Saturday, April 18, 2020

الســــلطة المحلية: الخيار الأنسب لتوزيع السلطات في الدولة

 

الســــلطة المحلية:  

 الخيار الأنسب لتوزيع السلطات في الدولة    

 

 

 

 

ورقة مُـقدمـة لإصحاب الراي وصُناع القرار،

محاولة للوصول الي مشـتركات بين الفرقاء،

في ربـوع الوطـن.

 

 

 

محمـــد عبـد الرحمــن بالـرويــن

رئيس قسم العلوم الاجتماعية بجامعة تكساس أي أند أم أنترتاشنال (2008 – 2011)

أمرتس بروفسور في العلوم السياسية والإدارة (2013 --)

ممثل دائرة مصراتة في الهيئة التاسيسية لصياغة الدستور

berween@gmail.com

20 – 10 – 2019

 

حتمية اللامركزية
         في هذه الظروف الحرجة التي يمر بها الشعب الليبي، ونتيجة للفشل الذريع الذي تعيشه المؤسسات الرسمية في البلاد، وعجز النخب السياسية على إعادة بناء الدولة والنهوض بها من جديد، فقد أصبح من الضروري تبني النظام اللامركزي في حكم البلاد وإدارتها حتى يستطيع الشعب توحيد كلمته وتحقيق أهدافه التي ثار من أجلها في 17 فبراير 2011.

         ولعله من المفيد هنا التذكير بأنه لا توجد معادلة واحدة للنظام اللامركزي متفق عليها من قبل جميع الخبراء الإداريين والسياسيين. بمعنى عدم الاتفاق على تحديد الصلاحيات التي يجب أن تتمتع بها الحكومة المركزية، والصلاحيات التي يجب أن تتمتع بها الوحدات المحلية في الانظمة اللامركزية. وعلية فان النظام المنشود في إعتقادي هو الذي تتوزع فيه السلطات على أساس مبدأ المشاركة بين المستويات الحكومية المختلفة في الدولة وخصوصا بين السلطة المركزية والسلطات المحلية. وهذة الفكرة هى محاولة للجمع ما بين إعطاء المواطنين، فى مناطقهم، الحرية الكافية لإدارة شئونهم المحلية من جهه، وتمكين الحكومة المركزية من إدارة الشؤون العامة والدفاع والخارجية للدولة من جهة أخرى. وبمعنى آخر، وبأختصار شديد، إن هذا النظام هو الحل الوسط ما بين السلطات المركزية الكُلية (أي المُلك المطلق) من جهة، واللامركزية الموسعة (أي أستقلال الاقاليم) من جهة أخرى.

         والحقيقة أنه عندما اتحدث على هذا النظام من الحكم، فاننى لا اتحدث على نموذج واحد (أوهيكلية واحدة)، وذلك لأن هناك أساليب وأشكالا ونماذج عديدة تختلف فى درجتها وكيفيتها التى يتم بها توزيع السلطات بين المستويات الحكومية المختلفة فى الدولة. فعلى سبيل المثال هناك نماذج يتم فيها تحديد وتفصيل سلطات الحكومة المركزية فقط، وتترك بقية السلطات للسلطات المحلية، وهذا النوع يتم تطبيقه اليوم فى كل من السويد وألمانيا وماليزيا والولايات المتحدة. ونجد على النقيض من هذا النموذج من الانظمة اللامركزية، هناك نمودج آخر يقوم على أساس تحديد وتفصيل السلطات المحلية مع ترك ما تبقى من سلطات للحكومة المركزية، ولعل خير مثال على هذا النموذج هو ما يطبق اليوم فى كل من الهند وكندا. وهناك نموذج ثالث يقوم على أساس تحديد وتفصيل سلطات الحكومة المركزية مع إعطاء جزء من سلطاتها لبعض السلطات المحلية دون الأخرى، وهذا النوع يتم تطبيقه اليوم فى إثني عشر (12) دولة لعل من أهمها: أندونيسيا، والبرتغال، وأسبانيا، وأيطاليا التي تتكون من 20 أقليم منها 5 لديها حكم شبه ذاتي، وفرنسا التي تتكون من 18 أقليم منها 6 لديها حكم شبه ذاتي، وبريطانيا التي تتكون من 4 أقليم منها 3 لديها حكم شبه ذاتي. وهذا النوع من النظام يطلق عليه، بعض أساتذة السياسة المقارنة، اسم "النظام المُوحد المناطقي" بمعنى دولة مُوحدة مع إعطاء سلطات محلية لبعض الأقاليم. ولعل الرسم التوضيحى التالى يوضح كيفية العلاقة بين الحكومة المركزية والسلطات المحلية والشعب فى أغلب الأنظمة اللأمركزية 

 

 لماذا اللامركزية؟

         لعل البعض يسأل لماذا المطالبة بالنظام (اللامركزي) في دولة قليلة العدد ومن المفترض أن تكون دولة بسيطة؟ وبمعنى آخر ماهي أهم مزايا النظام اللامركزي؟ وهنا يمكن حصر أهمها في الآتي:

 

1. يساعد النظام اللامركزي على تحقيق التوازن وتوزيع الأعباء بين المستويات الحكومية المختلفة في الدولة، وذلك بتفويض كل (أوبعض) السُلطات العليا إلى الوحدات المحلية في الدولة.


2. إعتراف النظام اللامركزي بوجود مصالح محلية (أوخاصة) متميزة عن المصالح الوطنية، فنقطة البداية في النظام اللامركزي هوالإعتراف بأن هناك مصالح خاصة أومحلية.


3. تحقيق مبدأ "الوحدة من خلال التنوع" والمساهمة في تعزيز الوحدة الوطنية في الدول التي يوجد بها مُكونات مختلفة كالقومية والدينية والثقافية والجهوية... وغيرها.


