Monday, December 05, 2016


مقـارنـة "باب الحكم المحلي“ بين الدستور التونسي و"مشروع" مجموعة من أعضاء الهيئة:
[إساءة فهم .. أم .. مُقارنة خاطئة]

د. محـمد بالرويـن



ليبيا: الباب السادس
الحكم المحلي

تونس: الباب السابع
السلطة المحلية


المادة (154) : يقوم الحكم المحلي على أساس اللامركزية الموسعة. وتلتزم الدولة بدعمها في إطار وحدة البلاد.

الفصل 132 - تقوم السلطة المحلية على أساس اللامركزية. تتجسد اللامركزية في جماعات محلية، تتكون من بلديات وجهات وأقاليم، يغطي كل صنف منها كامل تراب الجمهورية وفق تقسيم يضبطه القانون. يمكن أن تحدث بقانون أصناف خصوصية من الجماعات المحلية


المادة (156) : تتمتع وحدات الحكم المحلي بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي. وتدار المصالح المحلية       وفق مبدأ التدبير الحر.

الفصل 132 - تتمتع الجماعات المحلية بالشخصية القانونية، وبالاستقلالية الإدارية والمالية، وتدير المصالح المحلية وفقا لمبدإ  التدبير الحر


المادة (157) : يتم اختيار مجالس المحافظات والبلديات بالانتخاب العام الحر السري المباشر، ويراعى في تشكيل مجلس المحافظة  تمثيل البلديات الواقعة في نطاقها. وذلك وفق ما ينظمه القانون.


الفصل 133 - تدير الجماعات المحلية مجالس منتخبة. تنتخب المجالس البلدية والجهوية انتخابا عاما حرا مباشرا سريا نزيها وشفافا
تنتخب مجالس الأقاليم من قبل أعضاء المجالس البلدية والجهوية. يضمن القانون الانتخابي تمثيلية الشباب في مجالس الجماعات المحلية

المادة (158) : تتمتع وحدات الحكم المحلي بصلاحيات ذاتية وصلاحيات منقولة من السلطة المركزية وصلاحيات مشتركة معها. على أن توزع الصلاحيات المشتركة والصلاحيات المنقولة استنادا إلي مبدأ التفريع. وتختص الوحدات المحلية   بإصدار التشريعات اللائحية. وذلك كله وفق ما يحدده القانون.

الفصل 134- تتمتع الجماعات المحلية بصلاحيات ذاتية وصلاحيات مشتركة مع السلطة المركزية وصلاحيات منقولة منها. توزع الصلاحيات المشتركة والصلاحيات المنقولة استنادا إلى مبدإ التفريع.
تتمتع الجماعات المحلية بسلطة ترتيبية في مجال ممارسة صلاحياتها، وتُنشر قراراتها الترتيبية في جريدة رسمية للجماعات المحلية











المادة (159) : للمحافظات والبلديات موارد مركزية تتفق مع القدر اللازم لقيامها باختصاصاتها، وموارد ذاتية من رسوم وجزاءات وضرائب ذات طابع محلي وعوائد استثماراتها وما تتلقاه من هبات ووصايا وما تحصل عليه من قروض وأي عوائد أخرى يحددها القانون. [وتضمن الدولة التوازن المالي بين وحدات الحكم المحلي بما يكفل التضامن بينها. وكل اختصاص منقول لوحدات الحكم المحلي من السلطة المركزية يكون مقترنا بما يناسبه من موارد مالية] (من الفصل 136). [ولوحدات الحكم المحلي، في إطار الميزانية المصادق عليها، حرية التصرف في مواردها حسب قواعد الحوكمة الرشيدة] (من الفصل 137).
الفصل 135 -  للجماعات المحلية موارد ذاتية، وموارد محالة إليها من السلطة المركزية، وتكون هذه الموارد ملائمة للصلاحيات المسندة إليها قانونا
كل إحداث لصلاحيات أو نقل لها من السلطة المركزية إلى الجماعات المحلية، يكون مقترنا بما يناسبه من موارد. يتم تحديد النظام المالي للجماعات المحلية بمقتضى القانون.

الفصل 136 - تتكفل السلطة المركزية بتوفير موارد إضافية للجماعات المحلية تكريسا لمبدإ التضامن وباعتماد آلية التسوية والتعديل. تعمل السلطة المركزية على بلوغ التكافؤ بين الموارد والأعباء المحلية. يمكن تخصيص نسبة من المداخيل المتأتية من استغلال الثروات الطبيعية للنهوض بالتنمية الجهوية على المستوى الوطني.

