هناك سبعة تحديات كبيرة أومتطلبات أساسية لأسلمة الديمقراطية في الدول الإسلامية. هذه المعايير أوالمتطلبات الضرورية هي (1) تحقيق مبدا الاختيار. (2) إقامة الدولة الدستورية. (3) خلق المنافسة الحرة. (4) بناء مؤسسات قوية. (5) حل أزمة القيادة السياسية. (6) تجريد السياسة من العسكر أوعلى الاقل إنهاء التدخل العسكر فى السياسة. و(7) إنهاء أوالحدّ من التأثير الخارجي.

وفى هذا المقال اريد ان أوكد ايضا بانه لكى تنجح عملية أسلمة الديمقراطية في الدول الإسلامية لابد من السماح لكل الافراد والجماعات الإسلامية بالمشاركة وبحرية كاملة في العملية السياسية وبدون قيود ولا شروط. بمعنى ان عملية أسلمة الديمقراطية يجب أن تأتي من المسلمين انفسهم والا فانه لن يكتب لها النجاح.

وسوف أختم هذا المقال بالتأكيد على النقاط التالية: (1) لكى تنجح الديمقراطية في البلدان الإسلامية لابد من أسلمة هذا المصطلح. (2) ان أسلمة الديمقراطية هي أفضل الطرق لتحقيق الاستقرار في العالم الاسلامي والتخلص من أنواع التطرف. (3) ان الغالبية الساحقة من الشعوب الاسلامية ترغب وتسعى من أجل تحقيق العدالة والحرية والسلام وبناء دولة المؤسسات. (4) لابد من الاعتراف بان عملية أسلمة الديموقراطية لا تزال فى بدايتها ولابد من بدل كل الجهود من أجل تحقيقها. (5) ان عملية أسلمة الديمقراطية في الدول الاسلامية لن تكون سهلا ولامجانية. فالكثيرون من أبناء هذه الامة سوف يدخلوا السجون وبعضهم سوف يستشهد على هذه الطريق, وان الطغاة سوف يكونوا أكثر وحشية. (6) وأخيرا إذا كان الغرب والولايات المتحدة فعلا مخلصين في دعمهم للحرية والديمقراطية في الدول الإسلامية، فلابد ان يتوقفواعن دعم الانظمة الدكتاتورية في هذه الدول، ولابد من فتح قنوات الحوار العلنى والغير مشروط مع الاسلاميين الذين يؤمنون بسيادة القانون وبدولة المؤسسات. وان تكون هذه الدول مستعدة لقبول والتعايش مع دول إسلامية عصرية متقدمة.

* * *

فى الحقيقة إن الجماهير المسلمة مثلهم في ذلك مثل كل الشعوب الاخرى تحب الحرية والمساواة والسلام والعدالة وتسعى للمطالبة بحقها فى المشاركة فى أتخاد القرار السياسى. ولكن معظمهم يعيشون اليوم مرحلة احباط وغضب لأنهم لا يتمتعون بهذه القيم في مجتمعاتهم. والسبب الرئيسي لهذا الغضب والإحباط هو إن الدول الإسلامية قد ثم حكمها منذ استقلالها من خلال أشكال مختلفة من الأنظمة الاستبدادية التى سيطرت على كل جوانب الحياة وحرمتهم من أبسط حقوقهم الانسانية. وعليه فان الغرض من هذه المقالة يتكون من شقين: الاول هو تحديد مفهوم الديمقراطية من منظور أسلامى. والثانى هو التأكيد والدعوة للاهتمام بالشروط والتحديات الاساسية التى تواجه عملية أسلمة الديمقراطية اليوم في العالم الإسلامي.

