Wednesday, November 16, 2011

من الصراع ... تحدى واستجابة*




السبت 7 نوفمبر 2009





د. محمد بالروين
الصراع هو سنة من سنن الحياة وضرورة من ضرورات التطور. وتدافع الناس بعضهم ببعض هي الحتمية التاريخية التي جعلها الله الأداة الاساسية لتمكين الحق وتحقيق العدل والقضاء علي معالم الظلم.
يقول الله تعالي"فهزموهم باذن الله وقتل داود جالوت واتاه الله الملك والحكمه وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض"(البقرة , 251), ويقول جل جلاله "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير. الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق الا ان يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم بعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا, ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز"(الحج , 40). من هذا يمكن أن نستنتج بأن الصراع هو ما يمكن تسميته بالحتميه التاريخيه. وهو ليس حاله طارئه بل سنه من سنن الحياة وسبب أساسى وضرورى لحركه التاريخ. ولعل من أهم الأسئلة في هذا الشأن الاتي:
1. ماهي مكونات الصراع؟
2. ماهي متطلبات الصراع؟
3. ماهي أهم أدوات الصراع؟
4. ماهو دور القوى المعارضة فى الصراع؟

أولا: مكونات الصراع؟
لعل من أهم مكونان الصراع هو التحدي والاستجابة. فالتحدي ياتي في العادة من الجانب القوي الذي يملك السلطة والقوة. ويصبح هذا الطرف تحديا عندما يحاول فرض ارادته بالقوة علي الآخرين وحرمانهم من حقهم في الاختيار والحياة الكريمة. أما الطرف الآخر للصراع فيكمن في عامل الاستجابة لهذا التحدي.

والحقيقة أن الصراع موجود فى كل المخلوقات بما فيها الإنسان وقد يأخد اشكالا عدة. ففي المجتمع المتمدن على سبيل المثال يكون الصراع سياسيا تنافسيا. بمعنى صراع بين جماعات متفقه فى الهدف والمرجعيه الدستورية وتحترم قواعد اللعبه السياسيه ولكنها تختلف فى الأساليب والوسائل. وقد صنف علماء الاجتماع هذا النوع من الصراع بالصراع المُنتج (أوالبناء) (أنظر: دوتش 1969 , ص7-41). اما فى المجتمعات التى تطغي فيها الطبقة البرجوازية علي الطبقات الأخرى وتسيطر علي كل وسائل الانتاج فان الصراع فى هذه الحالة هو صراع طبقي. وهذا النوع من الصراع هو ما ركزعليه وبحق الماركسيون فى تحليلهم لحركة التاريخ. وخطاء الماركسيين هنا ليس في وصف هذا النوع من الصراع وانما في درجة المبالغة فيه حيث اعتبروه أصلا ومصدر كل الصراعات الأخرى. وفى هذا الصدد يقول ماوتسى تونغ فى كتابه "فى التناقض:"
"... لقد أشار لينين أن ماركس قد قدم فى كتابه (راس المال) تحليلأ نموذجيا لحركه التناقض التى تجرى خلال عمليه تطور الاشياء من البدايه حتى النهايه. وهذه هى الطريقه التى ينبغى ان تطبق فى دراسة عملية تطور كل شيء. ولقد طبقها لينين نفسه أيضا بصورة صحيحه والتزم بها فى جميع كتاباته. ان أول ما حلله ماركس فى كتابه رأس المال هو أبسط علاقة فى المجتمع البرجوازى (السلعى) علاقة اعتياديه أساسيه مألوفه عاديه أكثر من غيرها علاقة تحدث مليارات المرات الا وهى تبادل السلع. وفى هذه الظاهرة البسيطة جدا (فى هذه "الخلية" للمجتمع البرجوازى) كشف التحليل جميع تناقضات (أو بذور جميع تناقضات) المجتمع الحديت" (أنظر: ماوتسى تونغ 1979).
فالمركسيون يرون أن ظاهرة علاقة تبادل السلع فى المجتمع البرجوازى هى بذور جميع تناقضات المجتمع المدنى. وبالتالى فالصراع الطبقى عندهم هو الحتمية التاريخية. والحقيقة أن الحتمية التاريخية ليست فى الطبقية فقط وانما فى طبيعة الصراع نفسه. ففي المجتمع الذي تسيطر فيه جماعة دينية - على سبيل المثال -على جماعات دينية أخرى وتظلم كل من اختلف معها فكريا يكون الصراع فى هذه الحالة صراعا دينيا. أما في المجتمع الذي يهيمن فيه قوم علي أقوام أخرين فان نوع الصراع سيكون صراعا قوميا ... والخ.