الفصل 137 - للجماعات المحلية في إطار الميزانية المصادق عليها حرية التصرف في مواردها حسب قواعد الحوكمة الرشيدة وتحت رقابة القضاء المالي

المادة (160) : تخضع وحدات الحكم المحلي فيما يتعلق بشرعية اعمالها للرقابة اللاحقة.
                                                                      الفصل 138 تخضع الجماعات المحلية فيما يتعلق بشرعية أعمالها للرقابة اللاحقة.

المادة (163) : تعتمد وحدات الحكم المحلي التدابير اللازمة لضمان مساهمة المواطنين ومنظمات المجتمع المدني في اعداد برامج التنمية المحلية ومتابعة تنفيذها وفق الضوابط التي يحددها القانون.


الفصل 139 تعتمد الجماعات المحلية آليات الديمقراطية التشاركية، ومبادئ الحوكمة المفتوحة، لضمان إسهام أوسع للمواطنين والمجتمع المدني في إعداد برامج التنمية والتهيئة الترابية ومتابعة تنفيذها طبقا لما يضبطه القانون

المادة (162) : لوحدات الحكم المحلي إقامة شراكات بينية، وفقا لمبدأ التكامل، لتنفيذ برامج أو انجاز أعمال ذات مصلحة مشتركة، ولها إقامة مناطق اقتصادية فيما بينها. كما لها بالتنسيق مع السلطة المركزية إقامة علاقات خارجية للشراكة والتعاون بما يخدم التنمية. وذلك كله    وفق الضوابط والاجراءات التي يحددها القانون.

الفصل 140 - يمكن للجماعات المحلية أن تتعاون وأن تنشئ شراكات فيما بينها لتنفيذ برامج أو إنجاز أعمال ذات مصلحة مشتركة
كما يمكن للجماعات المحلية ربط علاقات خارجية للشراكة والتعاون اللامركزي. يضبط القانون قواعد التعاون والشراكة.










                                                                         المادة (164) يستحدث مجلس يسمى المجلس الأعلى للحكم المحلي يتكون من المحافظين. ويتولى المهام الآتية:
1.      إبداء الرأي في مشاريع القوانين المتعلقة بالتخطيط والميزانية والمالية المحلية وأي قوانين أخرى متعلقة بالحكم المحلي. وله تقديم مقترحات قوانين بشأنها.
2.      تعزيز التنسيق والتعاون بين وحدات الحكم المحلي فيما بينها ومع الجهات التنفيذية المختصة.
3.      تسوية الخلافات بين وحدات الحكم المحلي.
و يكون مقر المجلس  مدينة سبها ويجوز له أن يعقد اجتماعاته في أي مكان آخر في البلاد. وينظم بقانون.

                              
الفصل 141 - المجلس الأعلى للجماعات المحلية هيكل تمثيلي لمجالس الجماعات المحلية مقره خارج العاصمة. ينظر المجلس الأعلى للجماعات المحلية في المسائل المتعلقة بالتنمية والتوازن بين الجهات، ويبدي الرأي في مشاريع القوانين المتعلقة بالتخطيط والميزانية والمالية المحلية، ويمكن دعوة رئيسه لحضور مداولات مجلس نواب الشعب. تضبط تركيبة مجلس الجماعات المحلية   ومهامه بقانون.






المادة (161) : يكون تدخل السلطة التنفيدية إلا لضمان أستمرارية المرفق العام وبمراعات المعايير الوطنية وفق الدستور والقانون.
ويختص القضاء بالفصل في أي نزاع يقوم بين وحدات الحكم المحلي والسلطات المركزية او فيما بينها.

الفصل 142 - يبت القضاء الإداري في جميع النزاعات المتعلقة بتنازع الاختصاص التي تنشأ فيما بين الجماعات المحلية وبين  السلطة المركزية والجماعات المحلية

المادة (155) : مستويات ومعايير الحكم المحلي
تقسم الدولة إلي محافظات وبلديات ومستويات إدارية أخرى وفق مقتضيات الأمن الوطني والموازنة بين معايير السكان والمساحة ووحدتها الجغرافي والعوامل الاقتصادية والتاريخية , وبما يحقق العدالة الاجتماعية والسلم والوئام المجتمعي والتنمية , مع مراعاة الكفاءة والفاعلية. ويجوز إنشاء وحدات إدارية أخرى, إذا اقتضت المصلحة العامة,  وذلك كله وفق ما يبينه القانون.