أولا: المشكلة المفاهيمية - الديمقراطية والتحول الديمقراطي
في البداية اسمحوا لي أن أؤكد وكما ذكرت أعلاه على إنه بالرغم من جاذبية مفهوم الديمقراطية في جميع أنحاء العالم الا انه لا يزال غامض وصعب تحديد معناه بدقة. فهو حرفيا يعني "حكم الشعب." ولكن ماذا يعني هذا بالضبط هو أمرغير واضح ولم يتم الاتفاق والإجماع عليه بعد. فعلى سبيل المثال في حين اننا نجد الرئيس الامريكى جيمس ماديسون, الذى يوصف بابو الدستور وأول عالم سياسة في أمريكا، قد وصف الديمقراطية في "الاتحادية رقم 10" كما يلي: "دائما ... وجدت الديمقراطيات متعارضة مع الأمن الشخصي وحقوق الملكية. وبشكل عام فقد كانت قصيرا في حياتها كما كانت عنيفة في وفاتها"(راجع: جيمس ماديسون، الاتحادية رقم 10). من جهة آخرى نجد الرئيس الامريكى ابراهام لينكون في أشهر خطاب له فى مدينة جيتيسبيرغ عام 1863 قدعرف الديمقراطية على أنها "حكم الشعب ... بالشعب ... ومن اجل الشعب"(راجع: ماكلينيقون, 1993، p.13). فمن هو الذى على صواب ياترى؟ ربما يكون تعريف السيد ونستون تشرشل رئيس الوزراء السابق في بريطانيا الذي قال ذات مرة:"إن الديمقراطية هي أسوأ شكل من أشكال الحكم باستثناء كل الاشكال الاخرى"(راجع: سورنسن، 1998، ص 117). أوربما يكون الفيلسوف الاشتراكى جورج بارنارد شو (1858 – 1950) الذى وصف الديمقراطية عدة أوصاف منها إنها "النظام الذى يقوم بتبديل إسلوب إختيار المسؤولين فى الدولة بدلا من تعيينهم من قِبَل القلة الفاسدة الى إنتخابهم بواسطة الأكثرية الغير مؤهلة" (شو, 1903). أوربما يكون البروفسور روبرت دوول الذى عرض قائمة من سبع شروط اطلق عليها مصطلح شروط "الحدّ الادنى" التى يجب توافرها فى كل نظام ديمقراطى معاصر. هذه الشروط هى: (1) ان تكون السيطرة على قرارات وسياسات الدولة مخولة دستوريا للمسؤولين المنتخبين من الشعب. (2) ان يتم انتخاب المسؤولين فى انتخابات حرة ومفتوحة. (3) ان يكون لكل المواطنيين الذين وصلوا سن الرشد حق التصويت فى العملية السياسية. (4) ان يكون لكل المواطنيين الذين وصلوا سن الرشد حق ترشيح انفسهم لاى منصب فى الدولة. (5) يجب إعطاء حق التعبير لكل مواطن دون الخوف من اى عقاب يحل به. (6) المواطنيين لهم الحق فى الحصول على معلومات من اى مصدر يختاروا. و(7) حق تكوين المؤسسات بما فيها الاحزاب السياسية وجماعات المصالح مكفول لكل مواطن (راجع: دوول 1982, ص 11, شميدر وكارل 1991, ص 75 – 87).

في هذه المقالة سوف اعرف الديمقراطية على انها "النظام السياسي الذي يقوم على أساس مبدأ الاختيار وحق المنافسة واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون." وسوف أعرف عملية التحول الديمقراطي على انها العملية التى يثم بها تغييرأوانتقال النظام السياسي من الدكتاتورية الى الديمقراطية. أوكما عرفها الاستاذ تشارلز هووس على أنها "عملية اقامة نظام سياسي ديمقراطي"(هووس، 2003).

ثانيا: المتطلبات السياسية للديمقراطية في العالم الإسلامي

هناك سبعة تحديات كبيرة أومتطلبات أساسية تواجه عملية أسلمة الديمقراطية في الدول الإسلامية على مدى السنوات القادمة. هذه التحديات هي: (1) تحقيق مبدا الاختيار. (2) إقامة الدولة الدستورية. (3) خلق المنافسة الحرة. (4) بناء مؤسسات عصرية وقوية. (5) حل أزمة القيادة السياسية. (6) تجريد السياسة من العسكر أوإنهاء تدخل العسكر فى السياسة. و(7) إنهاء أوالحدّ من التأثير الخارجي.