4. في النظام اللامركزي تكون الوحدات المحلية أسرع في الإستجابة لإشباع الحاجات، وذلك لأن الوحدات المحلية أدرى بمتطلبات السكان المحليين.


5. النظام اللامركزي يساعد على تشجيع الأفكار والابتكارات النوعية والجديدة للتعامل مع المشاكل والتحديات المحلية.

 

6. النظام اللامركزي يتيح الفرصة للمواطنيين في الوحدات المحلية المُختلفة    للتنافس والتكامل والتضامن فيما بينها.


7. يزيد من فرص المشاركة الشعبية في المجتمع، ويقرب السلطة من مواطنيها، ويحقق السرعة في الإنجاز، والاستفادة من الكفاءات والخبرات المحلية.

 

(إدارة) محلية.. أم.. (حكم) محلي.. أم.. (سلطة) محلية؟


أولا: الإدارة المحلية
          وجدت فكرة الإدارة المحلية في المجتمع الإنساني منذ القدم. وتطورت عبر التاريخ من إدارة القرى، إلى إدارة المدن، وأخيرا إلى إدارة الدول. وهي تعنى، باختصار شديد، نموذج من نماذج تنظيم الإدارة المحلية، وتقوم على أساس فكرة تقاسم الوظائف بين المركز والوحدات الفرعية. وفي إطار الدولة، الادارة المحلية هى وظيفة من وظائف السلطة التنفيدية، وتخضع لإشرافها ورقابتها. ولقد عرفها الاستاذ كاساني بأنها "أسلوب من أساليب التنظيم الإداري للدولة، تقوم على فكرة توزيع النشاطات بين الأجهزة المركزية والمحلية"، (للمزيد راجع: كاساني، 2018). أما الدكتور عبد الرزاق الشيخلي فقد عرفها على أنها:"المناطق المحددة التي تمارس نشاطها المحلي بواسطة هيئات منتخبة من قبل سكانها المحليين تحت رقابة وإشراف الحكومة المركزية،" (للمزيد راجع: الشيخلي, 1982). وفي العادة يتم التقسيم الإداري والحدود الجغرافية لوحدات الإدارة المحلية بمختلف مسمياتها (أقاليم، أومناطق، أو ولايات أومحافظات، أومدن، أو... الخ) بالاستناد إلى معايير علمية وموضوعية تحقق أغراض اللامركزية المجتمعية، (للمزيد راجع: الدقن, 2012).

 

ثانيا: الحكم المحلي
         إلي جانب الإدارة المحلية، برزت ايضا فكرة الحكم المحلي منذ القدم ومازالت مُستمرة إلي عصرنا الحالي. وقد وجد هذا النموذج لإدارة شؤون وحل مشاكل بعض المناطق الصغيرة. وبذلك فان الحكم المحلي، كما يقول الاستاذ الشيخلي، ".. يُعد الأصل والمنبع الذي استحدثت منه الدول الحديثة، والتفكير الديموقراطي، ومبدأ السيادة الشعبية بمفهومها الحديث"، (للمزيد راجع: الشيخلي،2001). وقد تطور هذا الأسلوب إلى أن أصبج، لدى الكثيرين، يعنى الحكم الذاتي، الذي هو عبارة عن كيان في داخل دولة ذو سلطة محلية مستقلة. وهو كيان يمتاز بالإضافة إلى اللامركزية الموسعة، بالاستقلالية السياسية.
         بمعنى الحكم المحلي هو أسلوب حكم يقوم على اساس مبدأ اللامركزية الموسعة والتي تتقاسم فيها الوظائف السياسية بين المركز والوحدات المحلية. بمعنى آخر هو محاولة التقسيم على أساس تجزئية الكيان السياسي وسيادته، وتحقيق استقلال ذاتي (أوشبه ذاتي) للوحدات اللامركزية المحلية في الدولة. أما الدكتور احمد صقر عاشور فيعرف نظام الحكم المحلي باعتباره "... أسلوبا لممارسة الحكم ذاتيا يقوم من خلال مشاركة المواطنين في الأقاليم لتسيير أجهزة محلية تتمتع بقدر كبير من الاستقلال الذاتي، وتقوم على ثلاثة أركان هي: (أ) تقسيم الدولة إلى وحدات جغرافية يتضمن كل منها تجمعا اقتصاديا وسكانيا مناسبا. (ب) وجود أجهزة محلية مستقلة ذاتيا. (جـ) تمتع هذه الأجهزة بسلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية أصيلة."(للمزيد راجع: عاشور،1979، 483). وبالإضافة الي هذه الأركان الثلاث، يشترط بعض السياسيين ضرورة توافر آليات أساسية لإنجاح اللامركزية الموسعة لعل من أهمها: 

 

(أ) اعتماد مبدأ التدبير الحر، والذي يعنى أن يكون للوحدات المحلية كامل الحرية والصلاحيات في تحديد برامجها، وإلغاء مفهوم الوصاية والرقابة عليها، واستقلالية كاملة في ممارسة اختصاصاتها.

 

(ب) اعتماد مبدأ التفريع والذي يعنى إن ما تستطيع الوحدات المحلية القيام به يتركه المركز، وما تعجز عنه الوحدات المحلية يتولاه المركز، وبمعنى آخر فإن المهام تتوزع على حسب المقدرة.