ثانيا: متطلبات الصراع؟
بمعنى ما هى الشروط التى لابد من توافرها للذين استضعفوا فى الارض حتى يتمكنوا من الاستجابة لتحدى المستكبرين والقضاء على كل انواع الظلم ونشر قيم العدل فى المجتمع. ولعله من المناسب فى هذه العجالة أن أكتفى بذكر أهم هذه المتطلبات:


1. المنطلقات: وتشمل كل المبادى الأساسية التى تنطلق منها جماعة معينة مثل رفض الظلم وتمكين الحق وتحقيق العدل والإيمان بمنطق القوة.
2. التضحيه: بمعنى أنه لابد على من يريد تحدى الظلم والاستبداد أن يستعد للتضحيه بكل أنواعها: المال والجهد والوقت.
3. القيادة: ان وجود القيادة هو شرط أساسى لنجاح أى عمل. فالقيادة الحكيمه والقادرة هى التى سيتبعها الناس ويستمعوا إلى أوامرها. فالثورة الايرانيه على سبيل المثال نجحت لأنها وحدت قياداتها تحت قيادة الخمينى. فما أن أعلن الخمينى الثورة عام 1978 حتى اعلنت كل المرجعيات الدينيه والقيادات الوطنية مناصرتها له. فبالرغم من ان بعض المرجعيات الاّخرى كانت تفوق الخمينى علما واتباعا إلا أنها تغاضت عن كل ذلك فى تلك الفترة الحرجة من تاريخ الثورة. فعلى سبيل المثال كان أتباع اّية ألله الطالقانى أكثر من 500,000 مواطن, فى حين كان أتباع الخمينى حين ذاك لا يزيدون عن 150,000 مواطن. وعليه فلابد من تشجيع الناس فى داخل الوطن على تكوين جماعات صغيرة من أجل اعداد القيادات القادرة والاستعداد ليوم الخلاص.
4. الاستمراريه: بمعني لابد من الوعى بأن من أهم الاسباب التى أدت الى فشل أغلب الحركات الاصلاحيه عبر التاريخ هوغياب عنصر الاستمرارية فى اعمالها. وبمعنى آخر ان سبب فشل الكثير من الحركات الاصلاحية هو ان أعمالها كانت موسمية ومجرد ردود أفعال للخصم. وعليه فلابد ان يكون شعار الذين يريدون النجاح فى تحدى الظلم والاستبداد حديت رسولنا صلى الله عليه وسلم الذى يقول فيه: "القليل الدائم خير من الكثير المنقطع."

ثالتا: أدوات الصراع؟
بالتأكيد أن للصراع أدوات عدة تختلف باختلاف الزمان والمكان والظروف والامكانيات. لعل من أهمها:

(1) الكوادر: فلابد ان يكون هناك كوادر مؤهلة و قادرة على القيام بالتغيير. فالكوادر هم الذين يقومون بتوجيه الناس وتحريضهم علي التغيير. وهم الذين يقفون فى وجه الظالم و زبانيته اذا دعت الضرورة لذلك. وفي تصوري لكي تكون الكوادر فاعلة ومؤثرة لابد ان تتوفر فيها شروط عديدة لعل من أهمها:
- ان يكون الكادر من الافراد الذين أمنوا بأهداف التغيير.
- ان يكون الكادر مستعد للعمل والتضحية.
- ان يكون الكادر لديه الدافع الذاتى والشعور القوى بالانتماء.
- ان يكون الكادر فى مستوى التحدى.
- ان يكون الكادر مستعد لاستخدام كل الاساليب المشروعة لتحريك الجماهير وتنظيمها.
- ان يكون الكادر قادرا على التعامل مع الجماهير, وان يكون شعاره "خادم القوم سيدهم."
- ان يعى الكادر بأن التواضع هو أهم الأدوات الأساسية لتحقيق النصر.
باختصار شديد يمكن القول بأن الكوادر هم"الامة" التي أمر الله أن توجد في كل مجتمع مسلم عندما قال سبحانه وتعالى "ولتكن منكم أمة يدعون الي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر...." فكل دارس فى التاريخ الإنسانى يجد أن كل الحركات الإصلاحيه والثورات الشعبيه التى نجحت كان يقودها كوادر مؤهله ومستعدة للتضحية. فخلال الثورة الايرانية على سبيل المثال كان هناك داخل ايران ماعرف باللجنة التى يقودها اّية الله الطالقانى والتى كانت تضم اكثر من 500,000 متطوع. فما ان يوجه الخمينى دعوته للتظاهر حتى يتوزع هؤلاء الكوادر على كل أنحاء ايران لابلاغ الخبر الى جميع فصائل الثورة حيث لم يكن لديهم فى ذلك الوقت وسائل الاعلام الموجودة اليوم من صحافة واذاعة وتلفزيون (أنظر: الحسنور 1979, ص35).
(2) المقاطعة: بمعنى بسيط ومختصر جدا هو تشجيع الجماهيرعلى عدم المشاركة في نشاطات ومشاريع ومؤسسات الحكم الظالم والمستبد. وايضا مقاطعة كل المحاولات التلفيقية والترقيعية التى يسعى الحكم الظالم القيام بها من أجل الخروج من المأزق الذى هو فيه.
(3) التحييد: بمعنى محاولة تحييد مراكز القوى الرئيسية فى المجتمع وخصوصا الجيش والامن والشرطة. ولابد من التاكيد لهم بأن الهدف الاساسى من التغيير هو انهاء الحكم الظالم وليس ضدهم. ولابد من استدراج عطفهم وابراز مظاهر الاستعطاف تجاههم والسعى الى استقطابهم الى جانب الشعب. لقد كان هذا التكتيك هو احد العوامل الرئيسيه فى نجاح الثورة الايرانيه. فعلى سبيل المثال قامت الجماهيرالايرانيه فى المظاهرات بتقديم باقات الورد والزهور للجيش, مما أدى الى ان يعانق الجندى المسلح بالرشاش أخاه المواطن ألثائر الذى لا يملك الا الايمان والزهور (انظر: الحسنور , 1979 , ص 31). ولابد ايضا من دعوة جنود وضباط قواتنا المسلحة والشرطه بمقاطعة مؤسسات الحكم ودعوة شعبنا لمناصرة كل الذين يقاطعون هذه المؤسسات وحمايتهم وان يكون شعارنا: "اذا كنتم لا تستطيعون تغيير الحكم الظالم فى بلادنا فيجب الا تحموه." 