(1) تحقيق مبدا الاختيار:
التحدى الأول الذي يواجه الدول الاسلامية فى عملية أسلمة الديمقراطية هو كيفية السماح لجميع المواطنين بممارسة حقهم فى اختيار ما يروه مناسبا. وذلك لانه لا يمكن أن يكون هناك خيار حقيقي إذا لم تكن هناك حرية لعرض جميع جوانب المشكلة المطروحة للنقاش باسلوب حضارى وفى حدود القانون. وأنا أعتقد أنه لا توجد أي فكرة أكثر مركزية وأهمية فى القيم الإسلامية من فكرة مفهوم حق الاختيار. فمن المنظور الاسلامى ان مبدا حق الاختيار يعنى حق الانسان فى ان يكون حر. وحقه فى اختيار الوسائل التى يراها مناسبه لتحقيق اهدافه. ونظرا لأن المواطن هو أكثر وأهم عنصر متميز في الدولة, فعليه يجب أن يكون له الحق في اختيار من يحكمه؟ ومتى يحكمه؟ وكيف يحكمه؟ اذا اراد اى نظام حكم ان ينجح ويستمر. وهذا يعني أن كل المواطنين فى المجتمع متساوون سياسيا فى الحقوق والواجبات. من منظور آخر يمكن القول بان تحقيق مبدا حق الاختيار لكل المواطنين يعني ان هناك امورا لا يمكن للحكومة بل يمكن القول لاينبغي على الحكومة القيام بها. فعلى سبيل المثال يتعين على الحكومة بشكل صريح الا تحرم المواطنيين من حقهم في ممارسة ديناتهم ومعتقداتهم التى يختارونها والا تمنعهم من حق التعبير والقول والكتابة فيما يشاؤون وباللغة التى يتحدتونها. وهنا لابد من التدكير بان مبدا حق الاختيار ليس له معنى ولا مفهوم متفق عليه بين الشعوب والثقافات المختلفة وعليه فهو ليس مفهوم مطلق. وأخيرا فإن تحقيق مبدأ الاختيار مرتبط ارتباطا وثيقا ورئيسي بمبدأ أن الحكومة يجب أن تكون محدودة الصلاحيات وان هده الحدود يجب ان ينص عليها فى الوثيقة الدستورية المعتمدة من قبل الشعب.

فى الجزء الثانى من هذا المقال باذن الله سوف أحاول تسليط بعض الضوء على التحدى الثانى الذي يواجه الدول الاسلامية فى أسلمة الديمقراطية وهو مفهوم إقامة الدولة الدستورية.

يتبع ... والله المستعان .

د. محمد بالروين
berween@hotmail.com
________________________________________________

** هذه ترجمة (غير حرفية) لورقة قدمت فى المؤتمر السنوى السابع لمركز لدراسة الاسلام والديمقراطية
الذى إنعقد فى العاصمة الامريكية واشنطن فى 5 - 7 مايو, 2006.
وثم نشرت فى مجلة قانون المجتمع المدنى الدولية,
المجلد الرابع, العدد الثالث, يوليو 2006. هذا وقد ثم نشرها فى العديد من المواقع الليبية.
http://www.tamiu.edu/~mbenruwin/Democracy_Islam1.htm أنظر الرابط:

المراجع :
Dahl, Robert, A. (1971) “Polyarchy: Participation and Opposition
(New Haven:Yale University Press.

Dahl, Robert, (1982) “Dilemma of Pluralist Democracy. New Haven:
Yale University Press. p.11

George Bernard Shaw (1856 - 1950), Man and Superman (1903)
"Maxims for Revolutionists" Quotations by Subject: Democracy:

Hauss, Charles (Chip), What is Democratization?” August 2003
http://www.beyondintractability.org/m/democratization.jsp

McClenghan, William A. (1993) “Magruder’s American Government.”
75/e, New York: Prentice Hall

Schmitter, Philippe C. and Terry Lynn Karl. “What Democracy is ..
And Is Not.” Journal of Democracy: 2 (Summer 1991), pp. 75-87
. Reprinted in Mark Kesselman and Joel Krieger (2006),

“Readings in Comparative Politics: Political Challenges and
Changing Agendas.” New York: Houghton Mifflin Company, pp. 160-171.

Sorensen, Georg (1998), “Democracy and Democratization: Processes and Prospects
in a Changing World.” Boulder, Colorado: Westview Press. 2/e

No comments:

Post a Comment

أخر مقالات نشرتها