رسالة مفتوحة
للسيد
المحترم الدكتور غسان سلامة
السيد
المحترم الدكتور غسان سلامة, مبعوث
الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا
تحية عطرة طيبة وبعد.
لا يا سعادة المبعوث المحترم .. نحن لا نبحث عن "هوية
وطنية ليبية,"
فكل أبناء شعبنا وطنيون , الا الانتهازيون!
لقد قرأت حديثك الخاص لجريدة
«الحياة»، مع السيدة رندة تقي الدين يوم 20 سبتمبر 2017 بمدينة نيويورك, والدي شرحت
فيه هدف الخطة التي وضعتها لإنجاح مهمتك في
ليبيا. وانا
يا سيادة المبعوت المحترم , ليس لذي أعتراضات جوهرية علي الاجتهادات والآليات
والمراحل التي أخترتها لخطتك لتحقيق الاستقرار في وطني ليبيا , لإسباب عديدة لعل
من أهمها معرفتك بالمنطقة وشعوبها والتحديات الصعبة التي تواجهها, وأيضا ثقتي
بكفاءتك وخبرتك ومُتابعتي لمحاولاتك الصادقة والجادة لإنجاح التجربة العراقية
ورفضك للتدخلات الخارجية التي لم تكن في صالح العراق والعراقيين حين كنت ضمن وفد الأمم المتحدة
المبعوث إلى العراق
بعد الاحتلال الأمريكي 2003.
ومن جهة آخري , لانني
سياسي واقعي , أعي الظروف الصعبة والمُحزنة التي يعيشها شعبنا الصابر الكريم خلال
السبع سنوت العجاف! وعليه فإنني أُويد وأدعم كل المحاولات الجادة والصادقة لدعم ومساعدة
شعبنا علي الخروج من هذه النفق السياسي المظلم.
يا
سيادة المبعوت المحترم , ملاحظتي الوحيدة علي ما ذكرت في حديثك ,
هو
قولك « .. ما نشهده في ليبيا ليس انقسام البلاد
إلى منطقتين أو 3 أو 4 بل عملية تشظي إلى عشرات الشظايا المحلية،.. لذلك ما يغلب
حالياً على السياسة والأمن في ليبيا هو الطابع المحلي، الذي يشي بأمر آخر هو
انعدام الخطاب الوطني، فالهوية الوطنية شبه غائبة. لا أحد يتكلم باسم ليبيا تقريباً،
فالكلٌّ يتحدث باسم مدينته أو قبيلته أومنطقته." هذا الكلام , مع تسليمي بصحته,
ولكن لا يدل هذا علي غياب "الهوية الوطنية" بين أبناء شعبنا, وهنا يمكن ان أكد لك بان ابناء شعبنا وفي كل
انحاء الوطن هم وطنيون وحدويون , مؤمنون بالشعار الذي رفعوه في بداية الثورة في
2011, والذي يقول: "لا شرقية لا غربية , ليبيا وحدة وطنية."
الحقيقة يا سيادة المبعوت
المحترم , ولكي أكون مُنصفا معك , أن هذه الملاحظات التي توصلت لها هي أستنتاجات
واقعية وبها الكثير من الحقائق لعل من أهمها:
(1) خلال هذه السنوات غياب مفهوم الدولة ومؤسساتها
القوية الموحدة... فماذا تتوقع من شعب
يعيش في بلد فقدت حكومتها وشرطتها وجيشها ويمكن القول كل مؤسساتها السيادية!
(2) حجم
البلد ومساحتها والتي قلت عنها ".. أكبر مفاجأة لشخص مثلي هي أن حجمها يبلغ 3
مرات مساحة فرنسا ومرة ونصف مساحة مصر، مع عدد سكان متواضع يبلغ حوالى ٦ ملايين
ونصف المليون نسمة، لكنهم موزعون على شبه قارة، فبالتالي يهيمن الجانب المحلي..."
(3) الفراغ السياسي الذي أتاح للسياسيين الأنتهازيين الذين سيطروا خلال الفترة
الماضية علي كل مفاصل الدولة وعلي المشهد السياسي في البلاد, مستخدمين أنتماءاتهم العرقية
والجهوية والقبلية والمحلية لتحقيق أهدافهم الشخصية المحضة! وفي أعتقادي مادام
هؤلاء السادة مستمرين في السيطرة علي المشهد السياسي فلن يتحقق لشعبنا الليبي ما
يريد , ولن يكون لمفهوم "الهوية الوطنية الجامعة" مكان في أي لقاءات أوحوارات
قادمة!
يا سيادة المبعوت المحترم ,أنا
اتفق معك – من حيت المبدأ - بان هذه الخلافات المحلية والجهوية والقبلية المُصطنعة
هي التي عرقلت إعادة أنتشار الهوية الوطنية الليبية الجامعة. وانا اتفق معك أيضا بضرورة
العودة إلى الخطاب الوطني الجامع لأن من دونه سيزداد التفكك والتشردم وستنتهي ما
كان يُعرف بالدولة الليبية لا سامح الله. ولكن ما أريد تأكيده لك هو ان شعبنا
الليبي يملك "هوية وطنية جامعة," شكلها خلال الـ 66 سنة الماضية, أي مند
أعلان الاستقلال عام 1951.
يا سيادة المبعوت المحترم , عليك
ان تعلم بان كل ما يحتاجه شعبنا هذه الايام , من الذي يريد مساعدته, وخصوصا من
حضرتكم كمبعوث الأمم المتحدة الخاص , هو:
(1) دعمكم الغير مشروط لتوحيد وتقوية
مؤسسات الدولة (وخصوصا الحكومة والمجلس التشريعي) والاعتراف الدولي بها كممثل شرعي
ووحيد للشعب الليبي, وفي أسرع وقت ممكن.
(2) العمل الجاد علي ايقاف كل التدخلات
الاجنبية مهما كانت أغراضها او مُبرراتها.
(3) ضرورة ان تتم كل اللقاءات
والاجتماعات المتعلقة بالشأن الليبي في داخل الوطن وليس في خارجة. بمعني لا
للإجتماعات خارج الوطن.
(4) ضرورة توسيع دائرة المشاركة السياسية في المؤتمر الوطني
ليشمل كل مراكز القوة الفاعلية علي الارض. بمعني يجب الابتعاد علي استخدام
"أسلوب السيد ليون في اختيار أعضاء الحوار." ويجب الابتعاد عن أختيار
شخصيات لمجرد انها موجودة في المشهد السياسي أو انها الاكثر ظهورا علي شاشات
التلفاز وهي في الحقيقة لا ثقل سياسي لها علي الارض.
ختاما, أتمني
لك ولفريقك النجاح في تحقيق أهداف خطتكم , وذلك لان نجاحكم هو
نجاح لشعبنا, وان نجاح
شعبنا هو نجاح للجميع ... ولك مني كل تقدير وأحترام.
محـمد عبد الرحمن بالروين
No comments:
Post a Comment