(4) الشعارات: ان اختيار مجموعة من الشعارات والاناشيد التى تعبرعلى القضية هو أمر ضرورى لنجاح اى عمل معارض. وتكمن أهمية هذه الشعارات والأناشيد في خلق انطباع ايجابي وإعادة روح الأمل فى الجماهير ومخاطبة العواطف والمشاعر ووضع وتحديد المطالب والضغط على الخصم. ولعل من أهم الشعارات الناجحة في التاريخ الحديث: (ا) ما قام به الشعب الهندي عام (1929) عندما قرر مقاطعة "الملابس الأجنبية" وكذلك جعل "القطن" رمز وشعار للوطنية. وكان أمرا سهلا حقا لكل الهنود, مما شجع غاندي والمؤتمر الوطني علي ارتداء الملابس الوطنية مثل ما عرف حينذاك (بكاهذي) وهذه الملابس أعطت الهنود الشعور بالانتماء والفخر واستفزاز أعدائهم الانجليز إلي درجة أن رئيس وزراء بريطانيا (تشرشل) أطلق علي غاندي اسم "الرجل نصف العريان" للتهكم عليه والاستهزاء به. (ب) خلال الثورة الايرانية (1978- 1979 ) كان هتاف الجماهير"الله وأكبر" يدوي في كل مكان. وأيضا استخدام السواعد المرتفعة "وقبضة اليد" كرمزا للقوة والتحدي. و(ج) كان شعارالشعب الفلبيني عندما ثاروا ضد الدكتاتور(ماركوس) هو رفع الاصابع الثلاث (الوسطى والسبابة والابهام) وكان شعارهم هذا يعنى "سوف ننتصر ونعيش أحرار."
(5) الحدث: لابد من التاكيد على وجود اوصنع حدث (أومفجر) ليعلن بداية التغيير. بمعنى لكي ينجح التغييرلابد ان يتبع هذا الحدث حوادث أخرى لاستمرارية وزيادة الضغط على الخصم. وكل متأمل في تاريخ الحركات النضالية الناجحة يجد أمثلة كثيرة فى هذا الصدد لعل من أهمها.

(أ) حادثة السيده الامريكية السمراء (روزي بارك) التى رفضت الجلوس في القسم المخصص للسود من الاتوبيس في مدينة منتوغمري بولاية الاباما بأمريكا. هذا الحدث قاد الي مقاطعة السود الي استخدام الاتوبيسات لمدة طويلة استمرت أكثر من 381 يوما. وخلال هذه المقاطعة قام أكثر من 42,000 رجل وامراة وطفل بالذهاب الي أعمالهم ومدارسهم مشيا على الاقدام (أنظر ذاّى 1999 , ص556).
(ب) أما المثال الثاني علي أهمية الحدث فهو الانتفاضة الشعبية في السلفادور وكانت يوم اغتيال القائد المعارض الدكتور آرتورو روميرو فى يوم 17 مارس 1935. عندما رجع طلاب كلية الطب من العطلة وسمعوا خبر أن الدكتور رومورو قد أُلقي القبض عليه عندما حاول الهروب الي الهندورس. لقد كان الدكتور رومورو طبيبا نشطا سَخر نفسه لخدمة الفقراء ومساعدتهم. واشتغل كأستاد في كلية الطب وكان محبوبا بين الطلاب. وما ان سمع الطلبة هذا الخبر حتي خرجوا يلبسون رابط عنق" كرفتات" سوداء اعلانا للحداد والحزن. وكان هذا الحدث الاشارة الأولى لانطلاق الثورة الشعبية في السلفادور. (ج) أما المثال الثالث على دورالحدث لبداية واستمرارية الصراع هو ما حدث في الهند عام 1930 عندما قررغاندي بداية حركة العصيان بمسيرة الـ 241 ميل من مدينة "دلهي" الي شواطيء البحر في مدينة "داندي" يوم 2 مارس 1930. كان هدف غاندي هو تحدي ما عرف "بقانون الملح" ودعى غاندي الهنود للقيام بنفس الشيء. وقانون الملح هذا كان قد صدر في عام 1836 وهدفه احتكار الملح وسيطرة الانجليزعليه. وعندما بدأ غاندي حركة العصيان من أجل تجميع الملح بالطريقة (غير) القانونية! فى هذا اليوم بعث برسالة الي رئيس وزراء بريطانيا اللورد آرون والتي بدأها "بــ ... صديقي العزيز." وقد أعلن غاندي في هذه الرسالة بداية العصيان وكيف سيتجاهل "قانون الملح." وكان رد الانجليز عليه سلبي. فالانجليز خافوا في حالة اعتقال غاندي ان يتعاطف معه أبناء الشعب الهندي وبالتالى سيتحدون النظام ويفقد الانجليز سيطرتهم على الهند. وعليه فقد قرر رئيس وزراء بريطانيا بالسماح لغاندي بالاستمرار في مسيرته حتي لا يجعل منه بطلا. وقد اعتقد الانجليز أن غاندي سيحكم عليه بالسذاجة لا بالبطولة, وبالفشل لا بالنجاح. ولكن المسيرة أظهرت عكس ما اعتقده الانجليز. فلقد أنتهت المسيرة على شواطيء مدينة داندي باستقبال أكثر من أربع اّلاف مواطن هندى واستقبل غاندي استقبال الأبطال. وفى تلك المناسبة قام غاندي بدعوة الشعب الهندي للمشاركة في تحدّي هذا القانون وتجميع الملح والاستفادة منه.