بعد قراءة هذه الابواب ومقارنتها ببعضها البعض, يحق للقاري الموضوعي أن يسأل:        هل يوجد  تشابه بين الدستور التونسي ومشروع هذه المجموعة؟!! وعلي أي أسس 
تم هذا التشابه؟ وما هي مُبررات ذلك؟

 الحقيقة الواضحة من هذا العرض المُختصر ان كل المواد في مشروع أعضاء الهيئة      (الا المادة 155) قد تم أقتباسها (بتصرف وإعادة صياغة) من الدستور التونسي!!!       فهل هذا هو المقصود بالتوافق الذي تم بين اعضاء هذا المجموعة؟!!!  



بعض الحقائق والملاحظات المهمة:

من هذه المقارنة البسيطة يمكن للمرء إستخلاص مجموعة من الحقائق والملاحظات التي  لعل من أهمها الآتي:

أولا: الحقيقة المهمة والتى لابد ان يدركها الجميع هي, أذا كانت جمهورية تونس لم تنجح في تطبيق نصوصها الدستوري على أرض الواقع حتى الان؟ فهل من المناسب والمُفيد لشعبنا ان يُقلد تجربة لم تنجح بعد؟!! وهل يُعقل ان نترك التجارب الناجحة ونُُقلد تجربة لا تزال في مرحلتها النظرية وواقعها ومُعطياتها تختلف عنا في كثير من الأمور... أليس من الاجدى والأحسن (أذا أردنا التقليد) تطبيق تجربتنا الناجحة في الحكم المحلي    والتى أستمرت من 1963 الي بداية التسعينات. 

ثانيا: الملاحظة الثانية هي ان هناك مصطلحات ومبادي عديدة تم ذكرها في مشروع هذه المجموعة مثل:  الحكم المحلي“ و”اللامركزية الموسعة“ و”مبدأ التدبير الحر“ و”مبدأ التفريع“ لم يردْ تعريفها بدقة في هذه النصوص الدستورية. وهي مفاهيم عامّة ومفتوحة وعرضة للاجتهادات المختلفة. وستظهر من خلالها العديد من ”إشكاليات تنازع الاختصاصات.“ ولن يستطيع القضاء (ولا اي سلطة أخري) حل هذه الإشكاليات بإسلوب عادل للجميع.

ثالثا: لا يوجد وضوح كافي, في مشروع هذه المجموعة, للعلاقات بين مستويات الحكم المحلي المختلفة وعلاقتها بالسلطة المركزيّة. فعلي سبيل المثال أعتمد مشروعهم في تنظيمه اللامركزي علي ”الأقاليم التاريخية“ في توزيع مقاعد البرلمان! ولكن لم يتم تحديد دورها الاداري ولا السياسي صراحة كما فعل  الدستور التونسي؟

رابعا: السلطة المحلية (في تونس) تقوم على أساس اللامركزية, وتتجسد اللامركزية في جماعات محلية، تتكون من بلديات وجهات وأقاليم.. فعلي أي أساس تقوم اللامركزية الموسعة في مشروع هذه المجموعة؟ ربما هنا سيقولوا لك: سينظم ذلك القانون؟!! وهذه هي الاشكالية .. بمعني "تسييس" القضية وليس "دسترتها!"

خامسا: عنوان الباب السابع (في الدستور تونسي) ”السلطة المحلية,“ بمعني هو بُعد آخر مُكمل لــ: ”السلطة التشريعية“ و“السلطة التنفيذية“ و“السلطة القضائية“ في الدولة التونسية. وهو وضع يمنح السلطة المحلية في تونس القوة القانونية اللازمة كباقي السلطات الثلاث... والسؤال هنا: الأخوة أصحاب مشروع هذه المجموعة قاموا بتغيير عنوان هذا الباب الي ”الحكم المحلي“ بدلا من "السلطة المحلية." فعلي أي أسس تم ذلك؟ وما هي المبررات التوافقية التى أقنعتهم بذيك؟!! وهل يعلم الأخوة أصحاب مشروع هذه المجموعة ان مصطلح ”الحكم المحلي“ هو أخطر وأكثر تعقيدا من مصطلح ”السلطة المحلية“ وخصوصا في الدولة الموحدة؟ 