التمييز بين (الإدارة) المحلية و(الحكم) المحلي


         الغريب حقا أن هناك جدلاً كثيراً بين الباحثـين (العرب) حـول مصطلحات الإدارة المحلية والحكم المحلي! اذ يعتقد بعضهم أن هناك اختلاف كبير بين المصطلحين، فالأول (يعني الإدارة المحلية) يتعلق باللامركزية الإدارية فقط، في حين أن الثاني (يعنى الحكم المحلي) يتعلق باللامركزية السياسية فقط. وهناك رأي ثاني يعتقد أن نظام الإدارة المحلية ماهو إلا خطوة أو مرحلة أساسية للوصول إلى الحكم المحلي. وهناك أيضا رأي ثالث يدعو إلى عدم التفريق بين المصطلحين، ويعتقد أن لهما مدلولاً واحدًا، ويشيران إلى أسلوب واحد من أساليب الإدارة، وأن الاختلاف الوحيد بينهما هو في التعابير والألفاظ! وعليه فأن هذان المصطلحان يعنيان مفهوما واحدا لا غير. (للمزيد راجع: الشيخلي، 2001 :21). والحقيقة أن هنالك فروق كبيرة بين مصطلح الإدارة المحلية ومصطلح الحكم المحلي يمكن توضيح أهمها في التالي:


      1. إن الإدارة المحلية تنشأ بموجب قانون وترتبط بالتنظيم الإداري للدولة، وبذلك تعتبر أسلوب من أساليب التنظيم الإداري، بينما الحكم المحلي ينشأ بموجب الدستور، وهو قضية ترتبط بالمشاركة في الحكم أكثر من الإدارة.


2       . الإدارة المحلية تمارس جزء من وظيفة الدولة الإدارية فقط، واختصاصاتها قابلة للتغيير زيادة أو نقصا، وتخضع لتوجيه ورقابة وإشــــراف السلطة التنفيدية في الدولة. أما نظام الحكم المحلي فيقوم على أساس توزيع الوظيفة الإدارية والتشريعية والقضائية وهو سمة من سمات النظم اللامركزية.


       3. لا يوجد نظام حكم محلي إلا في الدول الفيدرالية أو في بعض الدول التي تُعرف الآن بالدول الموحدة المناطقية (مثل فرنسا، وبريطانيا، وأيطاليا، واسبانيا) أما الإدارة المحلية (أي اللامركزية الإدارية) فهي ظاهرة عامة توجد في جميع الدول سواء كانت بسيطة ام مركبة، موحدة ام غير موحد، لآن بعض الدول الموحدة (أي المركزية) قد أصبحت تأخذ في ذات الوقت بأسلوب اللامركزية الإدارية.


       4. مهام الحكم المحلي تقوم على اساس اللامركزية السياسية، بمعني السلطات المحلية المستقلة عن الحكومة المركزية تشريعيا وتنفيذيا وقضائيا في الحدود التي يرسمها دستور الدولة، بينما مهام السلطات المحلية مقصورة على الوظائف الادارية التي تحددها السلطة التنفيدية"(للمزيد راجع: الطماوي، 1969, 369).

 

 

       5. وأخيرا، حتىمن باب التفريق اللغوي بين المصطلحين، يمكن القول إنه ليس لهما مدلولاً واحدًا. فالحكم هو القرار الذي يصدره الحاكم (أومن بيده السلطة) للفصل في قضية محددة. أما مصطلح الإدارة فهو عملية تخطيط وتنظيم وتنسيق وتوجيه ورقابة للموارد المادية والبشرية، من أجل الوصول إلى أفضل النتائج، بأقصر الطرق وأقل التكاليف. وبمعنى آخر هي عملية تحقيق الأهداف المرسومة    بالاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، وفقا لمنهج مُحدّد وبيئة مناسبة.

 

ثالثا: السلطة المحلية
         الحقيقية التي لا جدال فيها هذه الأيام، إن مبدأ اللامركزية (بشقيه الإداري والسياسي) قد أصبح ضرورة ديمقراطية ومطلب شعبي لحل المشاكل المحلية والتعامل مع التحديات المستقبيلة في الدول الحديثة. وطالما أن أسلوب الإدارة المحلية، الذي تم تطبيقه في الدول العربية خلال السنوات الماضية ومنذ استقلالها، قد أثبت فشله وأصبح أداة لتمكين الدكتاتوريات في هذه الدول، وخصوصا في الدول ذات النظام الموحد، والتي يعيش فيها شعوب مُتعددة الأعراق والثقافات واللغات والأديان. ومن جهة أخرى، يجب ألا يكون الحل هو تبني الأسلوب المُعاكس لأسلوب الإدارة المحلية، إلا وهو أسلوب الحكم المحلي!  وذلك لأن هذا الأسلوب يقوم على أساس مبدأ الاستقلالية، وبالتالي سيقود حتما، عاجلا أم آجلا، إلى المطالبة بالحكم الذاتي، والذي يعني ببساطة وجود كيان في داخل الدولة ذو سلطة محلية مستقلة يمتاز بالإضافة إلى اللامركزية الموسعة، بالإستقلالية السياسية.

         وعليه فإن الحل، في اعتقادي، هو اعتماد أسلوب"السلطة المحلية،" لأنه الخيار الأمثل والأنسب لتوزيع السلطات في الدولة، وللخروج من فكرة الدولة المركزية التي ثبت فشلها. وهو النظام الذي يساعدنا في السعي نحو تأسيس وبناء دولة مُوحدة لامركزية متوازنة، تقوم على أسس وطنية، وتعزز مبادئ الحكم العادل، والمشاركة الشعبية، والمساواة السياسية، وسيادة القانون، وحيادية المؤسسات العسكرية والأمنية، والفصل بين السلطات واستقلاليتها، وضمان الحقوق والحريات للجميع. بمعني آخر إن نموذج السلطة المحلية في الحكم هو الحل العملي والمناسب للتعامل بنجاح مع التحديات والأزمات التي تُواجه الدول الحديثة هذه الأيام. وفي اعتقادي ايضا أن أهم المقومات الأساسية والمرتكزات الضرورية التي يجب أن يقوم عليها هذا النظام هي الآتي:


أولا: يجب الإقرار بوجود مصالح محلية تختلف عن المصالح الوطنية العامة.