رابعا: دورالمعارضة:
يمكن القول وباختصار أن الاستجابة لتحدى الحكم الظالم والمستبد هو المهمة الاولى والأساسية للقوى المعارضة فى أى بلد. وأن هذه القوى لن يكتب لها النجاح الا اذا استطاعت تحديد دورها فى داخل الوطن وخارجه وتوظيفه باسلوب علمى وواقعى وفعال. ولعل من اهم الامور التى يجب الاهتمام بها عند الحديت على دور القوى المعارضة الاتى:

(1) فى داخل الوطن:
الحقيقة ان للمعارضة فى داخل الوطن أدوار عديدة لعل من أهمها:
(أ) وضوح الاهداف بمعنى على كل القوى المعارضة للظلم والاستبداد ان يكون لها أهداف واضحة وان تسعى الى تحقيقها بكل الوسائل السلمية والممكنة والمشروعة. فمن البديهى أنه بدون هذا الوضوح لن يلتف الشعب حولها ولن تستطيع تحقيق أهدافها.
(ب) اعداد كوادر ذات الكفاءة العالية لتعبئة الجماهير وتوجيههم للقيام بدورهم المطلوب. وقياسا على التجارب السابقه فى التاريخ الإنسانى يمكن القول بان المعارضة فى ليبيا تحتاج على الأقل فى تصورى الى حوالى 100,000 كادر مؤهل وقادر للقيام بهذا العمل. أو بمعنى آخر إذا أارادت المعارضة الليبية لعملها النجاح فلابد ان يكون لديها على الاقل كادر واحد فى كل ستين ليبى (1 : 60).
(ج) اختيار شعارات ومناسبات مؤاثرة تعمل على توحيد الناس لا تفريقهم وتكون ادوات ضغط على الحكم الظالم المستبد.
(2) فى خارج الوطن:
وهنا لابد من إدراك ان دور المعارضة - اى معارضة - فى خارج الوطن هو دور محدود بطبيعته ويمكن حصره فى القيام باعمال محددة لعل من أهمها الاتى:

(أ) الاعلام والتعبئة: وهو من أهم الأدوار التى يجب على كل معارض فى المهجر القيام به. ولكى يؤدى الأعلام فى الخارج دوره النضالى والمطلوب لابد ان يكون دقيقا ... وصادق ... وموجها.
(ب) الاستعداد للبناء: بمعنى على المعارضة ان تعي بأن الكوادر القادرة على الهدم ليس بالظرورة قادرة على البناء. ولعل خير مثال على ذلك هو ان العسكر فى الوطن العربى فى الفترة ما بين (1952 و1980) قد نجحوا فى اسقاط أكثر من عشرين نظام حكم فى أكثر من عشر دول عربية ولكنهم فشلوا فى تأسيس دولة عصرية واحدة.
(ج) وحدة الصف: والذى أعنيه هنا باختصار هو العمل والتنسيق فيما تتفق فيه هذه القوى , وان تعذر بعضها البعض فيما تختلف فيه. بمعنى آخر لابد من التأكيد على أن كل المعارضين للظلم والاستبداد فى ليبيا هم فى الاصل إصلاحيون - سواء كان أسلوبهم التدرج فى التغيير اوالمطالبة بالتغيير الجدرى. أى إنهم جميعا فى النهاية يؤمنون بان الحكم فى ليبيا مقلوب "ولابد من قلب المقلوب لكى يعتدل." وان القضية الأساسية التى يجب ان يُركز عليها كل معارض شريف فى ليبيا هى حثّ كل أبناء الشعب على ضرورة رفض الظلم والسعى من أجل تحقيق العدل حتى لو لم نتفق على الوسائل.

