Thursday, November 24, 2011

معايير الوظائف القيادية في الدولة

هيا بنا نؤسس دولتنا (1):
معايير الوظائف القيادية في الدولة
                     
                   سادتنا أعضاء مجلسنا الوطني الانتقالي المؤقر              
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يمكن القول بإنه في دولة المؤسسات لادولة القبائل .. وفي دولة القانون لا دولة الرجال .. وفي كل نظام حكم حديت يُريد    ان ينجح ويتقدم لابد ان تتوفر في المسؤولين القائمين عليه مجموعة من المعايير والمتطلبات السياسية للوظائف التى يقومون بها. والحقيقة إن توفر هذه الشروط والمتطلبات في الوظائف القيادية للدولة هو أمر أساسي وضروري ولايجب الاستغناء عنه لنجاح هذه المؤسسات ولتحقيق الدولة العصرية المنشودة. ولعل من أهم هذه المتطلبات والمعايير التى يجب توافرها في كل مسئول سياسي هي: الكفاءة والمقدرة والمساءلة والشفافية والمسئولية.

أولا: الكفاءة 
وهي المعيار الاول لإستلام الوظائف القيادية في الدولة. فبدون شك يعتبر معيار الكفاءة من أهم متطلبات وضروريات كل وظيفة قيادية وشرط أساسي لنجاح أي مؤسسة من مؤسسات الدولة الحديتة. وما أعنيه بمعيار الكفاءة هنا هو بإختصار شديد مدي علم ومعرفة وإطلاع وتجربة الانسان المُكلف بما يجب القيام به. بمعني هي حصول الشخص علي الكفاية من الشىء المنشود والمطلوب لإداء مهمة ما. وبمعني هي إمتلاك الفرد المعرفة والتخصص والتدريب والمهارات اللازمة للقيام بعمل ما. وبمعني آخر هي عملية مدي تأهيل الفرد التأهيل الفكري والدهني والعملي الجيد والمناسب وخصوصا فيما يتعلق بمؤهلاته وخبراته وتجاربه العملية. ولعل من أهم مكونات الكفاءة هي:
 
أ. المؤهلات  العلمية للفرد إذ يجب توفر الحد الأدني– علي الأقل – للدرجة العلمية التى تتطلبها وظيفة ما.   
ب. التخصص (أوالتخصصات) العلمي الذي يملكه طالب الوظيفة.     
ج. الخبرة الوظيفية أوالعلمية في مجال العمل. 

ثانيا: المقدرة                                                                                                                                       المعيار الثاني لإستلام الوظائف القيادية في الدولة هو المقدرة. وهذا المعيار يُشير الي قوة الشخص علي القيام بعمل ما جسديا وعقليا وقانونيا وأخلاقيا. ويتضمن إستطاعة الفرد إتقان فن الإدارة وكيفية التعامل مع المتغيرات التى تواجه مؤسسته وأيضا مقدرته علي الإستجابة لمتطلبات عملائه (أوزبانيته) وتفاعلات مؤسسته مع محيطها. بإختصار شديد إن معيار المقدرة يعني إمكانية الفرد علي القيام بمهامه علي أحسن وجه وذلك لأن ذلك يعتبر شرط أساسى من شروط الادارة الناجحة في كل الدول المتقدمة.

ثالثا: المساءلة 
المعيار الثالث لإستلام الوظائف القيادية في الدولة هو المساءلة. وهي بإختصار شديد إستعداد المسؤول لتحمل المسؤولية عن كل اعماله وتصرافاته التى يقوم بها وكل ما ينتج عن مؤسسته. بمعني التزام وإستعداد المسئول للكشف عن كل ما قام به وكل ما طلب منه بطريقة سريعة وفي وقتها المناسب ووفقا لما ينص عليها القانون. ولعل من أهم فوائد عملية المساءلة:   
1. تحقيق السرعة في رد المسؤول علي طلبات وإحتياجات الجمهور.    
2. التحقق من سوء الادارة والقضاء علي الفساد.     
3. رفع درجة ثقة الجمهور في مؤسساتهم الحكومية والعمل علي مناصرتها.    
4. زيادة درجة المشاركة السياسية وارتفاع الوعي بين المواطنيين.
عليه يمكن القول بأن المساءلة مطلب رئيسي وأساسي لكل حكم ناجح وعلي كل المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني أن تكون مسؤولة أمام المواطنيين وان توفر كل آليات المساءلة في كل مؤسسات الدولة.