ثانيا: يجب أن يحدد دستورالدولة أهم اختصاصات الوحدات المحلية.


ثالثا: يحق للوحدات المحلية أن تمارس أي نشاط جديد لا يتعارض مع ما نص علي الدستور 


رابعا: يجب أن تُحصر وظائف الوحدات المحلية في الأمور المحلية فقط.


خامسا: يتولى إدارة الوحدات المحلية هيئات منتخبة.


سادسا: استقلال الوحدات المحلية عن السلطة المركزية مع خضوع هذه الوحدات لرقابة السلطة المركزية في حدود ما نص عليه الدستور والقانون.

 

كيفية تـوزيع السلطات؟
         السؤال هنا هو: كيف يمكن تأسيس نظام (لامركزي) ذو سلطات محلية؟ وكما ذكرت أعلاه فان نظام السلطة المحلية يقوم على أساس توزيع الصلاحيات والمهام بين السلطات المركزية وسلطة الوحدات المحلية في إطار الدولة الموحدة، ووفقا لمعايير وضوابط واضحة ومحددة ومتفق عليها. بمعنى آخر يجب أن يقوم النظام اللامركزي على أساس الفصل بين ما هو من صلاحيات ومسؤوليات الحكومة المركزية من جهة، وبين ماهو من صلاحيات الوحدات المحلية من جهة أخرى، وبين ماهو من الصلاحيات المشتركة بين الحكومتين المركزية والوحدات المحلية من جهة ثالثة كما هو واضح من الشكل التالي 

وبناءً على هذا الفهم يمكن القول أن نظام السلطة المحلية الناجح هو الذي  يقوم بتوزيع الاختصاصات والمسؤوليات بين مُكونات السلطة في الدولة. وأن هذه الاختصاصات والمسؤوليات غالبا ما يتم توزيعها إلى ثلاث فئات: صلاحيات حصرية للسلطة المركزية، وصلاحيات متروكة من اختصاص الوحدات المحلية، وصلاحيات مشتركة بينهما. (كما هو واضح من الشكل أعلاه)، وأن طبيعة هذه الفئات ومداها تتحكم فيها حاجات وإمكانيات وظروف الدولة المنشودة. بمعنى آخر إن الهدف الأساسي هو تقاسم وتوزيع السلطات بين حكومة المركز والوحدات المحلية الأخرى. وفي هذا الصدد أقترح أن يكون توزيع السلطات في دولة ليبيا الحديثة كالآتي:


أولا: الاختصاصات الحصرية للحكومة المركزية


تتولي الحكومة المركزية السلطات المتعلقة بالمسائل الآتية:

 

1. التمثيل الدبلوماسي والقنصلي والتجاري. وشؤون هيئة الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة. والاشتراك في المؤتمرات والهيئات الدولية وجميع المسائل الأخرى المتعلقة بالشؤون الخارجية.

 

2. الشؤون المتعلقة بالحرب والسلم. وعقد المعاهدات والاتفاقيات مع الدول الأخرى وتنفيذها.

 

3. تنظيم التبادل التجاري مع الدول الأجنبية والمساعدات والقروض الخارجية.

4. تنظيم أمور الجنسية والتجنس والإقامة والأحوال المدنية وحق اللجوء السياسي وإصدار جوازات السفر، والتأشيرات والهجرة، ودخول الأجانب إلى البلاد    وإقامتهم فيها وإبعادهم عنها.


5. تنظيم القوات المسلحة وإدارتها وتدريبها والإنفاق عليها. (وملكية الصناعات الخاصة بالدفاع الوطني بأنواعها المختلفة)، وجميع الوسائل الأخرى المتعلقة   بالدفاع الوطني.


6. ملكية الطاقة الذرية والمواد اللازمة لإنتاجها.


7. الانترنت والبريد والتلغراف والتليفون والاتصال اللاسلكي وغير ذلك من مسائل الاتصال. (وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية).


8. شبكات الطرق بأنواعها التي تربط كافة أنحاء البلاد بعضها ببعض وتربط البلاد بالخارج الطرق الوطنية والطرق التي تقرر الحكومة المركزية أنها غير خاصة بمنطقة معينة.


9. تنظيم المصرف المركزي والنظام النقدي ونظام تصريف وإصدار وسك وطبع العملة وتنظيم قيمتها وقيمة العملات الأجنبية والنظام التمويلي وسوق رؤوس الأموال وتحديد معايير الموازين والمقاييس.


10. أملاك الدولة، اكتسابها وإدارتها والتصرف فيها.


11. المحافظة على النظام والأمن الوطني في الدولة.

12. سياسات الاقتصاد الكلي والسياسات التمويلية والضريبية للدولة ونظام الشركات. والعمل على تشجيع الإنتاج الزراعي والصناعي والتجاري وضمان الحصول على الموارد الغذائية اللازمة للبلاد.


13. نظام التجارة الخارجية وتنظيم الجمارك وإدارتها وتنظيم الاستيراد والتصدير.


14. ضريبة الدخل ووضع التشريعات من أجل ضمان التنسيق بين السلطات الضريبية المختلفة.


15. نظم الملاحة والنقل بأنواعهما ذات الصبغة الوطنية وإدارتها.  والاتفاقات المتعلقة بها والأرصاد الجوية، وإنشاء الموانئ والمطارات وتنظيم تحركات الطائرات والأعمال الخاصة بإدارة المطارات وبنيتها التحتية.