الخاتمة:

لعل خير ما أختم به هذا المقال هو أن أسأل:
هل بإمكان كل الخيّرين فى داخل الوطن ان يعدوا 100,000 كادر مؤهل وقادر ... وهل بإمكانهم ... ان يعملوا على تحدى هذا الحكم الظالم المستبد ...
وهل بإمكانهم ... ان يعملوا على تغييره بكل الوسائل الحضارية والسلمية والمشروعة ...
وهل بإمكانهم ... ان يسعوا لتعبئة شعبنا الليبى وإقناعهم بضرورة المشاركة فى إحداث التغيير ...
وهل بإمكانهم ... ان يسعوا من أجل إجاد اعلام نضالى ورسالى وصادق وموجه...
وهل بإمكانهم ... ان يرفعوا شعار: كلنا معارضون ... وكلنا إصلاحيون ... وكلنا نؤمن بان:
" الحكم فى ليبيا مقلوب ولابد من قلب المقلوب لكى يعتدل."
وهل بإمكانهم ... ان يطالبوا ولن يرضوا الا بقيام دولة عصرية أساسها الدستور والحكم فيه للقانون ...
وهل بإمكانهم ... ان يقولوا لا للثوريت مهما كان نوعه ومن أى شخص أتى ...

فليبيا يا سادة ليست ملكا لأحد ... وفى الختام يا أحباب هذه مجرد مجموعه من الافكار احببت المشاركة بها:
من اجل المساهمة فى دفع عجلة التغيير الى الامام ... والسعى للقضاء على الظلم والفوضى والفساد فى بلادنا ...
ومن أجل تمكين مبدأ حق الاختيار لكل مواطن ليبى شريف ...
ومن اجل الا تكون معارضتنا كغيرها من المعارضات الاخرى:
لديها جنرالات ... ولكن ... ليس لها جنود ...
ولديها سلاح ... ولكن ... لا تملك الذخيرة ...
ولديها تنظيمات ... ولكن ... ليس لها برامج...

هذة هى أهم عناصر الاستجابة الحقيقية لتحدى الظلم والاستبداد فى بلادنا الحبيب ليبيا ...
وهذا ما يجب على كل إنسان شريف وغيورعلى دينه ووطنه وعرضه وماله ان يقوم به ...

والله المستعان.

د. محمد بالروين

berween@hotmail.com
________________________________________________

المراجع :
Deutsch, Norton (1969), “Conflict: Productive and Destructive.”
Journal of Social Issues, Vol. 25, No. 1, pp. 7-41.

ماوتسى تونغ فى كتا به: "فى التناقض." بكين: دار النشر باللغا ت الأجنبيه الطبغه الأولى 1968

من كتاب: "الثورة التى أسقطت الطاغوت." للاستاد جاسم عمار الحسنور. بيروت: دار الوعى الاسلامى (1979) ص 35

Larry N. Gerston (1993), “American Government:
Politics, Process, and Policies
” California Wadsworth Publishing Company. Pp. 341-343

Dye Thomas (1999), Politics in America.” 3/e.
Prentice Hall, New Jersey, USA. P. 556

* سبق لى نشر هذا المقال فى مجلة الحقيقة (تصدر على النت). العدد 15 , أبريل 2006
لقد قمت بإعادة صياغة واختصار هذا المقال بما يتناسب وتحديات المرحلة

No comments:

Post a Comment

أخر مقالات نشرتها