رابعا: الشفافية    
المعيار الرابع لإستلام الوظائف القيادية في الدولة هو الشفافية. وهي تعني ببساطة أن تكون كل أعمال ونشاطات المؤسسات والموظفين في الدولة في العلن والا تكون سرية الا أذا إقتضت المصلحة والضرورة الوطنية لذلك. وهذا يتطلب ان كل القرارات والإجراءات يجب أن تُتخذ وتُنفذ وفقا للطرق المتبعة والقواعد والأنظمة التى إعتمدتها الدولة, ومن جهة آخري يحق لإولئك الذين سيتأثرون بهذه القرارات معرفتها والإطلاع عليها وإنتفاذها متى أرادوا ذلك.
آليات الشفافية:  لعل من أهم آليات الشفافية الآتي:
1. الإجتماعات المفتوحة: وهذا يتطلب إصدار قوانين تجعل كل الاجتماعات التى تخص الشأن العام مفتوحة للجميع وأن يكون كل ما يصدر عنها في متناول الجميع.
2. إقرار الذمة المالية: بمعني إشتراط تقديم إقرار الذمة المالية لكل مُرشح لمنصب قيادي في الدولة قبل تعيينه في الوظيفة. وذلك بأن يقوم المرشح بتقديم الاقرار المالى الخاص بذمته المالية وما يملك من اموال وعقارات وكيف تم الحصول عليها.
3. فتح السجلات والملفات العامة: بمعني إصدار قوانين بحرية تداول وسهولة الوصول للمعلومات العامة والغير سرية. بمعني حق المواطنيين في الإطلاع علي كل الملفات الحكوميةوالعامة إلا اذا إقتضت الضروري عكس ذلك أواذا كانت المعلومات متعلقة بالأمن الوطني. وبمعني آخر ان المعلومات يجب ان تكون مُتاحة بحرية وإن الوصول اليها يجب ان سهلا ومباشرة وبصورة يسهل فهمها, الا أذا إقتضت الضرورة عكس ذلك.
4. مركز للرقابة : وهو قيام الدولة بتأسيس مركز (أومؤسسة) للرقابة المالية وأن هذا المركز مستقل إستقلال كامل عن مؤسسات الدولة وان تكون له ميزانيته الخاصة به.  
فوائد الشفافية: يمكن القول بان للشفافية فوائد رئيسية عديدة لعل من أهمها الآتي:  
1. إرتفاع مستوي المشاركة السياسية في المجتمع. فالشفافية لا تقود فقط للمشاركة في الانتخابات والانخراط في مؤسسات المجتمع المدني وإنما أيضا المشاركة في النقاش العام واتخاذ القرارات والحرص علي المصلحة الوطنية. 
2. زيادة كمية المعلومات المتداولة والحرص علي معرفة الحقيقة. إذ يتوفر للجمهور كميات كبيرة من المعلومات عن نشاطات وسياساتالحكومة مما يجبرها علي ان تكون شفافة.   
3. تعتبر أداة من أهم أدوات محارب الفساد في المجتمع.                                                 
4. تساعد علي الانفتاح والتواصل بين الجميع.                       
5. تساعد علي وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وفي الوقت المنا   سب.                                              
6. ثمتل أحد المتطلبات الضرورية لمساءلة السلطات وهي أساس الجدوة وحسن الاداء. 