 

16. الاحتكارات والامتيازات المتعلقة بالسلع الضرورية ذات البعد الاستراتيجي.


17. التنقيب عن الثروات الموجودة في باطن الأرض والبحر والجو واكتشافها واستغلالها بشكل أمثل والمحافظة على البيئة المحيطة بها.


18. إحصاء السكان والتعدادات والإحصائيات الوطنية. وإنشاء المنظومات بشأنها.


19. وضع المنظومة التشريعية بما يتمشى مع الدستور واحترام حقوق الإنسان، والقانون المدني والتجاري وقانون العقوبات والإجراءات المدنية والجنائية والمحاماة.


 
20. الملكية الفكرية بجميع أنواعها الملكيات الأدبية والفنية والصناعية والمخترعات وتسجيلها والعلامات الصناعية والتجارية.                                                                     

21. جميع المسائل الخاصة بعلم البلاد والنشيد الوطني والعطلات الرسمية.


22. إدارة وتنظيم نظام الضمان الاجتماعي.


23. شؤون السياحة والآثار والأماكن الأثرية والمتاحف وأي مؤسسات أخرى لها أهمية وطنية.


24. المحافظة على الصحة العامة وتنسيق الأعمال الخاصة بها وبالتأمينات الطبية.


25. كافة الشؤون المتعلقة بمزاولة المهن ذات العلاقة بصحة الإنسان وسلامته. شروط الترخيص بمزاولة مهنة الطب وغيرها من المهن الصحية.


26. وضع السياسات الخاصة بإدارة الحدود وكيفية تسييرها بمنظور متكامل في كافة أنحاء البلاد والمحافظة على السيادة الوطنية. إدارة سياسة الحدود من وجهة نظر متكاملة للبلد والمحافظة على السيادة على كل المناطق.


27. كل موضوع آخر يعتبره الدستور تابعا للسلطة المركزية.


28. سن القوانين التي تكون ضرورية ومناسبة لكي توضع السلطات أنفة الذكر موضع التنفيذ.

 

ثانيا: السلطات المتروكة (أو المتبقية) للوحدات المحلية:


الاختصاصات والصلاحيات الممنوحة للوحدات المحلية وهي:


1. يسمح لكل وحدة محلية أن يكون لها لوائحها الداخلية الخاصة بها بشرط أن تتطابق مع أسس الدولة وألا تتعارض مع الدستور، وفي حالة التعارض يطبق القانون المركزي.


2. تنظيم الوحدة المحلية وتقسـيمها السياسي والإداري وفق الدستور والقوانين المتعلقة بها.


3. تتكون حكومة وإدارة كل وحدة محلية من مسئول تنفيدي ومجلس تشريعي.


4. يتم انتخاب المسئول التنفيدي لمدة أربع سنوات بأغلبية المواطنين المقيمين في الوحدة المحلية والذين يحق لهم الانتخاب.


5. يمارس السلطة التشــريعية في كل وحدة محلية مجلسها الذي يتكون من عدد من الأعضاء يمثلون سكان هذه الوحدة والمستويات التابعة لها، وللمجلس التشريعي للوحدة المحلية الصلاحيات التالية:

أ. حق إصدار اللوائح والقرارات في ميادين اختصاص الوحدة المحلية.


ب. التصديق على قانون ميزانية الوحدة المحلية.

 

  جـ. إدارة ممتلكاتها واستثمار وإدارة أموالها بما فيها المتأتية من تحويلات أو مساعدات وإعانات خاصة من السلطة المركزية، وكذلك ما يُخصص لها كحصة من الضرائب الوطنية.


د. تنظيم وتحصيل ومراقبة وإدارة الأنواع الضريبية والرسوم التي تفرضها الوحدة المحلية، وبما لا يتعارض مع نصوص القوانين الوطنية.


هـ. تنظيم الشرطة وتحديد أوجه صرف العائدات الناتجة عن أعمالها وفق ما تنص عليه التشريعات الوطنية.


و. إنشاء وإدارة وتنظيم الخدمات العامة في الوحدة المحلية.


ز. إنشاء وصيانة وإدارة كافة أنواع لطرق داخل الوحدة المحلية.


ط. صيانة وإدارة الطرق البرية والموانئ والمطارات المستخدمة                          تجاريا بالتنسيق مع الحكومة المركزية.


ك. قيام الجهاز التنفيذي بالوحدة المحلية باتخاذ ما يلزم من تدابير                      وإجراءات لتفعيل لتنفيذ القوانين الصادرة عن السلطة المركزية.


ل. الاضطلاع بكافة الاختصاصات والأمور الأخرى التي يخولها                      الدستور وقوانين الدولة للوحدات المحلية.


م. القيام بالاختصاصات التي يخولها البرلمان للوحدات المحلية بشكل استثنائي.


ن. يكون لكل وحدة محلية هيئة رقابة تتمتع باسـتقلال ذاتي ووظيفي. تمارس هذه الهيئة رقابة نشاطات وأعمال وحماية ومراقبة إرادات ونفقات وأملاك  الوحدة المحلية وفق ما ينص عليه الدسـتور والقانون.

 

 ثالثا: السلطات المشتركة بين المركز والوحدات المحلية:


الاختصاصات المشتركة بين السلطة المركزية والوحدات المحلية هي:


1. تنظيم مصادر الطاقة بكافة أنواعها وتوزيعها.


2. رسم السياسات البيئية وتنفيذها لضمان حماية البيئة من التلوث.


3. رسم سياسات التنمية والتخطيط العام والعمل على تنفيذها وفق                   المخططات العامة والمحلية.


