Tuesday, November 15, 2011

من النظم الانتخابية (1 من 4)


 من النظم الانتخابية (1 من 4

الانتخابات فى الدول المتحضرة هى أكثر الاعمال السياسية شيوعا وقبولا. ولايمكن أن تجد فى هذا العصر دولة حرة وعادلة لايقوم نظام حكمها على أساس الانتخابات. ولعله من الجميل فى أنظمة الانتخابات الموجود فى العالم اليوم انها تتنوع وثتلون حسب تركيبة وثقافات الشعوب التى تطبقها. وعليه فعلى كل شعب يناضل من أجل تأسيس دولة عصرية وعادلة أن يختار نظام الانتخابات الذى يتناسب مع تركيبته ومعطيات ثقافته. ولكى يتحقق ذلك لابذ على النخب السياسية والثقافية والاجتماعية التى ترغب فى تبنى نظام انتخابى معين ان تختار النظام الذى يناسب شعبها وأن تصل الى اثفاق حول أهم القضايا الانتخابية التى تواجهها. ولعل من أهم الأسئلة التى يجب الاجابة عليها فى هذا الصدد الآتى:
1. ماذا نعنى بالانتخابات؟
2. ماهى أهم وظائف الانتخابات؟
3. من الذين لهم حق المشاركة فى الانتخابات؟
4. ماهى أهم شروط نجاح ألانتخابات؟
5. ماهى أهم نظم الانتخابات؟
6. أى الانظمة يمكن أن نختار؟ ... ولماذا؟

أولا. ماذا نعنى بالانتخابات؟
الانتخابات ببساطة هى الاّليات التى بواسطتها يتم أختيار رئيس الدولة وأعضاء الهيئة التشريعية وغيرهم من المسؤولين الذين يشترط الدستور انتخابهم. بمعنى هي مجموعة الوسائل التي يتم بواسطتها اختيار الأشخاص الذين سيعهد لهم باتخاذ القرارات ورسم السياسات العامة في الدولة. وبمعنى آخرهى مجموعة من الإجراءات القانونية والإدارية التي تحدد علاقة الناخبين بالمرشحين لاختيار العدد المطلوب من المسؤولين بناء على نص دستوري أوقاعدة تشريعية.

ثانيا. ماهى أهم وظائف الانتخابات؟
بمعنى لماذا الانتخابات؟ والحقيقة انه برغم من كل مشاكل الانتخابات وتحدياتها الا أنها لاتزال أحسن أداة لاختيارالحكام المناسبين والتخلص من الحكام غير الاكفاء. ولعل من أهم وظائف الانتخابات الاتى:

1. تحقيق المنافسة الشريفة:
أن من أهم أهذاف الانتخابات هو توفير المنافسة الشريفة والعادلة لكل من لذيه الرغبة فى المشاركة فى حكم البلاد. وان وجود منافسات حرة ومفتوحة للجميع هى الاداة الوحيدة لنجاح أى نظام حكم عادل يحقق الاستقرار وينشرالسلام بين الجميع.

2. تحقيق الشرعية للنظام:
تضفى الانتخابات احترام وقبول للنظام السياسى والالتزام بما يقررة المسؤولين فيه. بمعنى آخر تعطى الانتخابات الصبغة الشرعية للسلطة المنتخبة. فشرعية الحكومة وتبرير ممارساتها وسياساتها تستند إلى قاعدتها الانتخابية ولذلك تحرص كل حكومات العالم اليوم وحتى الاستبدادية منها على التمسك بالانتخابات حتى وان كانت مجرد اسمية أو شكلية او حتى لو كانت فى شكل مجرد استفتاء يفوز فيه الحاكم بنسبة 99,99% من الاصوات كما هو الحال اليوم فى الدول العربية.

3. ممارسة حق الاختيار لكل أبناء الشعب:
بمعنى اعطاء كل المواطنين فرص الاختيار ما بين البرامج المطروحة والشخصيات المرشحة. فهي تعطي المواطن فرصة للإفصاح عن رغبته في اختيار المسؤولين الأكثر قدرة وكفاءة وتعزز شعوره بالكرامة والقدرة على التأثير وتحقيق الذات. وبمعنى آخر الانتخابات وسيلة فعالة لتوسيع نطاق المشاركة الشعبية والمساهمة فى اتخاد القرارات.

4. حق محاسبة المسؤولين:
الانتخابات وسيلة لحث المسؤولين على الشعور بالمسئولية. فهي تجعل المسؤولين خاضعين لمحاسبة ناخبيهم وذلك بالتهديد بسحب التأييد لهم في الدورات الانتخابات المقبلة إذا لم يقوموا بواجباتهم ومحاولة إرضاء الناخبين الذين يتحكمون بمستقبلهم السياسي. وهذا يعنى اعطاء المواطنين فرص حق التخلص من كل من يعتقدوا انه غير صالح للحكم.