سادسا: هل يعلم الأخوة أصحاب مشروع هذه المجموعة ان مصطلح ”اللامركزية“ في حد ذاته لا يضمن إدارة أفضل للحكم, بل في الواقع قد يخلق من المشكلات أكثر مما يحل!... وأن اللامركزية قد تُشكل خطرًا على ”الوحدة الوطنية“ لأنها تُضعف ”الولاء للدولة،“ وتشجع ظهور حركات جهوية وانفصالية... وهل يُذرك أصحاب هذا المشروع أن مفهوم ”اللامركزية“ يقوم في الاساس علي ثلاث ركائز تعتبر أخطر من الركائز التي  يقوم عليها مفهوم ”المركزية.“ وهذه الركائز هي: ”التفكيك .. والتفريع .. والتدبير.“ وهل يعلم هؤلاء السادة انهم بإضافة مصطلح "الموسعة" للامركزية قد أصبحت أكثر تعقيدا وغموضا في دولة بسيطة لا تستحق كل هذا التعقيد.
 
سابعا: هل يعلم الاخوة أصحاب هذا المشروع ان أسلوب اللامركزي في الحكم لن يكتب له النجاح الا اذا أستند بالدرجة الاولي علي مبدأ ”علوية الدستور واحترام القوانين.“ ولكن للإسف الشديد فإن هذا المبدأ المهم والضروري لم يتم حتى الأشارة اليه ولا التأكيد عليه في مشروع هذه المجموعة... والسؤال لماذا؟!! 
ثامنا: ان السؤال المهم الذي لم يجب عليه هذا مشروع هذه المجموعة هو: من سيتول السلطات الغير مذكورة في الدستور؟ الحقيقة ان السلطات المتعلقة بالمسائل التى لم يُعهد بها هذا ”المشروع“ للحكومة المركزية, وأيضا السلطات التى لم تُذكر في هذا ”المشروع,“ ليس معروف من سيتولها؟!!! وهنا أيضا سيقولوا لك: سيحدد دلك القانون!! وهنا سيكون مكمن الخطر خصوصا عندما تقوم اللامركزية علي مبدئي – التفريع  والتدبير الحر. 

فهل يعلم السادة أصحاب هذا المشروع ان مبدأ التدبير الحر يقوم علي أسس لعل من أهمها: (أ) غياب التبعية بالنسبة للسلطات المركزية. و(ب) استقلالية الأجهزة التنفيذية المحلية وإلغاء كل أشكال الرقابة المتعلقة باختياراتها. وانه في الاصل يعتبر مبدأ من مبادى الحكم الذاتي.

وهل يعلم السادة أصحاب هذا المشروع ان مبدأ التفريع يقوم علي أساس ان ما يستطيع الأدنى القيام به يترفع عنه الأعلى، و ما يعجز عنه الأدنى يتولاه الأعلى. بمعني ان الاصل والمرجع هو الفرع (وليس المركز) هو الاصل. كل هذا سيقود حتما في هذا الوضع الي إضعاف التنسيق بين المركز والسلطات المحلية وأيضا إضعاف تنفيذ السياسات العامة للدولة.

تاسعا وآخيرا: من المُحزن جدا ان أخوتنا أصحاب مشروع هذه المجموعة قد قاموا أقتباس (بتصرف) فصل كامل من الدستور التونسي (مع أحترامى لإخوتنا التوانسه), في الوقت الذي لم يقوموا فيه بأقتباس مادة    واحدة من دستور 1952 المُعدل في الـ 1963.

ختاما وبإختصار شديد فان الدولة الدستورية التى نحلم بها هي:
دولة تُجمع...لا... تُفرق...
دولة مُستقلة...لا... تابعة...
دولة جاذبة...لا... طاردة ...
دولة تُعلم...لا... تُجهل...
دولة مؤسسات...لا... قبائل وعائلات... 
دولة تسمو فيها الشريعة.. ويحكم فيها قانون.
وفوق هذا وذاك... دولة تقوم علي الاحترام .. لا.. علي الخوف

اخيرا لا تنسوا يا أحباب بان هذا مجرد اجتهاد أعتقد انه الصواب                                      
فمن أتى باجتهاد أحسن منه قبلناه ومن اتي باجتهاد يختلف عنه أحترمناه... 
وبذلك أدعو الله أن أكون قد وفقت ...                                                                         
في المساهمة في إنجاح ثورتنا المباركة العظيمة 
وبناء دولتنا الدستورية الثانية. 
والله المستعان.

د. محمـد بـالرويـن
berween@hotmail.com 
mohamedberween.blogspot.com
http://mohamedberween.wordpress.com








No comments:

Post a Comment

أخر مقالات نشرتها