4. رسم السياسة الصحية داخل الوحدة المحلية والعمل على تنفيذها وفق ما هو مقرر في السياسة العامة للدولة.


5. رسم السياسة التعليمية والتربوية العامة.


6. رسم سياسة الموارد المائية، وتنظيمها بما يضمن توزيعا عادلا لها.


7. إدارة الشواطئ والمنتزهات والمتاحف والمكتبات والحدائق العامة بما يحقق مصلحة الوطن.


8. إقامة المعارض والمسابقات والمهرجانات بما يحقق الانتعاش الثقافي.

 

رابعا: السلطات المحظورة على الوحدات المحلية


1. لا يجوز لأي وحدة محلية أن تعقد أية معاهدة، أو أن تدخل في أي حلف أو اتحاد أو شراكة، مع أي دولة أخرى إلا وفق ما تنص عليه القوانين الداخلية للدولة.


2. لا يجوز لأي وحدة محلية أن تسك عُملة أو تصدر سندات حكومية، أو تعتمد أي أوراق نقدية خلاف العملة المعتمدة من الدولة.


3. لا يجوز لأي وحدة محلية أن تصدر أي قانون يقضي بالإدانة والعقوبة بدون محاكمة، أو أي قانون جزائي يطبق بأثر رجعي، أو أي قانون ينقص من قوة التزامات الدولة.


4. لا يجوز لأي وحدة محلية أن تفرض أية رسوم أو عوائد على الواردات            أوالصادرات، إلا بعد موافقة السلطة التشريعية في البلاد.


5. لا تمنح الوحدة المحلية أي لقب من ألقاب الشرف، ولا يجوز لأي شخص يشغل لديها منصباً يدر ربحاً أو يقتضي ثقة، أن يقبل، دون موافقة البرلمان، أية هدايا أو مقابل مادي أو معنوي أو يتقلد منصب أو لقب أيا كان نوعه،  من أي شخص أو أي جهة عامة أو خاصة.

 

 ما هو اسم وشكل الدولة؟


في هذه الورقة أقترح أن يبقى اسم ليبيا - "دولة ليبيا،" وذلك لأسباب عديدة لعل من أهمها:


1.  أسم الدولة يجب أن يُعبر عن كل مكوناتها، وأطيافها. بمعنى يجب أن يكون أكثر شمولية ودقة في الوصف من أي اسم آخر.


2. اسم الدولة يجب أن يكون أسم مجرد من أي وصف لأي نظام حكم، بمعني يمكن أن يكون نظام الحكم في داخل هذه الدولة جمهوري، أو ملكي، أو جماهيري، أو أي نظام حكم آخر.


3. أن استخدام اسم "دولة ليبيا", من الناحية الفكرية والثقافية يعطينا فرصة أكبر وأفضل لإعادة الهوية الوطنية الجامعة، والسعي الجاد لترسيخ القيم الوطنية برؤى جديدة ومُتجددة.


4. الحقيقة التي لا غبار عليها، أن اغلب الدول الحديثة اليوم أصبحت تستخدم اسم الـ "دولة" ودون ربطه بأي نظام حكم معين ولا بطبيعته.


5. أن أسم "دولة ليبيا" يساعدنا على التُخلص من إشكاليات الماضي ومساوئه.


6. إن استخدام اسم "دولة ليبيا", من الناحية العملية والاقتصادية، يمكن أن يوفر على الدولة مليارات الدولارات، إذ لا ضرورة لتغيير ما قامت الدولة بطباعته واستخدامه خلال السنوات الماضية والذي تضمن أسم "دولة ليبيا" عليه خاصة وأنه يستند إلى الإعلان الدستوري الصادر في 3 أغسطس 2011.

 

         أما فيما يتعلق بشكل الدولة الذي يجب أن يؤسس عليه شكلها الحديث؟ بمعنى هل هي دولة "موحدة" كما هو في الأغلبية العظمى من دول العالم، أم هي دولة "موحدة مناطقيا" كما هو الحال في أثني عشر دولة من دول العالم من بينها بريطانيا وفرنسا، منذ ثمانيات القرن الماضي، أم هي دولة "فيدرالية" كما هو الحال في أمريكا والمانيا؟ أم هي دولة "كونفيدرالية" كما هو الحال في سويسرا؟ أم هي شكل آخر من أشكال "الدول التوافقية،" كما هو الحال في لبنان؟


         والحقيقة التي يجب أن يُدركها الجميع، أه إذا تم اعتماد أي مشروع للدستور دون تحديد شكل الدولة فيه! فان شكل هذه الدولة سوف يكون عرضة للتغيير وفقاً لمن يحكمها، كما سيكون عُرضة لكل تأويلات وتفسيرات الطبقة الحاكمة فيها! فالوحدويون، على سبيل المثال، سيعتقدون ويتصرفون على أن شكل دولتهم "موحدة!" بينما الفيدراليون، إذا وصلوا إلى السلطة، سيتعاملون مع شكل الدولة على أنه نظام فيدرالي! وآخرين سينظرون له على أنه نظام "لامركزي موسع!" وربما آخرون أيضا سيعتقدون أن شكل دولتهم هو نظام "كونفدرالي!" والمحزن أن كل هؤلاء، من الناحية النظرية، هم على صواب!! والخلاصة من كل ذلك، أن عدم النص الصريح على "ما هو شكل الدولة" في الدستور، أو النص عليه في مقدمته أو ديباجته، سيقود حتما إلى إيجاد هيكلية أدارية وسياسية غامضة وغير مُنضبطة، وربما ستكون سببا من أسباب إفشال الدولة وإحداث الفوضى المستمرة فيها! وعليه فمن الواجب والضروري تحديد شكل الدولة، وأقترح في هذا الصدد، أنه من الأنسب أن تكون دولتنا الحديثة "دولة موحدة،" وذلك لأسباب عديدة لعل من أهمها الأسباب التالية:


1.  إن مصطلح "موحدة" يعنى أن ليبيا دولة تكون فيها السيادة موحدة.