5. حل الخلافات بالاساليب السلمية:
الانتخابات هى أحد الادوات الحضارية لحل الخلافات والنزاعات السياسية بين الفرقاء بالاساليب السلمية. وهي وسيلة لتنظيم علاقات الافراد والجماعات المختلفة وحسم الخلافات بينها بالطرق القانونية السلمية والحضارية.

6. أذاة تعليمية وتثقيفية:
يمكن توظيف الانتخابات كأذاة تعليمية وتثقيفية لكل المواطنين حول ما يدور فى البلاد من قضايا وتحديات وكيف يجب التعامل معها. والانتخابات ترفع من انتماء المواطن للمجتمع الذي يعيش فيه. من هذا يمكن القول بأن اختيارالنظام الانتخابى المناسب قد يعمل على قيام حكومة فعالة ومستقرة فى الوطن ومن جهة اخرى فان اختيار نظام أنتخابى غير صالح سوف يعمل على قيام حكومة غير مستقرة وربما تكون مستبدة.

ثالثا. من الذين لهم حق المشاركة فى الانتخابات؟
من المتعارف عليه فى الدول المتحضرة هو انه ليس لكل المواطنيين الحق فى المشاركة فى الانتخابات وانما المشاركة فى الانتخابات فى العادة يحددها القانون. ولعل من أهم الشروط (أوالقيود) التى تشترطها أغلبية القوانين للمشاركة فى الانتخابات هى الآتى:

(أ) الجنسية: تشترط جميع القوانين الانتخابية في العالم تقريبا ان يكون الناخب من مواطني الدولة، اي حاملا لجنسيتها، وتمنع الاجنبي المقيم على اراضيها من المشاركة في التصويت، ويلاحظ ان بعض قوانين الانتخاب فى بعض الدول تدهب الى أبعد من ذلك اذ لاتسمح للاجنبي الذي حصل على جنسية الدولة من ممارسة حق الترشيح والاقتراع الا لتاكد من ولاءه للبلاد. بعد مرور مدة معينة يحددها القانون

(ب) العمــــر: ان قيد العمر يمكن ان يكون من القيود المنظمة للعملية الانتخابية بصورة عامة. لقد استقر الراي عند أغلبية الدول بان بلوغ سن الرشد يخول الانسان ممارسة جميع التصرفات القانونية والتي تعطى له حقوق وتفرض عليه واجبات. وقد اصبح من البديهي ان يكون سن الناخب قد بلغ سن الرشد القانوني ليتسنى له المساهمة في عملية التصويت. فعلى سبيل المثال كل قوانين الانتخابات فى الولايات الامريكية تسثتنى من الانتخابات كل الذين لم يصلوا الى سن الرشد. والحقيقة انه حتى عام 1971 كان الدستور الامريكى يعرف سن الرشد بالواحدة والعشرين (21) عاما ولكن فى عام 1971 ثم تعديل الدستور لتصبح سن الرشد ثمانية عشر (18) عاما (راجع: بيرنز 2000, ص 51 ). والى جاب هذا نجد العديد من الدول تفرق بين شريحتين من المواطنين سن حق التصويت وسن حق الترشيح. والذى اعنيه بحق التصويت هو حق المواطن فى الادلاء بصوتة فى الانتخابات. ففى امريكا على سبيل المثال قد حددها القانون بثمانية عشر (18) عاما. أما ما أعنيه بحق الترشيح فهو حق المواطن فى ترشيح نفسه لمنصب معين. ففى أمريكا ايضا نرى ان الدستور قد فرق بين المناصب المختلفة فى هذا الشان. فعلى سبيل المثال يشترط فى الترشيح لعضوية مجلس النوب ان يكون عمر المواطن على الاقل (25) عام, ويشترط فى الترشيح لعضوية مجلس الشيوخ ان يكون عمر المواطن على الاقل (30) عام, ويشترط فى الترشيح لرئاسة الجمهورية ان يكون عمر المواطن على الاقل (35) عام.