خامسا: المسئولية   
المعيار الخامس لإستلام الوظائف القيادية في الدولة هو المسئولية ويعني بإختصار إعتراف المسئول بكل ما قام به وتحمله لنتائج أعماله. ويجب ان تقوم المسئولية في مؤسسات الدولة علي أساس قيام المسئول بكل واجباته وإستعداده للإجابة علي كل سلوكياته ورغبته في الاعتراف بنتائج أعماله الإيجابية منها والسلبية. إن توفر معيار المسئولية في الوظائف القيادية في الدولة يتطلب إعداد خطط واضحة ومعلنة تبين أين تقع المسئولية ومن هو المسئول النهائي:                                                                                                 
الخاتمة   
في ختام هذا المقال نأمل من كل من يريد ان يمسك منصب قيادي في الدولة وخصوصا في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ ثورتنا المباركة ان تتوفر فيه هذه المعايير الخمس التى ذكرتها وذلك بأن يكون كفاءا وقادرا ومستعدا للمساءلة وشفافا وأن يكون علي إستعداد  للاعتراف بأعماله الإيجابية منها والسلبية وأن يتحمل نتائج ذلك بكل شجاعة ووطنية. بمعني آخر إن التعيين في المناصب القيادية في الدولة يجب الا يعتمد علي العلاقات الشخصية ولا الإنتماءات القبلية ولا الموازنات الجهوية وانما علي أساس معايير إدارية وعلمية لعل من أهمها الخمس معايير التى ذكرتها أعلاه.

ومن هذا المنطلق فنصيحتى لإعضاء مجلسنا الوطني الإنتقالي أن يقدموا – في هذا الشأن - مصلحة الوطن على مصلحهم الشخصية, وأن يتذكروا دماء الشهداء الزكية التى سالت علي أرضنا الطاهرة, وان يعوا الواجب الوطني والاخلاقي نحو كل الثوار والمجاهدين الذين ضحوا بالغالي والرخيص من أجلنا جميعا. وأن يدركوا بأن الامتحان الذي يجب ان يجتازه كل من يريد ان يستلم منصب قيادي في الدولة  وخصوصا في هذه المرحلة بالدات هوإمتلاك هذه المعايير – الكفاءة والقدرة والمساءلة والشفافية والمسئولية - والتى يجب أن تنطبق علي كل مسئول يريد ان يكون في مركز قيادي هذه الايام. والسؤال المهم الذي لعله من المناسب أن أختم به مقالتى هذه هو:                                  
هل ستتوفر هذه المعايير في حكومتنا المؤقتة القادمة؟                                                                                       
وهل سيختار مجلسنا الوطني الانتقالي أعضاء أكفاء وقادرين في حكومتنا المؤقتة الجديدة؟
وهل سيكون مجلسنا الوطني الانتقالي شفافا في كيفية الإختيار؟  
وهل سيضع مجلسنا الوطني الانتقالي إجراءات لكيفية محاسبة هؤلاء الوزراء؟  
وهل سيحدد لنا مجلسنا الوطني الانتقالي الآليات لكيفية محاسبتهم وفصلهم أذا فشلوا في القيام بواجباتهم؟                         
وهل سيسعي مجلسنا الوطني الانتقالي لتشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية؟

هذا ما ستكشفه لنا الأيام القادمة.. وحتى ذلك الحين أدعو الله ان يكون كذلك.
وأدعو الله عز وجل بعد هذه الانتصارات المباركة لثوارتنا الاشاوس في ساحات القتل وقتلهم طاغوت العصر, أن تتحرك كل القوي الخيّرة – من رجال ونساء -- في كل ربوع الوطن الغالي وخصوصا أعضاء مجلسنا الإنتقالي للسعي الجاد   في تأسيس دولتنا الدستورية الثانية التى سيكون أحد شعاراتها: "ليبيا أولا ... وثوارنا هم فخرنا وعزتنا."
في الختام مرة آخري لا تنسوا يا أحباب إن هذا مجرد راي أعتقد إنه الصواب...    
فمن أتى برأي يختلف عنه إحترمناه... ومن أتى برأي أحسن منه قبلناه...

والله المســـتعــــان.

محمد عبد الرحمن بالروين  
                                                             berween@hotmail.com
www.tamiu.edu/~mbenruwin

No comments:

Post a Comment

أخر مقالات نشرتها