2. إن مصطلح "موحدة" يعنى أن دولة ليبيا، هي دولة غير فيدرالية ولا كونفيدرالية.

.3. إن مصطلح "موحدة" يعنى أن دولة ليبيا لها حكومة واحدة، قائمة على أساس دستور واحد، وان جميع المواطنين فيها يخضعون لنفس القوانين دون أي تمييز.


4. إن مصطلح "موحدة" يعني أنها دولة لا تتعارض مع مبدأ اللامركزية.

 

ما هو التقسيم الإداري للدولة؟

         فيما يتعلق بالتقسيم الإداري، أي ماهو التقسيم الإداري المناسب لدولة ليبيا الحديثة؟ بمعنى هل يجب أن تكون دولة كونفيدرالية، أم دولة فيدرالية، أم دولة مُوحدة مركزية، أم دولة مُوحدة لامركزية؟ وبمعنى آخر على أي أساس يمكن تحديد الأقاليم، والولايات (أوالمحافظات)، والبلديات التابعة لكل إقليم؟


         في هذا الصدد أقترح ان يتم إعادة التقسيم الإداري في الدولة على أساس  ثمان (8) ولايات في الثلاث أقاليم التاريخية, وذلك كالآتي: إثنان في إقليم برقة, وإثنان في إقليم فزان, وإثنان في إقليم طرابلس الغرب, واعتقد انه قد اصبح من الضروري اعتبار كل من بنغازي (الكبرى), وطرابلس (الكبرى), في مرتبة       (أومستوى) الولايات, وذلك لما لهما من خصوصيات سكانية ومزايا سياسية واقتصادية واجتماعية في الدولة, كما هو واضح في الخريطة والجدول التالي      

           

            باختصار شديد يمكن القول إن هذا التقسيم، في اعتقادي المتواضع، هو الأنسب في هذه الظروف بالذات، وسيحقق التوازن السياسي والاقتصادي والجغرافي المطلوب في الدولة. وفي الحقيقة هي محاولة عملية وواقعية، وهي ايضا الحل المناسب والجاد لمواجعة التحديات والتعامل مع الأزمات التي تواجه شعبنا هذه الأيام.

          وفي تصوري ان هذا التقسيم سيعطي للأقاليم التاريخية دورها الطبيعي في دولتنا المدنية الحديثة والتي سيكون اساسها الوطن والمواطنة، بمعنى اين ما تُقيم فأنتَ مواطن. وعلينا ان نعى ان تقسيم الدول إلى أقاليم هو تقسيم سائد في جُلّ دول العالم اليوم، ولكن دوره ووظيفته ليست سياسية بالدرجة الأولي ولا إدارية، وإنما الغرض الأساسي والوظيفي للأقاليم في الدول الحديثة هو المقارنة والتنافس بين هذه الأقاليم، على أسس التنمية المكانية والجغرافية والسكانية والثقافية، وأيضا التخطيط الاقتصادي والاجتماعي. وتقسيم الدولة الي أقاليم هو أسلوب شائع في  أغلب الدول الحديثة، مثل الولايات المتحدة, وبريطانيا, وكندا, وألمانيا, وسويسرا, وإيطاليا, والبرازيل, والهند, ومصر, والجزائر, والمغرب, وتونس, وجنوب إفريقيا.

 كيفية توزيع الثروات؟
         بداية لابد من التأكيد على أن السلطة والثروة وجهان لعملة واحدة, وأن كل الثروات الطبيعية (المعروفة منها والغير معروفة) هي ملك للشعب الليبي في كل الأقاليم والمناطق. ولكي يتحقق التوزيع المناسب والعادل لهذه الثروات الوطنية لابد من القيام بالآتي:


أولا: قيام الحكومة المركزية بإدارة وتوزيع كل هذه الثروات.


ثانيا: دسترة المعايير والآليات الضرورية لتوزيع هذه الثروات على كل المواطنين بشكل منصف ومناسب. ويجب أن يكون من بين هذه المعايير والآليات الآتي:
)
أ) التوزيع على أساس عدد السكان.
)
ب) التوزيع على أساس الحاجة.
)
جـ) التوزيع على أساس المساواة.
(د) التوزيع على أساس درجة التهميش.
(هـ) التوزيع على أساس جبر الضرر.
(و) التوزيع على أساس الرقعة الجغرافية.
)
ز) التوزيع على أساس التنمية المكانية والبشرية.
)
ح) التوزيع على أساس متطلبات توطين المشاريع الوطنية.
)
ط) التوزيع على أساس المنافسة بين الوحدات المحلية.
(ك) التوزيع على أساس أي معايير آخري يراها المشرع ضرورية, ويحدد كل ذلك بقانون.

 

ثالثا: ضرورة دسترة أهم الموارد الخاصة بتمويل وحدات السلطة المحلية. ولعل من أهم الموارد والمساعدات التي تخص الوحدات المحلية الآتي:


1. الموارد التي تعود لوحدات المحلية بفعل المخصصات الدســتورية. ويحدد  القانون المبادئ والقواعد والإجراءات الهادفة لضمان الاستخدام الصحيح  والعادل لهذه الموارد.
2. المصادر المالية من المعونات والمخصصات التي تُرصد للوحدات المحلية كحصة من الموارد والضرائب الوطنية.


3. الموارد الذاتية والناتجة عن رسوم استعمال ممتلكاتها الخاصة والخدمات التي تقدمها للمواطنين المقيمين فيها.