وكل متأمل فى الدستور الليبى الذى أصدرتة الجمعية الوطنية الليبية فى 7 اكتوبر1951 يرى كيف فرق بين سن الرشد وسن حق الاقتراع وسن حق الترشيح. فمثلا المادة (49) تنص على ان "سن الرشد للملك تمام ثمانية عشر (18)عاما هلاليا." أما بخصوص الانتخابات فتنص المادة (102) على ان "الانتخاب حق لليبيين البالغين إحدى وعشرين (21) سنة ميلادية على الوجه المبين في القانون، ويجوز للمرأة أن تمارس هذا الحق وفقا للشروط التي يضعها القانون." أما بخصوص الترشيح لمجلس النواب فقد اشترطت المادة (103) "... (1) أن يكون قد أتم الثلاثين سنة من عمره حسب التقويم الميلادي." أما الترشيح لمجلس الشيوخ فقد نصت المادة (96) على ان "يشترط في عضو مجلس الشيوخ، زيادة على الشروط المقررة في قانون الانتخاب، أن يكون ليبيا وألا تقل سنه يوم التعيين عن أربعين (40) سنة ميلادية. وحتى فى حالة التأهيل للعرش الملكى فقد نصت المادة (51) على انه: "لا يجوز تعيين أي شخص نائبا للعرش أو وصيا أو عضوا في مجلس الوصاية إلا إذا كان ليبيا مسلما وقد أتم الأربعين (40) من عمره بحساب التقويم الميلادي،...."

(ج) الاهلية العقلية (أوالقانونية): يجب ان يكون الناخب متمتعا بكامل قواه العقلية. ومن منظور آخر يمكن القول بأنه سيحرم من حق الانتخاب كل من: (أ) حرم من ذلك الحق بموجب حكم قضائي نهائي. (ب) كان فاقدا لأهليته القانونية بموجب حكم قضائي نهائي. (ج) تحرم كل من أدين بجناية ولم يرد له اعتباره بموجب أحكام القانون.

(د) الاقامة: بمعنى ان يكون المواطن مقيما فى نفس الذائرة التى يرغب ان يصوت أو يرشح نفسه بها.

(هـ) التسجيل: وهذا ما يعرف بحصر (أو بتحديد حجم) هيئة الناخبين فى الدولة. ويقصد بها ايضا مجموعة المواطنين الذين يحق لهم المساهمة في الانتخاب. والحقيقة ان تحديد حجم هيئة الناخبين يتوقف على الفلسفة التي تعتمدها الدولة عند وضع قانون الانتخاب. ومن المسلمات التي استقامت عليها المجتمعات والانظمة السياسية حاليا هو جعل الاقتراع حق لكل من ينطبق عليه شروط هذا التوجه. وعليه فانه من أجل إجراء العملية الانتخابية في أي دولة من الدول لابد من إعداد سجل للناخبين حتى يستطيع المسؤولين عن الانتخاب عند إجراء عملية الاقتراع التمييز بين من يحق لهم وتنطبق عليهم شروط الناخب من غيرهم ممن لا تتوفر لديهم هذه شروط

رابعا. ماهى أهم شروط نجاح الانتخابات؟
لكى تؤدى الانتخابات دورها المطلوب والمرغوب من قبل كل أبناء الشعب فى الدولة يجب أن تتوفر فيها مجموعة من الشروط لعل من أهمها:

1. مفتوحة: بمعنى أن يكون لكل مواطن الحرية في الإنتخاب والترشيح وأن تكون الانتخابات حق عام ليس لاى سلطة من السلطات ان تحرم اى مواطن من ممارسته ما دام مستوفيا للشروط القانونية.

2. عادلة: يجب أن تكون الانتخابات عادلة. بمعنى ان يكون لكل الاصوات نفس الوزن وأن كل المرشحين يمثلون أعداد متساوية من الناخبين. وهذا يعنى ان لكل ناخب صوت واحد فقط. هذا كما أن القانون يمنح كل الأحزاب والقوائم السياسية حق المشاركة في الإنتخابات وحق القيام بالحملات الدعائية.

3. شخصية. بمعنى يجب ان تكون عملية الاقتراع شخصية ولا يجوز بأي حال من الأحوال الاقتراع بالإنابة. وهذا يعنى انه لا يجب الزام أى مواطن باي التزام كان. فكل مواطن حر في ان يمارس هذا الحق ويشترك في العملية الانتخابية او ان يمتنع عن ذلك ويهمل ممارسة حقه.

4. سرية: بمعنى الاقتراع حق لكل ناخب ولا يجوز لأحد الإخلال بها أوالتنازل عنها، كما ولا تجوز ممارسة الاقتراع العلني. والسرية تعنى ببساطة عدم معرفة كيفية تصويت الناخب ولا لأي الأحزاب منح الناخب صوته.

فى الجزء الثانى من هذا المقال باذن الله سوف أحاول الاجابة على السؤال الثالى:

ما هى أهم نظم الانتخابات؟

يتبع ... والله المستعان.

د. محمد بالروين
berween@hotmail.com 
________________________________________________
(*) المراجع :
الدستور الليبى: أصدرتة الجمعية الوطنية الليبية فى 7 اكتوبر 1951.
من أصدارات دار المنار للنشر. مايو 2006.
Burns, James MacGregor and et al (2000) “Government
By the People.” New Jersey: Prentice Hall. 18/e.

No comments:

Post a Comment

أخر مقالات نشرتها