4. الغرامات والعقوبات التي تفرضها الوحدات المحلية على المخالفين للوائحها وإجراءتها.


5. الضرائب والرسـوم والمساعدات الاخري التي تُخصص للوحدات المحلية بقانون وطني.

 

الخـاتمـة                                                                                                                       في اعتقادي، إن "نظام السلطة المحلية" سيعمل على الجمع بين عاطفتي الوحدة والاستقلال معاً. فهو من جهة يحقق عاطفة الوحدة الوطنية، وذلك بالتأكيد على وحدة الدولة، والمحافظة على سيادتها والإجماع على هويتها الوطنية الواحدة. ومن جهة أخرى يحقق عاطفة الاستقلال، وذلك بوجود درجة كبيرة من الاستقلالية المحلية في كل ماهو شأن داخلي للوحدات المحلية، وبذلك سيكون لكل وحدة محلة سلطات أكبر فيما يتعلق بشؤونها مثل الخدمات المدنية والاجتماعية والصحية والتعليمية والأمنية وغيرها.

         وحتى لا يكون اقتراح تقسيم الدولة إلى ثمان (8) ولايات مجرد قرار سياسي، فوقي، سلطوي، وغير عادل، لابد أن يقوم هذا التقسيم على أساس فكرة الدولة الموحدة والمتعددة الولايات (او المحافظات)، وأن يسعى المواطنون في هذه الدولة لإيجاد حلول ومعالجات جديدة، وبنظرة واقعية وسياسية واقتصادية لكل القضايا المحلية والوطنية. وأن ينظر لقكرة السلطة المحلية كــ "سلطة رابعة" في الدولة - بالإضافة إلى السلطات الثلاث الأخرى: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية. إن اعتبار السلطة المحلية سلطة رابعة سيقود حتماً إلي نجاح الدولة وأزدها، وستتحقق بذلك أغراض عديدة لعل من أهمها:


1. توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات السياسية بين جميع مُكونات النظام.


2. دارة التنوع في الدولة بنجاح، وذلك بالتوزيع العادل واعتماد مبدأ التنوع  من خلال الوحدة.


3. تحقبق وضمان وحدة الدولة ومنع هيمنة السلطة المركزية على الشؤون المحلية.


4. السماح بانتخاب المسؤولين المحليين بدلا من تعيينهم من السلطة المركزية.


5. خلق توازن وتكامل بين المستويات الثلاث: المركزي والمناطقي والمحلي في الدولة.

 

         ختاما، يمكن القول وباختصار شديد، أن أسلوب السلطة المحلية هو النظام الذي يجمع بين مصطلحي الإدارة والحكم في النظام اللامركزي المتوازن، وهو نموذج للسلطة الأمثل والأنسب للواقع الليبي ووحدة الوطن، وخصوصا في هذه الظروف الحرجة التي تمر بها بلادنا.

أخيرا لا تنسوا يا أحباب بأن هذا مجرد اقتراح اعتقد أنه الصواب        

فمن أتى باقتراح أحسن منه قبلناه ومن أتي باقتراح يختلف عنه احترمناه.  

 أدعو الله عز وجل أن أكون قد وفقت في المساهمة 

في إعادة بناء دولتنا الدستورية الثانية.

والله المســتعان.

=========

المراجع:

الدكتور احمد صقر عاشور "الإدارة العامة ، مدخل بيئي مقارن " دار النهضة العربية للنشر، بيروت ، 1979
الدكتور سلمان محمد الطماوي "الوجيز في نظم الحكم والإدارة " دار الفكر العربي للنشر، القاهرة ، 1962 الدكتور عبد الرزاق الشيخلي " الإدارة المحلية ، دراسة مقارنة " جامعة مؤتة ، الأردن ،2001 .
عبد الرزاق ابراهيم الشيخلي " الإدارة المحلية في العراق ، عملياتها واتجاهاتها ودورها في التنمية " رسالة ماجستير – الجامعة الأميركية ، بيروت ،1969 الدكتور عبد القادر الشيخلي " نظرية الإدارة المحلية والتجربة الاردنية " المؤسسة العربية للدراسات والنشر، عمان ، 1982
الدكتور علي عبد العليم محجوب " الإدارة العامة وتنمية المجتمع " مركز تنمية المجتمع في العالم العربي سرس الليان ، 1962
جلال كاساني, "مفهوم الإدارة المحلية و مقوماتها الإدارية للدولة الحديثة," سبتمبر 8, 2018 https://radio-onefm.com/
الدكتور محمد حسنين عبد العال " اللامركزية المحلية " معهد الإدارة العامة ، الرياض ، 1398 هــ
الدكتور محمود عاطف البنا " نظم الإدارة المحلية " مكتبة القاهرة المدنية ،القاهرة 1968
د. أحمد السيد الدقن, "الأسس الحديثة للإدارة المحلية, أستاذ الإدارة العامة والمحلية المشارك بكلية العلوم الإدارية, وخبير الإصلاح الإداري والإدارة الاقتصادية - أكاديمية السادات للعلوم الإدارية, 01- 09- 2012 http://www.nashiri.info/articles/business/5215-2012-08-27-12-01-52.html
دستور المملكة الليبية, قبل التعديل في عام 1963.



_______________________________

محمـــد عبـد الرحمــن بالـرويــن

أمرتس بروفسور في العلوم السياسية والإدارة (2013 --)

رئيس قسم العلوم الاجتماعية بجامعة تكساس أي أند أم أنترتاشنال (2008 – 2011)

ممثل دائرة مصراتة في الهيئة التاسيسية لصياغة مشروع الدستور

berween@gmail.com

20 – 10 - 2019

أخر مقالات نشرتها